مصر تدخل التحالف الدولي ضد داعش
عشية الذكرى الـ13 لتفجيرات 11 سبتمبر، شهدت الساحة السياسية حالة من الاستنفار تشبه أجواء الإعداد لحرب، إثر تحركات مكوكية أمريكية لحشد تحالف عالمى ضد تنظيم «داعش»، فيما شهدت الساحة الميدانية تصعيدا للقصف الأمريكى على مواقع التنظيم فى العراق، مترافقا مع تسريبات عن خطط «البنتاجون» لضرب مواقعه فى سوريا. بينما يعقد وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى غدا اجتماعاً بمدينة جدة السعودية مع عدة وزراء خارجية عرب، لبحث سبل التصدى لتنظيم «داعش»، وبناء تحالف دولى ضده.
وأعلنت وزارة الخارجية مشاركة الوزير سامح شكرى فى هذا الاجتماع، ومن المقرر أن يشارك فى الاجتماع دول مجلس التعاون الخليجى والأردن وتركيا إلى جانب الولايات المتحدة. وقال السفير بدر عبدالعاطى، المتحدث باسم الوزارة، إن الاجتماع سيبحث التحديات التى تفرضها التطورات الأخيرة الناجمة عن ظاهرة الإرهاب، وانتشار التنظيمات الإرهابية فى أنحاء مختلفة فى منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف «عبدالعاطى» أن مشاركة وزير الخارجية فى هذا الاجتماع تأتى قبيل بدء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتى ستُطرح خلالها قضية الإرهاب ضمن القضايا الرئيسية المطروحة على الأجندة الدولية. وأكد أن رؤية مصر واضحة فيما يتعلق بظاهرة الإرهاب، وهى أنها تهدد الأمن والسلم والاستقرار ليس فى منطقة الشرق الأوسط وحدها، وإنما فى العالم كله بما فيه الولايات المتحدة وأوروبا.
وتابع «عبدالعاطى» لـ«المصرى اليوم »: «وبالتالى لابد من تضافر الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة هذه الظاهرة»، معتبرا «أن وجهة النظر المصرية ثبتت سلامتها، وأن العالم والغرب أصبح يدرك ويقتنع أن المشكلة ليست موجهة لدولة أو نظام معين، وإنما ظاهرة الإرهاب ظاهرة عالمية ولابد من وجود تنسيق إقليمى ودولى لمواجهتها».
فى سياق متصل، وقبل ساعات من خطابه المرتقب اليوم لعرض خطته لمواجهة «داعش»، تواصل إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما تحركاتها على الصعيد الداخلى لحشد الدعم لمواجهة التنظيم الذى سيطر على مساحات واسعة فى العراق وسوريا. ويسعى أوباما للضغط على الكونجرس من أجل الحصول على المزيد من التفويض، قبل ساعات من وصول وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى إلى الشرق الأوسط بهدف بناء تحالف دولى لمواجهة هذا التنظيم.
وفيما أعلنت الخارجية الأمريكية أن أكثر من 40 دولة تشارك فى التحالف العالمى ضد داعش، قال البيت الأبيض إن أوباما يريد من الكونجرس ضخ أموال فى صندوق مكافحة الإرهاب لتدريب وتجهيز شركاء فى دول أخرى لمحاربة «المتطرفين»، وهى مبادرة ستمثل المكون الرئيسى فى خطته للتعامل مع مقاتلى داعش. وأوضح المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش أرنست، أن أوباما يعتقد أن لديه حاليا السلطة التى يحتاجها للتعامل مع الخطر الذى يمثله «داعش» على المواطنين الأمريكيين.
ومن المتوقع أن يمضى أوباما قدما فى حملته العسكرية ضد «داعش» حتى دون طلب تفويض خاص من الكونجرس، لكن مشرعين أعلنوا أمس الأول أنهم على الأرجح سيوافقون على أى طلب يتقدم به أوباما للحصول على أموال إضافية.
وقبل ساعات من خطابه المرتقب اليوم يجتمع أوباما مع 4 من قيادات الكونجرسن هم: هارى ريد، زعيم الأغلبية فى مجلس الشيوخ، وميتش مكونيل، زعيم الأقلية فى المجلس، وجون بينر، رئيس مجلس النواب، ونانسى بيلوسى، زعيمة الأقلية فى المجلس. وقال مساعد فى مجلس النواب إن مسؤولين فى الإدارة الأمريكية سيعقدون لقاء مع جميع أعضاء المجلس البالغ عددهم 435 غداً الخميس بعد لقاء مماثل فى مجلس الشيوخ.
وذكر مشرعون أمريكيون أن هناك تأييدا واسع النطاق فى الكونجرس لهجمات تستهدف داعش، خاصة بعد بث تسجيلين مصورين لذبح التنظيم صحفيين أمريكيين خلال الفترة الماضية.
ويتطلب قرار سلطات الحرب لعام 1973 أن يستشير الرئيس الكونجرس قبل الدفع بالقوات المسلحة الأمريكية فى أعمال قتالية، لكنه يسمح ببقاء هذه القوات شهرين قبل أن يحصل على موافقة الكونجرس على التحرك.
وعلى الصعيد الدولى، من المقرر أن يترأس أوباما فى 24 من سبتمبر الجارى اجتماع قمة فى مجلس الأمن سيخصص للتهديد الذى يشكله المقاتلون الأجانب فى سوريا والعراق. وفيما يتعلق بالعراق اعتبرت واشنطن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة حيدر العبادى «خطوة حاسمة» نحو هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية. وقال البيت الأبيض إن أوباما اتصل بالعبادى لمناقشة التزام واشنطن بمساعدة حكومته فى التصدى لمسلحى تنظيم داعش.
وميدانياً، شنت الطائرات الأمريكية، أمس الأول، 5 غارات جوية جديدة على أهداف لعناصر داعش، على مقربة من سد «حديثة»، ومدينة أربيل شمال العراق. وذكر بيان صدر عن قيادة القوات المركزية الأمريكية أن الطائرات الحربية دمرت فى الغارات 4 سيارات مسلحة، مشيرا إلى أن عدد الغارات الجوية التى نفذتها الطائرات الأمريكية ضد داعش بلغ 148 غارة جوية خلال شهر.
وترافق تكثيف الضغط فى العراق مع تأكيد مصادر أمنية أمريكية ومعارضين سوريين فى واشنطن ما سرّبته وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» بأن خططها للتعاطى مع داعش فى سوريا باتت جاهزة، والمطلوب هو قرار من الرئيس الأمريكى. وبحسب تلك المصادر وضع مخططو البنتاجون 3 خيارات، الأول استعمال الطيران لضرب سيطرة داعش على حدود سوريا مع العراق، واغتيال قيادات فى التنظيم، خصوصاً المسؤولين عن قتل الرهائن الأجانب، وقيادات متوسطة تعتبر ضرورية لإدارة العمل الميدانى.
ويشير الخيار الثانى إلى ضرب مراكز داعش فى منطقة الرقة، التى تعد مركز ثقل وتجمّع كبير لقيادات التنظيم وتسليحه وتمويله.