اقتصاد

محافظ المركزي: نولي أهمية خاصة لتطوير قدرات البنوك على ادارة المخاطر

قال محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل ان النظام المصرفي المالي والعالمي يمر حاليا بعهد جديد من الاصلاحات التنظيمية والهيكلية لتعزيز الاستقرار النقدي والمالي بغية تحقيق الاستقرار الاقتصادي الشامل.
واضاف الهاشل في كلمته خلال مؤتمر يورومني الذي انطلق هنا اليوم انه يتوجب على جميع السلطات الرقابية والوحدات المصرفية والمالية الاستفادة من تلك الاصلاحات باستخدام النهج المناسب لتطوير أنظمتنا المصرفية والمالية في ضوء التجارب الإقليمية والدولية وتطبيق أفضل الممارسات في هذا المجال والأخذ بالاعتبار الدور الحيوي الذي تلعبه المصارف في الاقتصاد.
وافاد الهاشل بان بنك الكويت المركزي يواصل جهوده الحثيثة للارتقاء بأدوات الاشراف والرقابة فى اطار مساعيه لتعزيز متانة الاوضاع المالية لوحدات القطاع المصرفي والمالي بما يتسق مع المعايير الدولية للرقابة الفعالة وبشكل خاص ما يصدر عن لجنه بازل للرقابة المصرفية ومنها المعايير الصادرة في اعقاب الازمة المالية العالمية والمعروفه بحزمة اصلاحات (بازل 3).
واشار الهاشل إلى ان المركزي يولي اهمية خاصة لتطوير قدرات البنوك على ادارة المخاطر واجراء اختبارات الضغط المالي لتعزيز قدراتها على مقاومة الصدمات ومواجهة الظروف والتطورات الضاغطة وصولا إلى تحقيق هدف ترسيخ دعائم الاستقرار المالي في الاقتصاد الوطني.
ولفت في هذا الاطار إلى موضوعين يمثلان نموذجا لجهود المركزي في العام الماضي ويمثلان في جوهرهما تجسيدا لأبعاد سياسات التحوط الكلي التي تستهدف في الاساس ترسيخ اسس الاستقرار المالي في البلاد.
واوضح ان الموضوع الاول هو ما اصدره المركزي في شهر يونيو الماضي من تعليمات بشأن معيار كفاية راس المال (بازل 3) بشكلها النهائي للبنوك التقليدية والاسلامية مشيرا الى انه قد سبق وان اعتمد المركزي في ديسمبر من عام 2013 هيكل راس المال الرقابي لهذا المعيار وتطبيقه وذلك في ضوء ما اسفرت عنه دراسة الاثر الكمي من نتائج جيدة اظهرت قدرة البنوك على استيفاء متطلبات معيار كفاية راس المال (بازل).
واضاف الهاشل انه تماشيا مع مقررات لجنه بازل تضمنت تعليمات بنك الكويت المركزي ما ينطوي عليه هذا المعيار من ادوات تحوط كلي تتمثل في تحديد متطلبات راس مال اضافية في صوره مصدات راس مالية تحوطية ومصدات اخرى للتقلبات الاقتصادية وكذلك متطلبات راس مال اضافية للبنوك ذات التأثير النظامي المحلي وذلك بهدف توفير قواعد راسمالية اقوى لهذه البنوك وزيادة قدرتها على مقاومة الصدمات والضغوط المالية.
وافاد الهاشل بانه استكمالا لتطبيق هذه الإصلاحات يمضي المركزي قدما في وضع المعايير الأخرى لحزمة (بازل3) والمتمثلة في معيار نسبة الرفع المالي ومعياري السيولة بناء على خطة زمنية مدروسة وآخذا في الاعتبار نتائج دراسات الأثر الكمي لتطبيق هذه المعايير.
وأشار إلى أن معيار السيولة التي تشملها حزمة إصلاحات (بازل3) تعتبر بدورها من قبيل أدوات التحوط الكلي نظرا لأنها موجهة لتعزيز سيولة البنوك من خلال احتفاظها بأصول سائلة عالية الجودة وكذلك تدعيم مصادر الأموال المستقرة للبنوك وتخفيف الاعتماد على التمويل قصير الأجل إضافة إلى ذلك فإن نسبة الرفع المالي تعتبر أيضا أداة تحوط كلي آخذا في الاعتبار وظيفتها كآلية داعمة ومكملة للاطار العام لنسبة كفاية رأس المال التي تستند إلى المخاطر التي تواجهها البنوك.
أما عن الموضوع الثاني فقال محافظ البنك المركزي انه يرتبط بتنظيم أنشطة تمويل العقار السكني حيث أصدر المركزي في نوفمبر من العام الماضي تعليمات إلى البنوك وشركات الاستثمار وشركات التمويل المحلية تتضمن ضوابط بشأن التمويل الممنوح للعملاء الأفراد بغرض شراء أو تطوير العقارات الواقعة في المناطق السكنية.
وبين ان هذه التعليمات جاءت في ضوء ما تبين للمركزي من تسارع واضح في نمو هذا النوع من التمويل مقرونا بارتفاعات ملموسة في أسعار السوق لهذا النوع من العقار آخذا في الاعتبار الأهمية الخاصة لهذا النوع من التمويل وملامسته وارتباطه بالاحتياجات الأساسية للمواطنين علاوة على أهميته لوحدات القطاع المصرفي والمالي المحلي وآثاره على المحافظ التمويلية لدى الجهات المانحة له.
وذكر أنه تم اصدار تلك التعليمات لتكمل مجموعة الضوابط القائمة والمعمول بها بشأن القروض الاستهلاكية والمقسطة ولتشكل في مجموعها منظومة متكاملة لإطار متطلبات السياسة التحوطية الكلية مضيفا أن اهتمام المركزي بوضع الضوابط المنظمة لأنشطة تمويل العقار السكني ينبع من منطلق الوعي بمدى أهمية وتأثير تلك الأنشطة على سلامة أوضاع القطاع المصرفي والمالي.
وأضاف أن ضوابط وتعليمات المركزي أكدت ضرورة وضع حدود موضوعية وواضحة لأنشطة تمويل العقار السكني وأن تكون عملية منح التمويل مستندة إلى دراسة ائتمانية متكاملة لمدى ملاءة العميل ومركزه المالي مع التحقق من توافر تدفقات نقدية لديه تكفي للوفاء بإلتزاماته في المواعيد المحددة.
واكد أن الضوابط حددت الحدود القصوى للتمويل الذي يمكن منحه كنسبة من قيمة العقار الذي يتم تمويله وهو ما يرسخ اعتبارات الحصافة في منح ذلك النوع من التمويل بما يتماشى مع المعايير الدولية في هذا المجال.
واشار الى انه انطلاقا من الحرص على مصلحة العملاء وتحوطا ضد مخاطر تطورات السوق فقد راعت تلك الضوابط عامل الشفافية عند منح التمويل من خلال إحاطة العميل بمعدلات الفائدة والعائد والآثار المترتبة على أي تغيرات قد تطرأ عليها خاصة في حالة تحرك أسعار الفائدة نحو الارتفاع والتي تعتبر حاليا عند أدنى مستوياتها التاريخية بحيث يكون العميل على دراية تامة بأعباء التمويل التي سيتحملها.
واضاف انه من الجانب الاخر وهو ما يتعلق بوضع حد أقصى لأجل التمويل بما لايزيد عن 10 سنوات من منطلق الحرص على ألا يصبح العميل أسيرا لأعباء الوفاء بالتزامات المديونيات لعقود من الزمن في ظل عدم وجود قوانين الرهن العقاري في الكويت حتى الآن.
واضاف ان الازمة المالية العالمية الاخيرة وما نجم عنها من تداعيات لا يزال العديد منها قائما تسلط الضوء على العلاقة المتداخلة بين الاستقرار النقدي من جانب وما بات يعرف بالاستقرار المالي من جانب اخر وعلاقة كليهما بالاستقرار الاقتصادي بوجه عام.
وقال ان اهمية الاستقرار المالي وتعاظم الاهتمام به تزايدت منذ اندلاع الازمة المالية العالمية الاخيرة ويمكن القول بان تزايد اهتمام البنوك المركزية بموضوع الاستقرار المالي وسبل تحقيقه انما يرتبط في جانب مهم منه باحد الدروس المستفادة من هذه الازمة.
واضاف انه بشكل اكثر تحديدا اصبح من الواضح ان السياسة النقدية وادواتها لاتتمكن منفردة من تحقيق الاستقرار المالي ومن هنا ايضا يبرز التاثير المتبادل بين السياسية النقدية وسياسات التحوط الكلي ضمن اطار الدور المحوري المزدوج للقطاع المصرفي المالي.
وذكر ان سياسة التحوط الكلي اصبحت تشكل احد المحاور المهمة ضمن اطر العمل التنظيمية والرقابية وذلك في ضوء ما كشفت عنه تلك الازمة من ان سياسات التنظيم والرقابة الجزئية لاتكفي لضمان عافيه النظام المصرفي والمالي ككل وانما يتوجب مساندتها بنهج اكثر شمولية للسلامة التحوطيه الكلية من اجل الحد المخاطر النظامية وحماية النظام المالي.
وقال المحافظ ان سياسة التحوط الكلي تعرف بانها تلك السياسة التي تستخدم الادوات الموجه للحد من المخاطر النظامية والتصدي لاي معوقات قد تأثر على قدرة النظام المالي في الاستمرار في تقديم الخدمات المالية الاساسية التي قد بترتب على انقطاعها او اضطرابها نتائج حقيقة على الاقتصاد الحقيقي موضحا انه في هذا الاطار تركز سياسة التحوط الكلي على موضوع الترابط ببين المؤسسات المصرفية والمالية وتداخلها مع الاسواق ومدى انكشاف هذه المؤسسات على المخاطر الناجمة عن المتغيرات في اداء الاقتصاد الكلي والدورات الاقتصادية .
واوضح ان اهداف سياسة التحوط الكلي تتمثل في صيانة الاستقرار المالي من خلال تطبيق ادوات التحوط المناسبة لمكافحة الاختلالات المالية والحد من مخاطر وقوع ازمات على النطاق الواسع للنظام المالي التي يترتب عليها تكاليف باهظه على الاقتصاد الوطني مع توفير التدابير اللازمة لاحتواء اثار التقلبات الحادة على الاقتصاد الحقيقي.
وذكر ان تجربة المركزي غنية في مجالات التحوط الكلي حيث بادر في اطار سياساته وبرامجه الرقابية الى وضع العديد من الضوابط من بداية التسعينيات والتي غدت الان تشكل منظومة متكاملة من سياسات التحوط الكلي المتعارف عليها.
وانطلق مؤتمر (يورومني كويت 2014) في دورته السادسة اليوم وتشارك في تنظيمه وزارة المالية ومؤسسة (يورومني) بحضور كوكبة من الخبراء والمختصين ورجال الاعمال وممثلي الجهات الحكومية لتبادل الاراء حول بعض القضايا المحورية في الشأن الاقتصادي ويختتم اعماله في وقت لاحق اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.