الإصلاح.. كذبة أم حقيقة؟!
حسن الهداد
لاشك أننا كمجتمع في الآونة الأخيرة نعيش حماس مصطلح الإصلاح لغوياً فحسب، ما دامت ممارسته الجماعية في المجتمع غائبة على أرض الواقع.. أليس الإصلاح هو نقيض الإفساد؟!
هنا لابد أن نطرح تساؤلاً يتناسب مع واقعنا، هل هوس الإصلاح الذي دائماً نجد المجتمع يعزف على أوتاره، ويتراقص على أنغامه، هو مطلب حقيقي لإصلاح زوايا الفساد التي ما زلنا نعاني منها، التي باتت أشهر من أن ترسم لوحتها الفوضوية، وجاءت نتيجة تخبط جماعي؟! أم أن المسألة مجرد شعار نمارس رياضته كنوع من أدوات الابتزاز، ينشط متى ما انخفضت لياقته التي تمس مصالحنا الخاصة؟!
الآن لابد أن نسأل أنفسنا سؤالاً مهماً، هل طبيعتنا إصلاحية أم فوضوية أم انتقامية، أم أننا مع الخيل يا شقرا؟! الإجابة اتركها لكم كـقراء، وحتى يحصل عليها الجميع بوضوح ما عليكم إلا أن تجيبوا عن تلك الأسئلة التي ستكشف سر الإصلاح الحقيقي من عدمه.
– ما الأهم بنظركم.. الولاء القبلي والطائفي والعائلي أم الولاء الوطني؟ وهل تستطيع أن تُترجم ولاءك الوطني أمام فوضى التعصب القبلي والطائفي والعائلي؟!
– نأتي إلى الصوت الانتخابي.. هل تمنح صوتك الانتخابي إلى الكفاءة؟ أم أنك لا تستطيع أن تتجاوز العرف الاجتماعي «ابن قبيلتي أولى! ابن طائفتي أولى! ابن عائلتي أولى!»؟!
– نأتي إلى نائبب مجلس الأمة.. هل يستطيع أن يحارب الفساد بمسطرة واحدة، أم أن هناك حدودا لا يستطيع تجاوزها مادام الفاسد هو «ابن عم أو داعم مالي أو متعهد انتخابي»؟!
– نأتي إلى الواسطة وبلاويها.. إذا أتاك منصب بالواسطة، رغم أن هذا المنصب يستحقه شخص آخر، فهل ستقبله أم ستحترم من يستحق هذا المنصب؟!
– نأتي للتعليم ومصائبه.. إذا جاءت لك فرصة على أن تحصل على شهادة مضروبة تتيح لك فرصة وظيفية جيدة فهل ستقبل بها، وكأن الأمر طبيعي أم سترفضها؟!
– نأتي إلى رجال الأمن.. على سبيل المثال إذا وجدت في ضبطية معينة أحد أقاربك أو أحد معارفك مروج مخدرات فهل ستتركه أم ستطبق عليه القانون وتضبطه للعدالة؟!
– نأتي للرشاوى.. إذا كنت موظفاً في أحد المراكز الحيوية لإنجاز المعاملات، وعرضت عليك رشوة من المال مقابل تمرير معاملة غير قانونية.. فهل ستقبلها أم ستبلغ الأمن على الراشي؟!
– إذا كنت معلماً في مدرسة أو أستاذا في الجامعة.. فهل ستعامل كافة الطلبة على مبدأ واحد، أم سيكون للأقارب والأصدقاء معاملة خاصة لمنح أبنائهم درجات مرتفعة، وذلك نتيجة العلاقات الاجتماعية؟!
– نأتي إلى الدوام.. هل أنت من الملتزمين بساعات الدوام أم أنك تبحث عن دوام «فلاتي» دوام يوم بالشهر.. وفي هذا اليوم تأتي وتغني بالإصلاح؟!
– نأتي للمزارع والجواخير والشاليهات.. هل حصلت على المزرعة أو الجاخور أو الشاليه من حر مالك، أم أن قيمتها الحقيقية كانت الواسطة.. هل مزرعتك للزراعة وجاخورك لتربية الأغنام، أم كل ما في القصة أنها مجرد مسميات لمنتزهات ترفيهية تم الحصول عليها بشكل غير قانوني؟!
– نأتي إلى الجنسية.. هل أنت مؤيد لمنحها للمستحقين من «البدون» بغض النظر عن مذاهبهم، أم فقط تحللها لجماعتك وترفضها عمن يخالفك في المذهب والعادات والتقاليد؟!
– نأتي إلى دور العبادة.. هل أنت مع حرية الأديان وممارسة الناس لشعائرهم الدينية، ومع بناء دور عبادة لهم ولو خالفوك التوجه، أم ستعتبرهم خارجين عن الدين ولا يجوز منحهم حقوقهم؟!
الأسئلة التي تجول في خاطري كثيرة جداً ولكنني أكتفي بهذه الأسئلة التي حرصت على تبسيطها لنعرف حقيقتنا، ولو مع النفس فحسب.. هل نحن مجتمع قابل للإصلاح أم نمارس الإصلاح كموضة؟!
وهنا لابد أن نفرق بين الإصلاح الحكومي والإصلاح المجتمعي، أنا هنا أتحدث فقط عن الإصلاح المجتمعي الذي من خلاله ترتقي الدول، ويعمل على إصلاح الاعوجاج في كل زوايا مؤسسات الدولة.
قد يأتي شخص يقول كلامك صحيح، ولكن فوضى المجتمع جاءت نتيجة عدم تطبيق القانون من الحكومات.. وأنا هنا لي رأي بأن الحكومات لا تربي المجتمعات بل المجتمعات الحية الإصلاحية هي من يعدل اعوجاج حكوماتها بالممارسات الإيجابية، وهي نوع من المعارضة الحقيقية.
“الكويتية”