تحدي القراءة يستهوي الجزائريين بدلا من “دلو الثلج”
أطلق رواد شبكات التواصل الاجتماعي في الجزائر فكرة “تحدي القراءة” بهدف التشجيع على المطالعة والقضاء على الكسل المعرفي، في محاكاة لتحدي “دلو الثلج” الذي انتشر عالميا في الفترة الماضية، ومن خلال هذه الفكرة يستعرض هؤلاء النشطاء أهم عشرة كتب أثرت في حياتهم.
وتعتمد فكرة “تحدي القراءة” على أن يستحضر المشارك قائمة بعناوين عشرة كتب قرأها سابقا، وتركت أثرا بالغا في حياته، وبعد ذلك يدعو عشرة أشخاص من أصدقائه لدخول هذا التحدي بتسمية عشرة كتب أثرت هي الأخرى في حياتهم.
وعبر هاشتاغ “الكتب_10_المؤثرة” يتبادل الأصدقاء قوائم بأسماء كتب طالعوها سابقا، أو تلك التي وضعوها في أجندتهم لقراءتها مستقبلا، وهي الفكرة التي استمدها أصحابها من فكرة “تحدي دلو الثلج” (Ice Bucket Challenge).
وانتشر هذا التحدي بشكل كبير عالميا، ويتمثل في أن يسكب الشخص المتحدي وعاء من الماء المثلج فوق رأسه، أو يتبرع بمائة دولار لفائدة حملة لنشر الوعي ومكافحة مرض التصلب العضلي الجانبي، الذي يصيب الجهاز العصبي بالضمور ويتسبب في تسجيل وفيات عالية بين المصابين به.
واستقطب التحدي شخصيات مشهورة على غرار رئيس شركة مايكروسوفت بيل غيتس، ومؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ، وأوبرا وينفري، والرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن، ونجم ريال مدريد كريستيانو رونالدو وغيرهم.
فكرة مشجعة
وفي الجزائر لاقت فكرة “تحدي القراءة” تجاوبا كبيرا عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وانخرط فيها إعلاميون ومثقفون وكتاب، والهدف هو تغيير الصورة النمطية لشبكات التواصل الاجتماعي وخاصة فيسبوك الذي ينظر إليه البعض على أنه مضيعة للوقت، وذلك بتحويله إلى وسيلة لتنمية فعل القراءة.
ويقول هواري حمزة -مكلف بالوسائط الاجتماعية لإحدى الفضائيات الجزائرية الخاصة- للجزيرة نت إن فكرة “تحدي القراءة” رغم طابعها الترفيهي الاستعراضي، فإنها أغوته بقراءة بعض العناوين التي استعرضها أصدقاؤه على فيسبوك.
واستجابة لتحدي أصدقائه، استعرض مجموعة عناوين قال إنها أثرت في حياته على غرار “مزرعة الحيوانات” و”1984″ لجورج أرويل، و”أصول الاستبداد العربي” لزهير فريد مبارك، و”تكوين العقل العربي”، و”الديمقراطية وحقوق الإنسان”، و”المثقفون في الحضارة العربية” لمحمد عابد الجابري، و”الانتفاضات العربية على ضوء فلسلفة التاريخ” لهاشم صالح، وغيرها من العناوين.
وأكد حمزة أن المشاهد لمجموعة الكتب التي استعرضها ستزيد من رغبته في الاطلاع عليها، لذلك هو يعتقد أن المبادرة “إبداعية” وتشجع على غرس سلوك القراءة والمطالعة والقضاء على الكسل المعرفي، الذي تعد -في رأيه- شبكات التواصل الاجتماعي أحد مسبباته.
أما الناشط في وسائل التواصل الاجتماعي بكوش محمد السعيد فقد اعتبر أن تحدي الكتب العشرة فرصة جميلة لتبادل تجارب القراءات، مؤكدا أنه لا يعتبر “الكتاب عظيما إلا إذا كان يلامس شيئا ما بداخلي”، وهي القاعدة التي اعتمدها في اختيار كتبه العشرة.
سحابة صيف
ورغم تثمينه فكرة “تحدي القراءة” فإن الناقد والإعلامي جمال غلاب اعتبرها غير كافية لتجذير عادة القراءة باعتبارها “فكرة آنية مثلها مثل سحابة صيف”.
ولتجذير عادة القراءة، دعا إلى الرجوع لقراءة المشهد الثقافي الذي يتشابه -حسب رأيه- في كل الأقطار العربية شكلا ومضمونا، من خلال عزوف كلي عن القراءة، وعزوف عن حضور العروض المسرحية وعن التردد على القاعات السينمائية.
ومثل هذه المعضلة يقول غلاب للجزيرة نت “لا يحلها لا المثقف ولا المؤسسات الثقافية، لأن القراءة فعل بيداغوجي يكتسب عن طريق المراس ويخضع للترغيب والمداومة”.
ويستحضر غلاب تجربة الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة في حث وزرائه ومن حوله على القراءة والمتابعة الثقافية بقوله “ماذا لو أن كل سياسي خصص رفقة مجلسه ساعة أسبوعيا لزيارة مكتبة عمومية للمطالعة، من المؤكد أن يثير ذلك الانتباه ويقلده على ذلك سكان بلديته أو محافظته”.
ويشير غلاب إلى أن عادة القراءة بهذه الطريقة “تتجذر لدى الجموع لأن المواطن العربي لا يتخذ المثقف ولا الأكاديمي قدوته، بل حامل الأختام وصاحب السلطان وباقي موظفي الدولة”، و”الناس على دين ملوكهم” كما يقول.