محلي
المذكور: الفتاوى الدينية حفزت الناس على التبرع بالأعضاء لإنقاذ النفس البشرية
لم تقف الفتاوى الدينية حاجزا أمام اجراء عمليات التبرع بالاعضاء البشرية بل ساهمت في تحفيز وتشجيع الناس عليها لما يعنيه ذلك من المساعدة على احياء الروح وكونه من أعظم القربات الى الله تعالى.
وفضلا عن ذلك كان للفتاوى الصادرة عن هيئات شرعية عربية متخصصة وعن عدد من كبار العلماء المسلمين دور كبير في زيادة اقبال الناس على التبرع بالاعضاء وذلك من باب الاحسان وعمل البر والايثار.
وللكويت تجربة خاصة مع عملية التبرع بالأعضاء من خلال انشاء الجمعية الكويتية لزراعة الاعضاء التي تحتفل غدا بالذكرى ال 30 لتأسيسها والتي تعنى بتوعية المواطنين بأهمية ومعاني التبرع بالاعضاء للمرضى المحتاجين لها.
وأجازت لجنة الفتوى في وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية في الكويت التبرع بالاعضاء “اذا كان المأخوذ منه ميتا موتا حقيقيا وتوقفت أعضاؤه الرئيسية عن العمل كالقلب والرئتين” مشترطة “وصيته بالتبرع قبل موته أو موافقة ورثته عليه بعد موته أو موافقة ولي الأمر على ذلك عند عدم وجود الورثة وذلك سدا لباب التلاعب والاتجار بالاعضاء”.
ونصت الفتوى أيضا على “أن تكون حاجة المريض الى هذا العضو قوية من أجل استمرار حياته أو زوال معاناته الشديدة وألا يغني عن هذا العضو المأخوذ منه أي علاج آخر غيره”.
وجاء في الفتوى أنه “يجوز للانسان أن يأذن بعد موته موتا حقيقيا وتوقفت أعضاؤه الرئيسية كالقلب و الرئتين بأخذ أي عضو من أعضائه يرى الاطباء صلاحيته لاستفادة المريض منه غير أعضاء الجهاز التناسلي و الاجهزة التي تنقل المورثات والالتزام بكل شرط يشترطه المتبرع أو ورثته فيما يتبرع له”.
من جانبه قال رئيس اللجنة العليا لاستكمال تطبيق أحكام الشريعة الاسلامية في الديوان الأميري الدكتور خالد المذكور ان استقطاع الأعضاء ونقلها من انسان الى آخر يستدعي الاجابة عن ثلاثة أسئلة مفادها “هل الانسان يملك نفسه أو أن نفسه ملك لله فقط وعلى كل التقديرين هل يجوز له التصرف في نفسه فيسمح بنقل عضو منها الى جسم آخر اذا كان ذلك لمصلحة غيره دون ضرر على المتبرع”.
وأضاف الدكتور المذكور “أن الاجابة نتبينها بما ثبت في نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة بما هو صريح في أن الله تعالى خالق كل شيء وربه ومليكه لا مالك له سواه يتصرف فيه كيف يشاء ويحكم فيه بما يريد اضافة الى ما ثبت في السنة النبوية الصحيحة حول ذلك”.
وأوضح “أن الله تعالى أوجب على بني آدم المحافظة على أنفسهم وأعضائهم وحرم عليهم الاعتداء عليها و الاضرار بها وأوجب القصاص في النفس والأعضاء أو الدية حسب اختلاف الاعتداء وحرم الانتحار” مشيرا الى أن احترام الانسان والمحافظة على نفسه وأعضائه وعدم الاضرار بها أصل شرعي لا يجوز العدول عنه الا بدليل شرعي يقتضي الاستثناء منه والخروج عنه.
وقال انه لم يرد نص شرعي من قول أو فعل أو تقرير يبيح نقل عضو من انسان الى غيره في حال اختيار أو اضطرار لافتا الى أن غاية ما يرجع اليه بمعرفة حكم نقل الأعضاء مقاصد الشريعة العامة وقواعدها الكلية والقياس على النظائر.
وذكر أن القاعدة الكلية الشرعية في نقل الأعضاء من إنسان الى آخر تقول انه “اذا تعارضت مصلحتان قدمت أقواهما تحقيقا لزيادة المنفعة واذا تعارضت مفسدتان ارتكبت أخفهما تفاديا لأشدهما”.
وبين أنه تطبيقا لهذه القاعدة فإن مصلحة كل من الحي السليم والميت تعارضت مع مصلحة انقاذ من أصيب في عضو من أعضائه وأن الشرع قد حث على تخليص النفوس من الامراض وعلى التداوي مما أصابها لان في هذا مصلحة للمصاب وجبر لنقصه ومصلحة الامة وسيرا مع ما قضت به سنة الله شرعا وقدرا.
وقال “بالنسبة لاخذ عضو من الميت كالعين والكلية لزرعه في جسم حي ابقاء على حياته أو رغبة في نفعه وانتفاع الأمة به فقد يكون واجبا اذا رجي نجاح عملية زرعه في الحي ولم تخش فتنة ولا حدوث خطر من جانب أهل الميت إيثارا لحق الحي على الميت وإبقاء لحياة شخص أو تحقيقا لمنفعة عضو وهذه المصلحة أرجح من مصلحة المحافظة على حرمة الميت”.
ورأى في خلاصة الامر أن حفظ النفوس من الكليات الخمس ومن مقاصد الشرع كما أن احياء النفوس من أعظم القربات ويكون بحفظها من هلاك أشرفت عليه مضيفا أن انقاذ المشرف على الهلاك أو الواقع في مضرة شديدة يعد من فروض الكفاية على كل من استطاعه “فإن قام به بعضهم سقط عن الباقين وأثيب على فعله من قام به وان تركه الجميع اثموا جميعا”.
وقال الدكتور المذكور إن ذلك الانقاذ يتم بتبرع الانسان بجزء من دمه أو جزء من جسمه يتطوع بذلك عن اختيار واحتساب ويعد من باب الاحسان وعمل البر والايثار على النفس مبينا انه لا يجوز شرعا التبرع بعضو تتوقف عليه حياة الانسان الحي كالقلب لان انتزاع عضو رئيسي يؤدي الى وفاته ولا يجوز قتل انسان لحفظ حياة آخر.
وذكر ان استعمال أعضاء من مات لا يخلو من ثلاثة أحوال هي التبرع في حال الحياة أو الوصية قبل الممات فيجب إمضاء تبرعه وتنفيذ وصيته وموافقة أوليائه الشرعيين على ذلك.
وأشار الى وجوب التحقق من موت المتبرع قبل نقل العضو فإن وقع مجرد شك في بقاء شيء من الحياة فيه فلا يجوز الاقدام على أخذ شيء من عضوه كما لا تجوز المتاجرة بالأعضاء لأن الجسم الانساني ليس محلا للتعاقد لتنافي ذلك مع الكرامة الانسانية.
وتهدف الجمعية الى حث المواطنين على التبرع والوصية بأعضاء الجسم لعلاج المرضى وفق أحكام القوانين والأنظمة المرعية في البلاد مع ابراز رأي الدين والقانون في هذه المسألة.
وتعنى الجمعية بالعمل على توفير الرعاية الصحية والاجتماعية اللازمة للمرضى والأشخاص الذين يتبرعون بأعضائهم لعلاج المرضى وتشجيع البحوث والدراسات العلمية التي تهدف الى تحسين وتطوير واستحداث طرق نقل الأعضاء وتخصيص المكافأة اللازمة لأحسن البحوث في هذا المجال.
ومن أهدافها كذلك تنظيم وعقد المؤتمرات والندوات العلمية لزراعة الاعضاء والمشاركة فيها محليا ودوليا والتعاون والتنسيق مع المؤسسات والهيئات المماثلة على المستوى العربي والدولي وتبادل الخبرات ووسائل الوقاية والعلاج والتوعية في هذا المجال.
كما تهدف الى ابراز دور الكويت الرائد في مجال زراعة الأعضاء والمحافظة على الصدارة التي أحرزتها في هذا المجال والسعي الى تطوير وتحسين وسائل نقل الأعضاء ومواكبة كل جديد ومستحدث بشأنه.