مقالات

مسؤولية «الإنسانية» الكبرى

ارتفع أمس، التاسع من سبتمبر، اسم الكويت في اكبر محفل دولي بأجمل لقب لها ولأميرها، ويؤكد هذا دور صندوق التنمية ونشاطه في الدول النامية والفقيرة، واعلان الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد، بعد ايام من كارثة العصر حين غزا العراق الكويت واحتلها، ومن على منبر الامم المتحده إلغاء فوائد ديون الدول النامية، فضلا عن إسراع اهل الكويت الى مد العون لكل من يحتاج في اي مكان.

اعتقد ـ والله اعلم ـ ان هذه هي المرة الاولى التي تمنح الامم المتحدة هذا اللقب لرئيس دولة ودولة.

وهكذا تصدرت الانسانية المشهد الكويتي، وهذا بالنسبة لنا مصدر فخر، لان الانسانية سمة راقية وعالية تختزل في معانيها الخير كله.

والإنسانية لا يمكنها أبداً أن تنفصل عن التسامح ومحبة الآخرين وتقديم العون لهم، بغض النظر عن الخلفية التاريخية أو الدينية أو العرقية، وهذا بالطبع يحتاج الى تضمينها مناهجنا وقوانيننا وكل سلوكياتنا، وفرضها علينا بأسلوب نتشربه مع كل كلمة ندرسها وجملة نتعلمها، لأن الإنسانية والتسامح أنقى وأرقى السلوكيات التي يتحلى بها الانسان، ومن ثم الشعوب، وهذا بحد ذاته يفرض علاقات صحية تساهم في نشر السلام والحب والإلفة بين كل الشعوب.

نعم.. وبكل تأكيد يجب ان يكون في روزنامتنا الوطنية يوم رسمي للإنسانية والتسامح، يعلن كمناسبة رسمية لعل وعسى ان نعيد من خلاله ما هدمه التطرف والتزمت بكل اشكاله.. عرقيا او دينيا او مذهبيا، يوم تحشد فيه الاحتفالات في كل مكان، بداية من المدارس وانتهاء بالاعلام، لنتعلم مصطلحا كبيرا يكمن فيه سر السلم والسلام، ولنغوص في معانية وكيفية تحقيقه في مجتمعنا، الذي نخرته الامراض الاجتماعية التي كادت تفتك به.

لنترك لشبابنا التفكير، ومن خلال العصف الذهني، بطرح الافكار الابداعية والجديدة للاحتفال بهذا اليوم على مستوى الكويت كل عام، وليتم اختيار شعار كل عام يدور في فلك الانسانية والتسامح، حتى نخلق جيلا يبنى كل سلوكياته على هذا المعنى، فقد مللنا اللامسؤولية والفوضى وحب الأنا وطلب الحقوق، مع تناسي الواجبات ازاء الوطن، مللنا خرق القانون والاتكال على قوة القبيلة والطائفة والمذهب، مما اوصلنا الى انسانية وتسامح مفصلة حسب كل خلفية.

ما احوجنا اليوم الى ان نسارع في ترميم الشروخ التي اصابت الجسد الكويتي بسبب اهمال المجتمع، بداية من السلطة مرورا بالمواطن نفسه، في تدارك خطورة هذا الخلل منذ بدايته ووضع حد له، حتى تعمقت بعض هذه الشقوق وصدعت المبنى بشكل يهدده، وقد يؤدي الى سقوطه اذا لم يعالج مبكرا، وما تأصيل الانسانية والتسامح في حياتنا الا مفتاح لأمور كثيرة استجدت على مجتمعنا، وسبيل لاعادة البوصلة الى اتجاهها الصحيح.

على الجهات المسؤولة التفكير جديا بتحويل هذا اليوم الى مناسبة تحتفل بها المدارس والوزارات بأفعال وسلوكيات ونشاطات، وليس بالتعطيل والكسل وتأجيل الاعمال، جميل ان تتزين شوارعنا ولوحات الاعلان بعبارات الانسانية والتسامح، وان تتسابق جمعيات المجتمع المدني والحكومية ايضا الى القيام بمبادرات لخدمة كل فئات المجتمع من خلال لمسات انسانية، تنطق بالاحترام والتقدير لها، وإنها جزء اساسي من هذا المجتمع، الذي يقدر كل دور يقوم به ابسطهم واكثرهم مسؤولية.

ان اعلان الكويت مركزا انسانيا مسؤولية كبيرة، يجب ان يتفاعل معها كل من يعيش فيها ويشعر بها، كل من يتعامل معها، اكثر من مجرد شعار يكرر في المناسبات والخطب المحلية والدولية.

إقبال الأحمد

iqbalalahmed0@yahoo.com
“القبس”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.