انتخابات تركيا.. لكل مرشح أولوياته
رغم كونه المرشح الأقل حظوظا في الانتخابات الرئاسية التركية المقررة جولتها الأولى الأحد، فإن السياسي الكردي صلاح الدين دميرتاش يمتلك برنامجا انتخابيا يبدو الأكثر وضوحا وتحديدا بين المرشحين الثلاثة.
وينافس دميرتاش رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، مرشح حزب العدالة والتنمية، والأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي إكمال الدين إحسان أوغلو، مرشح توافق أكبر حزبين معارضين تركيين، هما حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية.
وحسب آخر استطلاعات الرأي، فإن دميرتاش لن يحصل في أفضل الأحوال على أكثر من 10% من أصوات الأتراك، لكنه صاغ برنامجا قائما على تسوية واحدة من أهم القضايا في تركيا في العقود، الأخيرة، وهي القضية الكردية.
ولا يخفي دميرتاش، البرلماني والمحامي المتطوع في مجال حقوق الإنسان، مساندته ودعمه للأكراد منذ زمن بعيد، وقال قبيل الانتخابات إنه “يسعى ليضمن للأكراد ممارسة الحقوق التي حرموا منها ومحاربة الظلم الذي تعرضوا له” على حد تعبيره.
لكن دميرتاش لا يلعب فقط على وتر الأكراد، بل يعتمد على كونه المرشح الأكثر ليبرالية بين الثلاثة، والأكثر إصرارا على تعزيز حقوق المرأة والأقليات.
وفي المقابل، يستخدم أردوغان كلمات فضفاضة مثل “القضاء على الإرهاب”، و”تطوير الديمقراطية”، وذلك حسب “وثيقة الرؤية” التي أعلنها رئيس الوزراء، واعتبرت على نطاق كبير البرنامج الانتخابي له.
ومن خلال “وثيقة” أردوغان، يرمي الرجل إلى تحقيق 4 أهداف كبرى بحلول عام 2023، أي في الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية في تركيا، هي “التطور في الديمقراطية”، و”مزيد من التقدم في تطبيع الحياة السياسية”، و”رفع مستوى الرفاهية”، و”وضع تركيا بين الدول الرائدة في العالم”.
إلا أن برنامجي أردوغان ودميتراش يتقاطعان في المساحة الكردية، حيث إن رئيس الحكومة هو الآخر يغازل الأكراد منذ نحو عامين، بورقة المفاوضات تارة وبورقة البرلمان تارة أخرى.
فقد بدأ كبار مسؤولي المخابرات التركية محادثات سلام مع الزعيم الكردي عبد الله أوجلان في 2012 أدت إلى وقف إطلاق النار قبل عام، ومؤخرا قدمت الحكومة مشروع قانون للبرلمان يضع إطارا قانونيا لعملية السلام التي تقودها مع المقاتلين الأكراد.
كما يعتمد أردوغان على شعبيته الواسعة، التي اكتسبها خلال فترة توليه رئاسة الحكومة منذ أكثر من عقد، وجعلته وحزبه في صدارة أي انتخابات منذ هذا العام.
وعلى عكس أردوغان، لا يحبذ أوغلو فكرة توسيع سلطات رئيس الجمهورية الجديد، ولا تغيير نظام الحكم في البلاد إلى نظام شبه رئاسي، بل إن الأخير صرح بأنه يخوض الانتخابات الرئاسية مؤيدا للنظام البرلماني.
ويبني أوغلو برنامجه الانتخابي على أعمدة أهمها “المصالحة”، فهو يرى أن “تركيا بحاجة إلى السلام والهدوء، بعيدا عن الانقسامات”، ويعتقد أن ذلك يمكن تحقيقه عن طريق “استبعاد سياسات التصعيد واستبدالها بسياسات الاحتواء”.
كما يسعى أوغلو إلى سياسة خارجية تركية “أكثر انفتاحا” على العالم، إذ أنه انتقد بناء هذه العلاقات في حقبة أردوغان على “أيديولوجيات وأفكار شخصية” حسب تصريح تلفزيوني له، كما أن ابتعاده عن عالم المال والأعمال نقطة تحسب له، في مقابل تهم الفساد التي تلاحق أردوغان مؤخرا.
ومن خلال ترشح أوغلو، المرشح الأقوى أمام أردوغان، تراهن الأحزاب التي أيدته على كسب أصوات المعارضين لرئيس الحكومة الحالي، من الناخبين المحافظين الذين يرغبون في الدوران في نفس فلك “الرئيس الإسلامي” مع تغيير الوجوه.
ويختار الأتراك رئيسهم لأول مرة في تاريخ البلاد عبر اقتراع شعبي مباشر، إذ كان ذلك يتم سابقا بالانتخاب عن طريق البرلمان.