سحب الروح!
صالح الغنام
سحب الجنسية أو إسقاطها, هو قرار قاس جدا, جدا, جدا, وعقوبة لا تماثلها في الأذى والأثر عقوبة أخرى, ولو خُير رب الأسرة بين سحب روحه أو سحب جنسيته هو ومن كسبها معه بالتبعية, لاختار الأول, ففقدان حياة شخص واحد, أهون ألف مرة من بهدلة أسرة بأكملها وتدمير مصيرها. وبصرف النظر عن أسباب المراسيم التي صدرت بسحب جنسيات البعض, ومدى استحقاقها ووجاهتها وقانونيتها ومواءمتها السياسية, فالرسالة شديدة اللهجة التي وجهتها الحكومة للجميع, هو أنها ليست “قليلة شر”, وإنها لو شاءت, لطحنت أكبر “نعرة” في أعند رأس, ولنتفت أطول شارب في أعرض وجه.
رسالة الحكومة هذه, على ما فيها من قوة وغلظة وشدة وجسارة, إلا أنها تدين الحكومة, وتضعها في موقف حرج للغاية. فمنذ أبد الدهر, والجميع يتهم الحكومة بالضعف والرخاوة والليونة وعدم القدرة على الإمساك بزمام الأمور, بدليل, حالة الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد, وعدم ضبط المستهترين في الشوارع والمجمعات التجارية, وتسيب الموظفين في وزارات الدولة, وتفشي الرشوة والواسطة والمحسوبية والشللية في الدوائر الحكومية, وغيرها من مظاهر فاسدة جعلت بلادنا تتصدر أسوأ المراكز في مؤشرات الشفافية ومدركات الفساد!
اليوم, وبعد أن أظهرت الحكومة نابها الأزرق, وأقدمت على اتخاذ أقسى عقوبة رادعة وردت في قوانين دول العالم أجمع. فلا عذر لها إن هي تراخت وعادت إلى أسلوب “اليد المرتعشة” وأحجمت عن معاقبة المتسيبين والفاسدين وغير المنضبطين في الدوائر الحكومية كافة. فمن جهة الثواب, فالحكومة سخت وبذخت في الرواتب والزيادات والمكافآت, ومع ذلك, اقتربت محصلة الإنتاج من الرقم “صفر”, والآن, حان موعد العقاب, وكما أن مراسيم سحب الجنسية من بضعة أشخاص, أشاع جوا من الحذر والالتزام, فكذلك سيكون الأثر العام لتطبيق قوانين وقرارات مجلس الخدمة المدنية على المتراخين من الموظفين, حتى وإن كانوا قلة… بدأتم بما هو أكبر وأخطر وأعظم, فأكملوا بما هو أسهل وأيسر وأسلم!
salehpen@hotmail.com