مقالات

معاق قبل أن يولد!

صالح الغنام

من وجهة نظري, فإن القانون رقم 31 لسنة 2008 بشأن الفحص الطبي قبل الزواج, هو من أفضل وأنجح القوانين التي صدرت بتوافق السلطتين التشريعية والتنفيذية, والجميل, أن الحكومة, ممثلة في وزارة الصحة, أولت عناية تامة لهذا القانون, وطبقته على أرض الواقع بشكل رائع, من خلال تدشين مراكز على مستوى راق ومريح لاستقبال المقبلين على الزواج, فضلا عن تزويد هذه المراكز بأفضل الكوادر الطبية, خُلُقا وتعاملا وتدريبا. وعلى أن هذا التميز يعتبر من النوادر الحكومية, إلا أن ما أكتبه هنا, هو شهادة حق, وصلتني من عدد متراكم من “المعاريس”, أوصوني بإيصالها, وها أنا افعل!

الشاهد, أن لقانون الفحص الطبي قبل الزواج, أبعادا حضارية تبين اهتمام الدولة بصحة المجتمع والأجيال القادمة, إلا أن الحلو صعب اكتماله, فالقانون لم يفرض على الجهات المختصة عدم إتمام زواج من يثبت الفحص الطبي أن زواجهم “غير آمن”, وأن أطفالهم من المحتمل, إصابتهم بأمراض وراثية تتسبب بإعاقتهم ذهنيا أو عضويا. وإنما ترك الباب مواربا, وسمح لمن زواجهم غير آمن, تقرير مصيرهم بأنفسهم, حتى بعد معرفتهم, وتأكدهم من أن ذريتهم لن تعيش حياة طبيعية, وإنما سوف تقاسي مستقبلا هم وذووهم, ويعيشون سويا رحلة عذاب طويلة, لن تنتهي إلا برحمة الله تعالى!

بالطبع, قد يستنكر البعض منكم تدخل الدولة في شأن خاص يتعلق بشخصين مقبلين على الزواج, ولكن لو تفكرنا للحظة, سنجد أن الدولة هي من سيتورط بثمرة الزواج غير الآمن, لذلك, لا يمكن لها, أو للمجتمع, هدر الموارد العامة, وإثقال كاهل الجهات المعنية برعاية المعاقين, بمعاقين جدد, فقط من أجل مسايرة رغبات أشخاص, كابروا, وعاندوا, وأصروا على إتمام زواج, أكدت نتائج الفحوصات الطبية, أن زواجهم غير آمن, وأنهم سينجبون أطفالا غير أسوياء!

الحل برأيي, يكمن في توقيع إقرار من قبل المقبلين على الزواج غير الآمن, يتعهدون فيه بإعفاء الدولة من أي التزام تجاه أبنائهم الذين قد يولدون معاقين, وأن الزوجين – الأب والأم – سيتكفلان من حر مالهما بجميع مصاريف علاج أبنائهم, ويتحملان نفقات تعليمهم ورعايتهم, وأنهما, متنازلان طوعا, وبملء إرادتهما, عن أي مزايا أو حقوق وردت في القانون الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة.

هذا هو الحل برأيي, فإن رفض المقبلون على الزواج غير الآمن هذا المقترح, فاعلموا, أنهم يتمنون – مع سبق الإصرار والترصد – أن يرزقهم الله بابن معاق, كي يتكسبوا ويستفيدوا من المزايا العظيمة التي تمنحها الدولة للمعاق وذويه, ومنها: القرض الاجتماعي, زيادة علاوة الابن المعاق, بدل خادم أو سائق, معاش المعاق فوق سن ال¯ 18 عاما, تقاعد مبكر لولي أمر المعاق, راتب لأم المعاق, تخفيف ساعات العمل, أولوية الرعاية السكنية, منحة من بنك الائتمان, بعثات دراسية, دعم تعليمي, وبس… والله سبحانه أعلم بالنوايا!

salehpen@hotmail.com

“السياسة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.