
سنة المزارع
على نمط سنة الطفحة، وسنة الهدامة، وسنة الجراد، وسنة الطاعون، وسنة الغزو، تأتي سنة المزارع وهي سنتنا هذه التي تم فيها توزيع أراض مساحتها 50 ألف متر مربع على مجموعة مختارة ومنتقاة من المواطنين الكويتيين المقربين من أصحاب الحظ والحظوة، الأمر الذي أثار غيرة وحسد وغضب واستهجان باقي أبناء الشعب الكويتي، خاصة من ينتظر منهم بيتا حكوميا أو أرضا لا تتعدى مساحتها 400م2 من أجل بناء منزل يضمه هو وزوجته وأبناءه،
يغنيه عن دفع نصف راتبه ايجارا شهريا لشقة أو دور أو حتى ملحق يعيشون فيه، ولمدة تتعدى الخمسة عشر عاما. أبناء الشعب الكويتي وهم يسمعون عن أراض شاسعة تملكها الدولة وتتطاير منها بأوراق لتحط في أحضان أشخاص معينين ينقسمون في مشاعرهم وردود أفعالهم في هذا الموضوع الى قسمين، الأول راض بوضعه، يتميز بالرضا والقناعة، وحكمته الدائمة (منو أخذ معاه شي لما مات)، وهؤلاء هم القسم أو الجزء الطيب من الكويتيين الذين لا يفكرون في الاعتراض، أو في عمل مشاكل في البلد، وان شعروا بالظلم وعدم المساواة، رأيهم في ذلك ان الانسان لا يأخذ الا ما كتب له من رب العزة،
على أساس ان ما كان لك لن يأخذه غيرك، وما ليس لك لن تطوله يدك، وأنه لو جريت جري الوحوش غير رزقك ما تحوش، وهؤلاء هم الصامدون أمام الاضطرابات النفسية والتشنج العصبي وعوار القلب، أما القسم الآخر من المواطنين الكويتيين فالوضع معهم مختلف كليا، فهم لم ولن يرضوا بأقل من اعلان حرب كلامية مستعرة يعبرون فيها عن مشاعرهم الغاضبة وهذا ما كان حيث انطلقت المعركة عبر مواقع التواصل الاجتماعي،
وأيضا في الدواوين. بالنسبة لي لا أعرف الحكمة أو الرشد في التفريق بين المواطنين بهذه الصورة الخطيرة، الفاقدة للرؤية والبصيرة، فتصرف مثل هذا ينشر روح الكراهية والحسد بين أبناء المجتمع الواحد، هذا أولا، ومن ناحية ثانية يرفع من درجة الأحقاد ضد الحكومة في صدور هي في الأساس متضخمة ومتورمة بما تحمل من غضب وعدم رضا عن الأوضاع في الديرة، على حق كانت أو على باطل،
فالحال سيان. يبقى القول اننا في الكويت عندنا جمعيات، ولجان، ومؤسسات رقابية المفروض أنها عاملة، وفعالة وبامكانها ان تعدّل أي وضع مائل، فهناك جمعية للشفافية، وهيئة لمكافحة الفساد، ولجنة للقيم، ومع ذلك لا نرى تغييرا على أرض الواقع، ما يجعلنا نعيش شكوكا مستمرة، فاما ان يكون هناك فساد في البلد ولابد من ايقافه ومن أجل ذلك وجدت تلك الجهات، أو لا يوجد فساد كبير، بالتالي لا داعي لوجودها، لأنه سيكون شكليا أو صوريا عاجزا حتى عن بلّ الريق، فأيهما يا ترى الصحيح؟!
عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw
“الوطن”



