جفاف!
فتشت في زوايا الوطن, وبحثت في جهاته الأربع, عن شخصية عامة تستحق أن تكون قدوة, أو قياديا يرفع الرأس بأدائه, ويمكن اعتماده كمثال للنجاح والتميز, فلم أجد. وأظن, أنه لولا تسمية واختيار أميرنا المفدى قائدا إنسانيا, نظرا إلى صيت سموه المشهود, وعطائه الإنساني غير المحدود, لما وجدنا غيمة ندية ترطب جفاف هذه الأرض. يا إلهي, أيعقل أن تكون بلادي وصلت إلى سن اليأس, وانقطع عنها طمث الإبداع, وهي مازالت فتية وفي مقتبل العمر? هكذا سألت نفسي وأنا أنقب في الصحف وبين الأسماء والوجوه, علني أجد ضالتي, وأعثر بمن يجعلني أنتشي وأزهو فخرا وأنا أشير بيدي نحوه قائلا: هذا هو ابن بلادي!
لقد استعرضت معظم الشخصيات البارزة أو المتصدرة واجهة الإعلام, شيوخ ومشايخ ووزراء ونواب وسياسيين ومعارضين وقياديين وفنانين ورياضيين وأكاديميين, فلم أجد من بينهم من هو مهيأ ليكون نجما في مجاله, أو قدوة في عطائه. وهنا, لابد من التفريق بين النجومية والشهرة, فالأخيرة سهلة المنال, ويمكن لأي كان الوصول إليها, ولو بالسير عاريا في الشارع, بينما النجومية, هي حالة إبداع وتفرد, لا يصلها إلا الوطنيون المخلصون الحقيقيون… عذرا, لربطي النجومية بالوطنية, لظني, لا ليس لظني, وإنما ليقيني أن ما من امرأة أو رجل, أعطى بصدق وثابر بإخلاص, إلا وتلألأ اسمه عاليا بين الكواكب والنجوم, وفي أي مجال يكون فيه!
هذه هي المعادلة بمنتهى اليسر والبساطة, فلدينا المئات من المشاهير, ولكن ليس من بينهم واحد يستحق أن يكون نجما أو قدوة. وجراء الجفاف الذي تشكو منه أرضنا, تاه الشباب, لغياب القدوة والنموذج والمثال, وعم الجمود أركان الدولة, لانعدام وجود المخلص الذي يعطي وينجز ويجتهد ويتعب إكراما لوطنه. فالوزراء والقياديون, يتقاضون رواتب ومكافآت لاستعراض المعوقات, وتصنيف العراقيل, وتعداد المشكلات, وليس حلها. والسياسيون, معارضة وموالاة, لا هم لهم سوى الحديث عن الإصلاح ومحاربة الفساد, وغالبيتهم, أس الفساد ومحميته وموطنه. وبقية مشاهير القوم, رضوا بالأضواء, وخاصموا التميز والإبداع… أما والحال كهذا, فمن أين ستبزغ النجومية, ومن أين سيأتي القدوة?
صالح الغنام
salehpen@hotmail.com