“تليغراف”: “وادي الموت” في سنجار العراقية يحصد أرواح مئات اليزيديين
ويقول مراسل “تليغراف” أنه كان على متن مروحية عسكرية عراقية، ورأى بأم عينيه مئات اللاجئين وهم يجرون باتجاه المروحية، من أجل تسلم بعضاً من المساعدات الغذائية القليلة التي نقلت إليهم. وأسقطت لهم الطائرة عبوات مياه وأغذية، وقال قائد المهمة الجنرال أحمد إيثواني، لمراسل الصحيفة: “إنه وادي الموت، إذ مات قرابة ٧٠٪ من اللاجئين”.
ضياع المساعدات
كما أشارت “تليغراف” في تقريرها، لقيام طائرات أمريكية بنقل مساعدات غذائية إلى الجبل، حيث ألقت أكثر من ٣٦ ألف وجبة، و٧٠٠٠ غالون من مياه الشرب. لكن مسؤولين عراقيين قالوا إن معظم تلك المساعدات “غير مفيدة” لأنها أسقطت من على ارتفاع ٣٠٠ متراً من دون مظلات، وأنها تناثرت فور اصطدامها بالصخور.
وتمكن بضعة من اللاجئين من الهروب على متن مروحيات، لكن العدد الأكبر منهم ترك في العراء، لأن المروحيات لم تستطع الهبوط فوق منطقة صخرية. ولذا ترك هؤلاء اليزيديين في مواجهة العطش والجوع، فضلاً عن شمس حارقة في عز الصيف.
موت جماعي
وفي هذا السياق، قالت عضوة البرلمان العراقي عن الطائفة اليزيدية فيان دخيل، وهي تبكي للصحافيين: “قضى مئات الأشخاص، إن لم يكن أكثر من ذلك، ومنهم عشرات الأطفال. وليس أمامنا سوى يوم أو يومان لمساعدة هؤلاء المنكوبين، وإلا فإنهم سيموتون بشكل جماعي”.
كما أشار مراسل “تليغراف” لتنفيذ الجيش العراقي عدة مهام إنسانية، حيث تحمل مروحيات مؤناً، من ضمنها مياه وخبز وأحذية”.
عجز عن حمل لاجئين
وتعمل المروحيات على انتشال اللاجئين في كل رحلة، لكن نتيجة وعورة الجبال تعجز الطائرات المروحية أحياناً عن الوقوف على الأرض، مما يعني عودتها فارغة. وحتى عندما تتمكن من الهبوط، فإن المروحية الواحدة لا تستطيع حمل أكثر من ١٢ لاجئاً، ومن على أعلى نقطة على الجبل لا تستطيع صواريخ الجهاديين الوصول إليها. وبهذه الطريقة، لم يستطع الجيش العراقي إنقاذ أكثر من مئة لاجئ.
الإحتماء بكهوف قديمة
ووفقاً لما صرح به الكابتن أحمد جبار، حملت المروحيات إلى الجبال قرابة ٥٠ مقاتلاً من قوات البشمركة الكردية.
كما نجح لاجئون آخرون من شق طريقهم عبر خطوط الدولة الإسلامية، متجنبين الجهاديين، ووصلوا إلى مناطق آمنة. كما استطاع عشرات آخرون من الوصول إلى مدينة دهوك في المنطقة الكردية في سوريا. وأما من تبقى من اليزيديين فاختبئوا داخل كهوف قديمة، وباتوا يشربون مياه الينابيع الطبيعية، ويصطادون حيوانات صغيرة. وأما الأسر التي انتشرت عبر جبل سنجار، منطقة قاحلة تمتد تقريباً لمسافة ٥٠ كيلومتراً قريباً من الحدود مع سوريا، فإن هناك مخاوف من أن لا تصلهم المساعدات الإنسانية، ما لم تتعزز بعملية إغاثة كبيرة
التنقل ببطء عبر الجبال
يقول مراسل “تليغراف” أنه رأى، من على متن مروحية عسكرية، مئات من اليزيديين يشقون طريقهم ببطء عبر جبل سنجار، حاملين على ظهورهم ما أمكن لهم جلبه من مقتنيات، بينما يستلقي أطفال منهكون بين أذرع ذويهم، ويسير معهم عجائز مكتئبون، تحت أشعة شمس حارقة. ولا تكفي المساعدات القليلة التي يجلبها مقاتلو البشمركة الكردية إلى الجبل حاجة أولئك النازحين. وبالفعل، قال مقاتل كردي فيصل ايلاس حسو: “بصراحة، ليس هناك ما يكفي لسد رمق الجميع، حيث تعطى عبوة ماء صغيرة لكل خمسة أشخاص”.
ترك خائري القوى لمصيرهم
يصف اللاجئون مشاهد مروعة عاينوها أثناء انتظارهم العون من العالم الخارجي. فقد قال سيدو حاجي، ٢٨ عاماً: ” كنا حوالي ٢٠٠ شخص، وقد مات قرابة ٢٠، ولا يستطيع الباقون العيش، في ظل هذه الحالة، لأكثر من يومين”.
وقال عماد ايدو، ٢٧ عاماً، الذي أنقذته مروحية من أعلى نقطة على جبل سنجار، يوم الجمعة الماضية: “تركنا ابنة أخي التي كانت بالكاد قادرة على فتح عينيها، لمصيرها، فقد كانت على وشك الموت، ولذا تركناها، وقد ماتت”.
ويروي لاجئون آخرون قصصاً مشابهة، ويقول إيدو: “حتى الكهوف تنضح برائحة كريهة، وقد ضم كهف جيلياجي الصغير أكثر من ٥٠ جثة”.
وروى سيدو كوتي نانير، ٣٥ عاماً، كيف استطاع مع ١٣ يزيدياً آخرين من تجاوز خطوط الدولة الإسلامية، وعبور المنطقة الكردية في سوريا، إلى أن وصل إلى كردستان العراق. وقال إنه ترك وراءه أمه وأبيه لعجزهما، بسبب تقدم العمر، عن القيام بتلك الرحلة الصعبة، فضلاً عن ٢٠٠ من الضأن. وقال: “كنا محظوظين، فقد وصلنا بأمان”.