استعدوا لاستحقاقات «الفصل السابع»
راكان بن حثلين
أخيرا أفاق المجتمع الدولي على حجم الكارثة الإنسانية التي تعرض لها عدد من الدول العربية باسم الحرية والديموقراطية، وتحت شعار «الربيع العربي» الذي حصد أرواح الأبرياء دون أن يفرق بين الأطفال والنساء والشيوخ، وبغطاء ودعم سياسي غير معلن من دول تطمح إلى خلق واقع جديد في المنطقة يخدم مصالحها وأجنداتها وفق قاعدة «الفوضى الخلاقة».
هذه الفوضى التي خلقت لوحة سيريالية في المنطقة، رسمت بخيال المخطط الغربي، وأنامل عربية ومسلمة، وخضابها دماء العرب والمسلمين والأقليات العرقية في المنطقة، ولكن يبدو أن هذه اللوحة خرجت عن إطار السيطرة، وبدأت تتمدد إلى خارج الأطر التي كانت مرسومة لها، بعد ان لامست حدود أربيل.. وما أدراك ما أربيل؟!
مجلس الأمن الدولي «بالإجماع» يتبنى قرارا بتفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويجيز استخدام القوة لنزع وتفكيك سلاح كيانات مرتبطة بالأعمال الإرهابية مثل جبهة النصرة و«داعش».
قرار وإن جاء متأخرا جدا، وبغض النظر عما سبقه من تسويات إقليمية تضمنت تغييرا في وجوه اللاعبين السياسيين على الساحة، أعقبه تبدل مباشر في لغة الخطاب الرسمي والإعلامي لعدد من الدول، إلا أن هذا القرار يضع الكويت أمام التزام دولي، وتحد كبير في تفعيل الرقابة على كل أشكال الارتباط والدعم بالجماعات الإرهابية، ورسم خطة واستراتيجية للتعامل مع مستجدات لن تكون سهلة أبدا .
يجب ان نحدد موقعنا من الإعراب وسط جملة المعطيات التي تشير إلى ولادة وشيكة لتحالف دولي سيبدأ معركة القرن ضد الإرهاب في كل دول المنطقة، وأن نكون سباقين في حماية وتنظيف جبهتنا الداخلية من كل العناصر المشبوهة، وألا نسمح بتحول الكويت إلى مستقر أو حتى نقطة عبور للجماعات الإرهابية النازحة من دول الجوار في حال تضييق الخناق عليها هناك.
علينا ان نستعد لاستحقاقات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وأن نبدأ من الآن بتهيئة أنفسنا لمواجهة أي تحديات قد تفرضها علينا الظروف الإقليمية والأحداث المستقبلية المتوقعة، وان نبني سورا وجدارا نحمي به الكويت، لا ينتهي عند حدود الاستعدادات الأمنية، بل يجب أن يكون أساسه وذخيرته اللحمة الوطنية والوعي المجتمعي.
وهنا يأتي دور الدولة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني في توعية المجتمع، وإعادة بناء كل ما أتت عليه الأفكار الهدامة، وغرس المفاهيم السليمة في نفوس وضمائر المواطنين، وخلق جبهة صلبة من الوعي والإدراك تتهاوى أمامها كل الأفكار والممارسات الدخيلة على مجتمعنا وعلى الإنسانية.
وإذا كانت العاطفة قادت الشعب الكويتي في الفترة الماضية لأن يكون سباقا ورائدا كعادته في بذل أمواله للمساعدات الإنسانية، فإن المسؤولية أن نعمل على أن تصب هذه المساعدات في صالح المحتاجين الحقيقيين، وألا تتحول إلى ثمن لسكاكين وسيوف تحز بها الرؤوس، او سلاح يقتل الأبرياء على الهوية، أو عمولة لحناجر تنشر إسلاما غير الإسلام، وتصور للعالم أنه دين الحقد والكراهية والقتل واللارحمة.
وعلى وزارة الشؤون الا تكتفي بإجراءات إغلاق المبرات وفروع الجمعيات الخيرية المخالفة، بل يجب ان تحيل ملفاتها وكل التجاوزات المسجلة عليها إلى الجهات الأمنية بإدارتها المختلفة بما فيها إدارة أمن الدولة لتضطلع بدورها في التحقيق في مصير أموال أهل الكويت وإلى أين ذهبت، وفيما صرفت، قبل ان تتسبب مجاميع قليلة من أصحاب الفكر المتطرف في الإساءة إلى سمعة الكويت، او ادراج مؤسساتها الخيرية على قائمة المؤسسات الداعمة للإرهاب.