«هيئة كويتية للأعمال الإنسانية»
راكان بن حثلين
-ونحن نترقب ونتأهب للاحتفالات الوطنية التي يفترض ان تعم البلاد بمناسبة تكريم الأمم المتحدة لسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بلقب قائد انساني، وتسمية الكويت مركزا للعمل الانساني، يجب ان نضع نصب أعيننا الاستحقاقات والالتزامات التي ستترتب على هذا التكريم، والعمل على المحافظة على المكانة التي احتلتها الكويت بين دول العالم، وأن نواكب هذا التطور الذي جاء كثمرة جهود عظيمة، وخطوات جبارة قامت بها القيادة السياسية وتضافرت فيها جهود المؤسسات الحكومية والأهلية من أجل نيل هذه المنزلة الرفيعة أمام العالم أجمع.
فهذا التكريم سيجعلنا محط أنظار العالم كله، وعرضة للغبطة والحسد في نفس الوقت، ما يفرض علينا مسؤوليات جساماً، مسؤوليات وطنية وأخرى دولية، من أجل المحافظة على هذه المكانة، ونقاء صفحة الكويت بيضاء ناصعة أمام المحافل الدولية، الأمر الذي يتطلب انشاء هيئة تتولى هذه المسؤولية، تقوم بمراقبة وتوثيق الأعمال الانسانية التي تنبع من الكويت، سواء كانت حكومية أو أهلية، هيئة تخضع لرقابتها جميع الهيئات والمؤسسات الخيرية الكويتية، وجميع المشاريع التي تمولها الحكومة في الداخل والخارج.
الهيئة الكويتية للأعمال الانسانية يجب أن تكون مستقلة، لا تخضع الا للأجهزة الرقابية والمحاسبية الحكومية، ويقوم عليها شخصيات مشهود لها بالنزاهة والحيادية، ومن المؤمنين بحقوق الانسان، بعيدا عن الانتماءات الحزبية والطائفية أو الفئوية، وتضم جهازا متكاملا يمكنها من رقابة الأعمال الخيرية، ومعرفة حركة دخول الأموال وخروجها، وضمان توجيه المساعدات الى مستحقيها وعدم تحويلها الى أنشطة تضر بسمعة البلد ومصالحة، أو تنصب لخدمة أهداف غير المصرح بها.
وتتولى الهيئة وضع الضوابط والنظم الكفيلة بتطوير العمل الخيري الكويتي، وتقويم الأخطاء التي شابت أداء بعض المؤسسات والهيئات، وتقديم النصح والارشاد لهم، ودعمهم بكل الامكانات من أجل تسهيل عملهم، وتوثيق كل الأعمال الخيرية الكويتية حتى تكون رصيدا يشهد بعطاءات هذا الشعب أمام التاريخ، ويثبت البصمات الكويتية في مضابط المؤسسات الدولية، ويعلم الأجيال هذا التاريخ ليبنوا عليه امتدادا وارتدادا يرتقي بهذا الارث الخيري الذي أنعم الله به على الكويت.
وفي المقابل يجب ان تكون الهيئة الغطاء الشرعي والمظلة القانونية التي تدافع عن المؤسسات الخيرية الكويتية تجاه كل ما يمس العمل الخيري الكويتي، والمحامي الذي يفند كل الادعاءات التي تصدر من هنا أو هناك، ويتصدى لكل اتهام باطل لا يستند الى دليل.
كما يجب على الهيئة تنظيم الملتقيات والمؤتمرات والاحتفالات الخيرية، لتكريم المتميزين والمتفانين في العمل الخيري، وتقديم كل الدعم اللازم لهم، وتشجيع جيل جديد من الشباب للسير على خطى رواد العمل الخيري في الكويت من أمثال الشيخين عبدالرحمن السميط، وعبدالله النوري رحمهما الله، وغيرهما.
ولا ينحصر دور الهيئة على المساعدات والأعمال الخيرية، بل يجب ان يتجاوزها الى كل ما يتعلق بحقوق الانسان، اذ ينبغي أن تتولى الهيئة دراسة القوانين المحلية ومخاطبة الجهات المعنية من أجل تعديل اي قوانين او تشريعات او ممارسات تتعارض مع مبادئ حقوق الانسان، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها الكويت، وتكون لها فرق تقوم برصد اي انتهاكات تحدث في هذا المجال من أي جهة كانت، ومخاصمة هذه الجهات أمام القضاء، ويكون لها محامون يتولون الدفاع عن أي طرف مظلوم.