تقرير: الكويت أكبر مُصدّر للاستثمارات عربياً.. 24 مليار دولار قيمة الاستثمار الأجنبي في الخليج
تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في الخليج على خلفية التطورات في منطقة الشرق الأوسط واستكمال بعض المشاريع النفطية الضخمة.
شهد الاستثمار الأجنبي المباشر في دول مجلس التعاون تراجعاً للعام الخامس على التوالي خلال العام 2013، وذلك وفقاً لتقرير الاستثمارات العالمية السنوي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) للعام 2014. وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في دول مجلس التعاون الخليجي من 28 مليار دولار في العام 2012 ليصل الى 24 مليار دولار العام الماضي، بتراجع قدره 14.6٪. وقد جاء هذا التراجع على الرغم من التحسن الذي شهده الاستثمار الأجنبي المباشر عالمياً، الذي سجل ارتفاعاً بواقع 9.1٪ عن مستواه في العام 2012، ليصل الى 1.5 تريليون دولار في العام 2013. وتراجعت حصة دول الخليج من الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي تباعاً الى 1.6٪، وذلك بعد أن كانت عند 4.2٪ في العام 2009، بحسب ما جاء في تقرير بنك الكويت الوطني.
ويعزى هذا التراجع في الاستثمار الأجنبي المباشر لدول مجلس التعاون الخليجي، في جزء منه، الى استكمال بعض المشاريع الضخمة بالإضافةالى التطورات المحلية والسياسية التي ظهرت في منطقة الشرق الأوسط، إذ ان رغبة المستثمرين الأجانب قد تراجعت نتيجة هذه التطورات التي شهدتها المنطقة.
وقد نجحت دول مجلس التعاون الخليجي بتفادي معظم أثر هذه الإضطرابات الإقليمية بدعم من قوة مصادرها النفطية. الا أن التراجع الذي شهده الاستثمار الأجنبي المباشر يعكس على الارجح تراجع نشاط الاستثمار بعد استكمال عدد من المشاريع النفطية الضخمة وانخفاض المساهمات الأجنبية في بعض القطاعات الاقتصادية الخليجية. وتشمل هذه المشاريع برنامج قطر التوسعي للغاز الطبيعي المسال والعديد من المشاريع التي تتعلق بالبناء والبتروكيماويات في السعودية.
من جهة ثانية، فقد تصدرت الإمارات نشاط الاستثمار الأجنبي المباشر في دول الخليج لأول مرة خلال العام 2013 بواقع 10.5 مليار دولار. وتعتبر الإمارات الدولة الوحيدة بعد البحرين التي استطاعت تسجيل زيادات في التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة لأربع سنوات متتالية وذلك تماشياً مع عودة المستثمرين لقطاع العقار وقطاع الصناعة وقطاع الخدمات وتماشياً أيضاً مع استعدادات الإمارات لاستضافة المعرض الدولي (اكسبو 2020).
وفي الوقت نفسه، شهدت السعودية تراجعاً في الاستثمار الأجنبي المباشر للعام الخامس على التوالي بعد أن كان لها نصيب الأسد من الاستثمارت الأجنبية في المنطقة. حيث تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بواقع 24٪ من 12.2 مليار دولار خلال العام 2012 ليصل الى 9.3 مليار دولار خلال العام 2013. وقد جاء هذا التراجع على الرغم من الاستثمار في المشاريع الكبيرة كمشاريع البنية التحتية وتكرير النفط والبتروكيماويات. و كما أشار تقرير الاستثمار العالمي للعام 2014، فإن الحكومة السعودية تساهم بشكل كبير في تمويل هذه المشاريع الكبيرة، ويعتمد الكثير من المستثمرين الأجانب على العقود والمشاريع المشتركة مع الحكومة.
ويقدر أن تكون تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للكويت قد تراجعت في العام 2013 لتصل الى 2.3 مليار دولار. إلا أن الكويت قد شهدت نشاطا قويا في الاستثمار الأجنبي المباشر منذ العام 2009 نتيجة عمليات الاستحواذ الخليجية. ومن ابرز تلك العمليات استحواذ شركة الاتصالات القطرية على شركة الوطنية للاتصالات بقيمة 1.8 مليار دولار خلال العام 2012. وفي العام الماضي، قامت الحكومة بدورها بالكشف عن تحديث لقانون الاستثمار الأجنبي المباشر للعام 2001 وذلك لتبسيط عملية الموافقة على الاستثمار الأجنبي المباشر وزيادة عدد الاستثمارات المؤهلة.
وقد تم إنشاء هيئة حكومية مستقلة لتحديث الاستثمار الأجنبي المباشر (هيئة تشجيع الاستثمار المباشر) ولتكون بديلة عن المكتب السابق للاستثمار الأجنبي المباشر ولجنة الموافقات. وستكون هذه الجهة مسؤولة بالكامل على تقييم طلبات التقديم والموافقة عليها بشكل سريع. وسيستمر وزير المالية بترأس هذه الجهة الجديدة كما سيستمر إعفاء المستثمرين الأجانب من ضرائب الدخل والضرائب الأخرى لفترة تمتد الى عشر سنوات.
ويأتي القانون الجديد بالتزامن مع جهود بنك الكويت المركزي لتحرير الخدمات المالية في الكويت، ليصبح باستطاعة البنوك الأجنبية الحصول على رخصة لفتح أكثر من فرع في الكويت.
تحسن بيئة الاستثمار الأجنبي في دول الخليج
يعتبر تسهيل عمليات الاستثمار الأجنبي المباشر من أهم الخطوات التي اتخذتها دول مجلس التعاون الخليجي لتحسين بيئة الأعمال ونشاطها. وبصرف النظر عن تطبيق بعض أفضل أنظمة العالمية لفرض الضرائب، اتجهت بعض الدول نحو القيام بإصلاحات ضخمة خلال العقد الماضي ومنها تبسيط الاجرءات المطلوبة لتأسيس شركة والحصول على تسهيلات ائتمانية وانفاذ العقود والتجارة الخارجبة. وإنعكست هذه التطورات في تصنيف البنك الدولي للقيام بالأعمال حيث تقدمت جميع دول مجلس التعاون الخليجي في الترتيب السنوي. وتشير التصنيفات الأخيرة للعام 2014 تصدّر الإمارات للمنطقة وتقدمها على الكثير من الدول في العالم مع احتلالها المرتبة الثالثة والعشرين عالمياً.
الكويت تتصدر المنطقة باستثماراتها في الخارج
استطاعت الكويت خلال العام 2013 أن تكون اكبر مستثمر خارجي بين دول مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي، بعدما بلغت الاستثمارات الكويتية المباشرة في الخارج 8.4 مليار دولار، أي أعلى بثلاثة أضعاف تقريبا مستواها للعام السابق. واستطاعت الكويت من صندوقها السيادي، الهيئة العامة للاستثمار، واستثمارات القطاع الخاص بتصدر المنطقة من حيث تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الخارجي.
وقد جاءت قطر في المرتبة الثانية بواقع 8 مليارات دولار، وتلتها السعودية بتصدير استثمارات بواقع 5 مليارات دولار. وقد استطاعت قطر الاستثمارية مضاعفة تدفقاتها الخارجية بنحو أربع مرات.
وارتفع إجمالي الاستثمارات الخليجية المباشرة المصدرة إلى الخارج بواقع 93٪ على أساس ليصل الى 26.7 مليار دولار في العام 2013، وذلك تماشياً مع استمرار دول الخليج بتوجيه احتياطاتها الأجنبية المتزايدة نحو استثمارات ومشاريع في الخارج. إذ أصبحت العديد من الشركات البتروكيماوية مصدرة للاستثمارات إلى الخارج، وخاصة مع العروض الجاذبة التي تقدمها الشركات الأميركية للنفط الصخري. حيث أصبح للعديد من الشركات نشاطات استثمارية تتعلق بمشاريع الطاقة في أميركا الشمالية مثل الشركة السعودية للصناعات الأساسية وقطر للبترول وشركة الاستثمارات البترولية الدولية في أبوظبي.