مقالات

قليلاً من الحياء!

صالح الغنام

جميع الدول التي خاضت حروبا أو تعرضت لمحن, سعت من خلال متاحفها ومناهجها التعليمية وأعمالها الأدبية والروائية, إلى تسطير ملاحمها وغرس مسيرة كفاحها في ذاكرة الشعوب والتاريخ. وقد كان الفن بأشكاله المتنوعة, من مسرح وسينما وتلفزيون, خير السبل وأقصرها للوصول إلى الجماهير. وها هي أميركا قد سخرت سلاحها الإعلامي في هوليوود, لإنتاج أفلام تتحدث عن بطولات جنودها في فيتنام, رغم تعرض جيشهم إلى هزيمة مذلة ومهينة.

ومع ذلك, لم يتوقف منتجو أفلام ال¯ “أكشن” عن إقحام حرب فيتنام في معظم أفلامهم, حتى الحديثة منها, وذلك رغم مرور 39 عاماً منذ مغادرة آخر جندي أميركي أرض فيتنام. وعربيا, مازال الأشقاء المصريون, يستذكرون في أغلب إنتاجهم الفني, بطولات جنودهم الشجعان في حرب أكتوبر المجيدة, وكذلك فعل السوريون في الأجزاء الأولى لمسلسل “باب الحارة” حين سلطوا الضوء على دعمهم العسكري للفلسطينيين, ولما لم يستسغ المشاهد العربي هذا الخلط, بسبب احتلال فرنسا لسورية, وأنه من باب أولى تحرير بلادهم قبل تحرير فلسطين, صحح منتجو المسلسل هذا الخلل لاحقا,

فحولوا أهل حارة الضبع إلى ثوار ومناضلين ضد الاستعمار الفرنسي… الشاهد, إن جميع الأمثلة أعلاه, تدلل على أهمية التوثيق الدرامي, حتى وإن “زودتها” بعض الشعوب “حبتين”, وبالغت في تعظيم مسيرتها النضالية, ببطولات لا تدخل العقل. وحدهم الكويتيون – أو جملة منهم – هم من يسعون إلى تسطيح وتهميش نضال أبناء جلدتهم إبان فترة احتلال العراق للكويت. وشخصيا, كنت أرصد هذا منذ زمن بعيد, و”أطنش”,

ولكن حرارة جسمي ارتفعت يوم أمس, بعدما وصلتني على “الواتساب” صور لتغريدات من شخصيات تافهة وسخيفة, تتكلم بازدراء وقلة حياء عن صمود الكويتيين في الداخل, وتسطح باستخفاف دور إخوانهم في الخارج, بل حتى المقاومة الباسلة والأبطال الذين دخلوا مع جيوش التحالف لتحرير الكويت لم يسلموا من حقارة ألسنتهم, فراحوا ينسبون الفضل, فقط للأميركيين, الذين خططوا وهندسوا ومهدوا للعراق غزو الكويت! في تصوري, ان جرم المغردين الجهلة, تتحمل وزره الحكومة, لأنها لم تستثمر آلتها الإعلامية ولم تستغل الأعمال الدرامية في ترسيخ بطولات الشعب في أذهان الشعب,

وإنما اكتفت ببث بعض الأفلام التسجيلية القديمة في ذكرى الغزو وذكرى التحرير. لذا, يستكثر السفهاء والجهلة, أن يكون لأبناء جلدتهم صلة بالنضال والكفاح, وكأن استشهاد وأسر المئات من شبابنا, وصمود الكويتيين, وجهود إخوانهم في الخارج, وتطوع أبنائنا مع جيوش التحالف, وإدارة عملية إعاشة الكويتيين في الداخل والخارج, ونجاح الحكومة في جعل احتلال الكويت القضية رقم “1″ عالميا… أقول: كأن هذا كله لا يستحق الإشادة والفخر والتوثيق… قليلا من الاحترام, قليلا من الحياء لو سمحتم

! salehpen@hotmail.com

“السياسة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.