سمو الرئيس.. لماذا هذا العقاب المفاجئ؟!
طالعتنا بالأمس بعض الصحف بعناوين تقول: «الحكومة بدأت بقرارات فرض «الهيبة»! وبدا رئيس الوزراء وكأنه حقق الانتصار الأمني لمواجهة الخروج عن القانون وذلك بسحب الجناسي عن بعض المحسوبين على أقطاب المعارضة ومنهم نائب سابق في البرلمان لأكثر من دورة!.
هذا هو الأمر «المضحك المبكي» فعلاً.. لأننا لو كنا حقاً ننشد مواجهة محاولات الخروج عن القانون والاصلاح، لكان أول قرار يجب اتخاذه هو اقالة رئيس مجلس الوزراء وحكومته، تلك الحكومة التي ستؤخذ بجريرته، لأننا نعلم ان ملف التجنيس كان بمثابة إحدى الطرق الصحيحة للاصلاح.. ورئيس الوزراء الحالي، ومنذ تسلمه مقاليد رئاسة الحكومة، فتح ملف التجنيس على مصراعيه ولأول مرة في المجلس المبطل الأول، وكان يعلم تماماً ما في هذا الملف من عدوان على القانون وانه ملف متخم بالفضائح والتزوير ولكنه لم يهتم، وكان هو الحامي لهذا الملف من خلال اهماله وبسبب حلفائه الذين انقلب عليهم هو اليوم، بعد ان شعر بخطورة وتحركات معارضيه، التي تهدد استمراره في منصبه.. نعم منصبه هو وللأسف ليس لخطورتها على الكويتيين.
نحن امام ملف يتم العبث فيه منذ سنوات عديدة، فلماذا أهمله سمو الرئيس طوال هذه الفترات التي شكل فيها 7 حكومات؟.
٭٭٭
كان واجباً ان هذا الملف حينما يفتح ان يفتح بشكل صحيح، وفي ظل رغبة الدولة في فتحه، بمعنى ان تكون هناك مسؤولية ومواجهة للفساد فيه، وأنت تحاسب كل المتطاولين على القانون من وزراء تجاوزوا على القانون دون مسؤولية، أو من أفراد، لا ان تنتظر سمو الرئيس وبالتعاون مع رئيس المجلس، الى ان تأتي النار بالقرب منكم ومن مناصبكم وتشعروا بها تهددكم وتلجأوا الى هذا الاجراء، والتي أريد لها ان تأخذ أبعاداً اعلامية لتحقيق بطولة زائفة مع الأسف!!.
لقد كتبنا مراراً في هذا الملف وعنه، وطرحنا تساؤلات مهمة وخطيرة تعددت وتكررت في أكثر من مقال، لأن الكارثة حقيقية وكبيرة.. وسأستعرض معكم بعض الأرقام المخيفة!!.
٭٭٭
أبعاد الفضيحة تتمثل في ما يلي.. وبالأرقام: (في منتصف 1990 بلغنا (580.694 نسمة) ثم قفزنا في عام 1999 الى (798.156 نسمة) أي بزيادة 210 آلاف نسمة، والمصيبة الآن أننا أصبحنا ومن واقع احصاء الهيئة العامة للمعلومات المدنية أمس (مليوناً و259 ألفاً و544 كويتياً)، أي اننا حققنا معدلات زيادة خلال 14 عاماً تبلغ (163.544 نسمة).. كيف يحدث ذلك؟ هذه كارثة حقيقية! فأي مجتمعات هذه التي يطرأ عليها مثل تلك الزيادات بحيث تصل الى هذه الأرقام! ان نسبة الزيادة السنوية من خلال المواليد المطروحة من عدد الوفيات تبلغ %3.3، فهل هذه المعدلات وهذه الزيادات عملية طبيعية؟! وهذا ما أكدته النائبة السابقة صفاء الهاشم في استجوابها لوزير الداخلية السابق عندما قارنت بين ما تم توزيعه من أموال المنحة الأميرية للمواطنين وبين آخر احصائية أصدرتها المعلومات المدنية آنذاك، وكانت المفاجأة الصادمة ان هذه الاحصائية تبين ان هناك زيادة 63 ألف جنسية وزعت كمنحة غير مذكورة في احصائيات المدنية، كيف تم ذلك؟! في الوقت الذي لم تصدر في الجريدة الرسمية المعتمدة من الدولة منذ الخمسينيات الى وقتنا الحالي أي مراسيم لتجنيس سوى 40 ألف متجنس فقط!.
٭٭٭
ولأن هذا الملف متخم ويزكم الأنوف ففي عام 2007 تم اكتشاف مجموعة من المزورين ويبلغ عددهم حوالي 12 موظفاً كانوا يعملون في ادارة الجنسية وقد ارتكبوا المخالفات الصارخة وقاموا بتزوير شهادات اثبات الجنسية وبمحررات رسمية، ووجهت أسئلة لوزيري الداخلية السابق والحالي حول هذا الموضوع، ولكن لم تتم الاجابة عنها، والأنكى والأمر من ذلك انه لم يتم فتح أي تحقيق في هذا الشأن لذلك فان رئيس الوزراء الحالي هو المسؤول الأول عن خطورة تبعات هذا الملف بتقاعسه عنه وعدم ايلائه أي اهتمام، واليوم وبعد مضي ثلاث سنوات من عمر رئاسته للوزراء والذي شكل خلالها 7 حكومات، يأتي اليوم وسط الكثير من الممارسات غير السوية من قبل الحكومة بدءاً من تعطيل وتسكير صحف وبانتقائية، ونحو ذلك من ردود الأفعال العنيفة والمتوترة ضد كل من تفاعل مع هذا الملف – ثم يأتي اليوم سمو رئيس الوزراء ليرفع عصا الجنسية وحق المواطنة كردة فعل وبطريقة لا تليق كما سبق ان اوضحنا باستفاضة في مقالاتنا السابقة!.
٭٭٭
نحن لسنا ضد تطبيق القانون وانما ندعو دائماً لتطبيقه، ونفرح لتطبيقه على ان يحاسب كل من يخالفه، ولكن ليس بهذه الطرق التعسفية الانتقائية لخصوم سياسيين، فلو ان الحكومة كانت جادة فيما تقوم به لبدأت بنفسها، وبمجلس أمتها على الأقل الذي تدور حوله الشبهات، حول بعض نوابه – وهم يعلمون بذلك – وقد وجهت في مقال آخر أسئلة لوزير الداخلية تدور حول أحد النواب أيضاً الذي قام بتجنيس عدد من أفراد قبيلته وبعض من أسرته، وتلقيت نفياً على الخبر، ولكن لا دخان من دون نار في الحقيقة.. والسؤال: هل المطلوب من المجنسين مثلاً ممن لهم رأي سياسي مخالف ان يصمتوا وإلا عصاة المواطنة ستضرب بهم وبمستقبلهم؟! لذلك نحن بالفعل لن تطمئن نفوسنا الا باقالة هذه الحكومة، وذلك حتى يكون من يأتي لتسلم ملفات الاصلاح على ان يكون اصلاحاً شاملاً، متأكداً من ان ذلك سيتم انطلاقاً من حرصه على الوطن وليس من خوفه على منصبه!! أو لتصفية خصومه وخدمة أجنداته فنحن زائلون والكويت هي من تبقى، ولتعلموا ان الهيبة لا تتحقق عبر الاعلام وعبر المكابرة والمباهاة وانما بتطبيق القانون بعدالة وبمساواة دون أفراط او تفريط!.
.. والعبرة لمن يتعظ!!.
منى العياف
alayyaf63@yahoo.com
twitter@munaalayyaf
“الوطن”