{أما بنعمة ربك فحدث}
أتعرفون يا أبناء بلدي الأعزاء قيمة ان تخرجوا من بيوت الله الساعة الثانية فجرا، بعد انقضاء صلاة القيام، وتعودوا الى بيوتكم وأهلكم بسلام آمنين مطمئنين، غير ضارين ولا مضرين.هل تعرفون قيمة ان تعبدوا الله وتؤدوا صلواتكم بدون خوف من مرضى بلغ فيهم جنون التطرف حد اعتباركم كفارا يحل قتلهم، فيتربصون بكم بخناجرهم وسيوفهم الحادة، كي يجزوا رقابكم بها كما يفعلون بالخراف والبعارين.هل تعرفون قيمة ان تأمنوا على أنفسكم وأهلكم وعيالكم ومالكم من أفكار حجاج أو نبيل أو حاكم أو شجاع أو أي واحد من هؤلاء المشايخ الذين لحس الشيطان أمخاخهم،
وزرع الثقة في نفوسهم بأنهم وحدهم من يمتلكون الحقيقة، وأنهم وحدهم النفوس الراضية المرضية، وأنهم وحدهم الفرقة الناجية من النار، ويحل لهم بالتالي اضطهاد وقتل الآخرين.يا أبناء بلدي نحن نعيش في خير ونعمة يحسدنا عليها القاصي والداني، فلا نحن فقراء جوعى مثل ملايين غيرنا، نبحث عن طعامنا في حاويات القمامة أو نقف في طوابير المساعدات الأممية كي تحصل عليها، ولا نحن بالعطشى نمشي أو نسافر مسافات طويلة من أجل جردل ماء ملوّث، ولا نحن بالهائمين المشرّدين، ننام على الأرض الجرداء السبخة، متخذين من الكراتين مراتب وأغطية، يأكل جلودنا الجرب،
ويلتهم صدورنا السّل والالتهاب الرئوي، أفلا نحمد الله اذن على ما نحن فيه، ونحافظ سويّا على بلد هو جنّة الله في تدليله لأبنائه والعناية بهم من المهد الى اللحد.نحن في الكويت نعيش حياة تعتبر حلما بالنسبة لغيرنا، ماكلين شاربين نايمين قاعدين طالعين رادين متعلمين مشتغلين متسوقين لابسين مسافرين متعبدين متعالجين محتفلين مرتاحين مستانسين، ثم يأتي أحدهم ويكتب في جريدة ان الحكومة فشلت في توفير أبسط مقومات الحياة في الكويت، حسبي الله عليك من جذاب، طيب وطالما أنك محروم من أبسط مقومات الحياة، وينك ما تهاجر لدولة متوفر فيها كافة مقومات الحياة، فتزيح عن صدرك هذا العبء، وعن ظهرك ذلك الهم، ولك في رسولنا الكريم القدوة الحسنة، فقد هاجر من مكة بسبب ما كان يلاقي فيها من ايذاء وهوان، فلماذا لا تتخذه مثالا،
وتفعل الشيء نفسه، والا هو كلام وخلاص، وساعة الصجية مالك غير الكويت.بلدنا الذي نحب ونعشق فيه الكثير من المنغصات والسلبيات ولا أحد منا ينكر ذلك، ولكن هاتوا لنا مجتمعا في الدنيا كلها خاليا من المنغصات والسلبيات، وهاتوا لنا بلادا في الدنيا لا يوجد فيها فساد وفاسدون ومفسدون. الكويت يا أبناء بلدي الكويت مالنا غيرها، وشيوخنا مالنا غيرهم، وقد جربنا فقد الاثنين في التسعين، وعرفنا قيمتهما، وها أنتم ترون حال اخوتنا في بلاد الخريف العربي، وما يحدث عندهم من اقتتال بعد اسقاط الأنظمة، واستبدالهم بالسيئ الأسوأ، فلا تسمحوا لأحد اذن بأن يقنعكم بعمل المثل، فنحن في الكويت لسنا مثلهم، وأحوالنا لا تشابه بتاتا أحوالهم، حفظ الله الكويت وشيوخها وشعبها من كل مكروه.
عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw