عربي و دولي

واشنطن بوست: أوباما حليف غير موثوق أفقد أمريكا مصداقيتها في العالم

بوب كوركر (عضو لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس):

لاشك أن أولئك الذين يتطلعون للولايات المتحدة كداعم لهم ضد التهديد والاضطهاد والمذابح في العالم، تعلّموا درساً قاسياً خلال السنوات القليلة الماضية هو أنه من غير الممكن الاعتماد على رئيس أمريكا على الرغم من كل تصريحاته الجريئة ومواقفه الأخلاقية المُعلنة، ولنبدأ بسورية.

فكلنا نعلم كيف أعلن الرئيس أوباما أن على حاكم هذا البلد أن يرحل، وكيف شجّع السفير الأمريكي في دمشق وغيره من مسؤولي الإدارة الآخرين علناً حملة مجموعات المعارضة السورية ضد نظام الأسد. لكن حينما حان وقت تنظيم وتزويد مجموعات المعارضة السورية المعتدلة بالسلاح الضروري للدفاع عن نفسها ضد هجمات النظام، أدار الرئيس أوباما ظهره لها ولم يتخذ الخطوات الحاسمة. صحيح أن قدراً صغيراً جداً من الأسلحة وصل الى هذه المعارضة، لكن ذلك لم يكن كافياً بالطبع لإحداث التأثير المطلوب. ومن الواضح ان غياب الجهد القيادي الأمريكي في تعزيز المعتدلين، دفع بعض القوى الإقليمية لتمويل المتطرفين.

ثمة نقطة أخرى مهمة هنا، فعندما علمنا العام الماضي أن الأسد استخدم أسلحة كيماوية ضد أبناء شعبه، وتحدى بذلك خط أوباما الأحمر، طلب أوباما عندئذ تفويضاً من الكونغرس لاستخدام القوة العسكرية ضد النظام السوري. لكن عندما واجه تحدياً في إقناع كل أعضاء الكونغرس لتأييد سياسته تراجع أوباما عنها، وقفز بدل ذلك الى حضن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي وفّر عندئذ مخرجاً للأسد بالقول إن دمشق مستعدة لتسليم أسلحتها الكيماوية للأمم المتحدة.

واليوم وبعد 3 سنوات من التصريحات والبيانات الجريئة الفارغة والبعيدة عن الواقع، فقد أكثر من 170.000 سوري حياتهم بينما لانزال نقف مكتوفي الأيدي على الرغم من أننا نتحمّل ولو جزءاً من المسؤولية عن ذلك. فالرئيس أوباما هو من شجّع المعارضة السورية على المجازفة ثم تركها معلقة في الهواء لتظهر بعد ذلك مجموعات سورية المتطرفة في العراق، وتستولي على أراضي وموارد مهمة، وتهدد بالكامل كل ما قدمته الولايات المتحدة من تضحيات خلال السنوات الماضية.

ليبيا

وماذا عن ليبيا؟ الواقع أن ما جرى في هذا البلد كان أكثر سوءاً بالنسبة لمصداقية رئيس أمريكا.
فاليوم وبعد أربع سنوات من تقديم أوباما مبررات دستورية مشكوك بصحتها لإرسال قواتنا العسكرية الى الخارج من أجل إسقاط نظام القذافي، ها نحن نسحب من جديد أعضاء بعثتنا الدبلوماسية من ليبيا. بل وبعدما وصفتها الإدارة مرة بأنها نموذج لأكثر عمليات بناء الدول نجاحاً، تبرز ليبيا اليوم برأي وزارة الخارجية الأمريكية كملاذ آمن للإرهابيين، حيث لقي 4 أمريكيين حتفهم فيها خلال محاولة جريئة لكن مأساوية للتوسط في خلافات قبلية.
وكما حدث في سورية، أثارت أعمال أوباما، التي حذّر الكثيرون من عواقبها، فوضى عنيفة دمّرت ما بقي من النظام الاجتماعي في ليبيا.
والآن، مع ابتعاد الرئيس عن ليبيا، تُصدر وزارة خارجيته بيانات فارغة من قبيل: سوف نستمر في دفع كل الليبيين والمجتمع الدولي للبحث عن حل سلمي للصراع الراهن. لكن هل هناك ليبي واحد يأخذ مثل هذه التصريحات على محمل الجدّ؟

أوروبا الشرقية

بيد أن أكثر المناطق التي تبرز فيها وعود الرئيس الجوفاء وافتقاره الى المصداقية على نحو حاد وواضح هي أوروبا الشرقية بالتأكيد.
فالرد الأمريكي الضعيف على العدوان الروسي المستمر في أوكرانيا منذ حوالي 4 أشهر لم يشجّع فقط بوتين بل وقوّض بشكل مباشر مصالح الولايات المتحدة وجعل أوروبا وبالتالي أمريكا أقل أمناً.

صحيح أن أوباما أصدر الكثير من التصريحات القاسية وصف فيها روسيا بأنها قوة إقليمية، وصنّف بوتين كواحد من الخاسرين في التاريخ ودعا لفرض عقوبات قوية على موسكو، وساند محاولة أوكرانيا الانضمام للغرب اقتصادياً ثم وعد بتقديم مساعدة عسكرية لكييف، إلا أن ما فعله بعد ذلك لم يكن له تأثير يُذكر على مجرى الأحداث.

فالمساعدة العسكرية التي قدمها فعلاً تألفت من بضعة دروع واقية للجسم ووجبات طعام جاهزة للجنود لا أكثر. أمام هذا لم يكن مستغرباً ان سخر بوتين علناً من جهود أوباما هذه، ولم يتردد بالمقابل بإرسال رجال ومواد وأسلحة للمتمردين في أوكرانيا الشرقية.

وهكذا يبرهن أوباما مرة بعد أخرى أنه، ليس فقط غير صالح للقيام بدور القائد الأعلى، بل وينفذ سياسات لا تتفق أبداً مع أهدافه المحددة مما يؤدي بالتالي الى تقويض مصداقية أمريكا وتشويه صورتها أمام حتى أقرب شركائها في العالم.

تعريب نبيل زلف

“الوطن”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.