الخطة الأمريكية لضرب “داعش” كيف تترجم في سوريا؟
تعهد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بشن حرب “بلا هوادة” على تنظيم “الدولة الإسلامية”، عبر توجيه ضربات جوية على مواقعه في سوريا والعراق وتعزيز الدعم الذي تقدمه بلاده إلى القوات العراقية والمعارضة السورية المعتدلة، بهدف إلحاق الهزيمة بالتنظيم المتطرف.
أسئلة صعبة
ويطرح هذا التعهد جملة أسئلة حول سبل وضعه قيد التنفيذ.
كيف سيرد النظام السوري على أي غارة أمريكية على أراض سورية، أو على تدريب مقاتلين معارضين؟
أعلنت دمشق بوضوح، أن “أي عمل عسكري على أرضها” من دون موافقتها أو تنسيق معها سيعتبر “اعتداء”، لكن الخبراء يشككون في قدرة النظام أو رغبته في القيام بأي رد فعل ميداني.
ويرى الخبير العسكري في مركز “إينجما” للدراسات رياض قهوجي، إن المسؤولين السوريين “قد يشكون ويحتجون، لكن عسكريا لا يستطيعون شيئا”، مؤكدا أنه يسهل على المقاتلات الأمريكية إسقاط أي مقاتلة سورية في حال اقترابها منها.
ويسيطر تنظيم “الدولة الإسلامية” بشكل كامل على محافظة الرقة “شمال” وشبه كامل على دير الزور “شرق”، دون أي وجود يذكر لقوات النظام.
من هي مجموعات المعارضة المعتدلة التي يمكن أن تحصل على دعم أمريكي؟
لم تحدد الولايات المتحدة المجموعات التي ستسعى إلى تدريبها وتسليحها، بينما تطلق المعارضة السورية إجمالا على هذه المجموعات المعتدلة اسم “الجيش الحر”. وبالنظر إلى المجموعات المقاتلة حاليا ضد النظام وتنظيم “الدولة الإسلامية”، يرجح أن تكون المجموعات المشمولة بالمساعدة الآتية:
قوى معتدلة
“حركة حزم”: تشكلت في مطلع العام 2014 من عسكريين ومقاتلين في ألوية وكتائب مختلفة يرفضون التطرف الإسلامي والفساد المستشري ضمن المجموعات المسلحة السورية، وينادون بدولة علمانية، وأثبتوا في تعاملهم مع الأمريكيين والجهات الإقليمية الداعمة إنهم منظمون وجديون، بحسب ناشط سوري على علاقة بهذه المجموعات.
وأكد دبلوماسي غربي في تركيا، أنه سبق لهذه الحركة تلقي أسلحة بينها صواريخ “تاو” المضادة للدبابات، من الأمريكيين الذين يشاركون في تدريب عناصرها في معسكرات على الحدود التركية السورية.
ألوية أخرى صغيرة نسبيا يضم كل منها بضعة آلاف من المقاتلين الذي يشاركون أيضا في دورات تدريب مع الأمريكيين على الحدود التركية أو الأردنية، وتلقت سابقا بدورها صواريخ “تاو” وأسلحة أمريكية، ومنها “لواء العاديات” الناشط في اللاذقية “غرب” وحماة “وسط”، و”لواء العمري” في الجولان “جنوب”، و”لواء نسور الجبل” في حماة، و”لواء اليرموك” في درعا “جنوب”، و”لواء الأنصار” في إدلب “شمال غرب”، و”لواء نور الدين زنكي” في حلب (شمال)، وغيرها..
وينضوي بعض هذه الألوية تحت لواء “جبهة ثوار سوريا” التي تشكلت نهاية العام 2013 من ألوية وكتائب عسكرية ذات توجه علماني، بعد وقت قصير على تأسيس “الجبهة الإسلامية” “نوفمبر 2013” التي تضم مجموعات منادية بتحكيم الدين.
الجبهة الإسلامية
المجالس العسكرية التابعة لهيئة الأركان التي تنسق مع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أبرز القوى السياسية المعارضة المدعومة من الغرب، يقدر عدد المقاتلين في هذه المجالس بعشرات الألوف، إلا أن ناشطين ومقاتلين يؤكدون أن فاعليتها على الأرض تراجعت كثيرا بفعل تنامي نفوذ تنظيم “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة” ومجموعات أخرى على رأسها “الجبهة الإسلامية”.
ما هي الأسلحة وأنواع التدريب التي يمكن للأمريكيين أن يقدموها؟
لم يوضح الأمريكيون نوعية الدعم الذي سيقدمونه إلى المعارضة المعتدلة، ويقول لؤي مقداد، رئيس مركز “مسارات” الإعلامي السوري المختص بشؤون الحركات العسكرية في سوريا، إن برنامج التدريب والتسليح الذي بدأ الأمريكيون العمل به قبل أشهر ليس كافيا، إذ يقتصر على تدريب حوالي 200 عنصر شهريا، مع تقديم أسلحة خفيفة لهم، ويقول أن المطلوب “كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر الخفيفة والمتوسطة، إذ أن الحرب لاستعادة المناطق من (داعش) ستكون حرب شوارع”، كما أن المطلوب “صواريخ مضادة للدروع باعتبار أن داعش يمتلك آليات ثقيلة”.
كما أشار إلى حاجة الجيش الحر إلى سيارات عسكرية رباعية الدفع وأخرى مجهزة لتثبيت المدافع عليها.
إلا أن الفصائل العسكرية في سوريا التي تنتظر منذ 3 سنوات دعما عسكريا جديا، لا تزال تشكك بتجاوب الولايات المتحدة مع هذه الطلبات.
كيف يمكن للغارات الجوية أو المساعدات إلى مقاتلي المعارضة أن تؤثر على المعركة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”؟
حظر جوي
يشكك عدد كبير من المقاتلين والمعارضين داخل سوريا في قدرة الضربات الجوية الأمريكية والتسليح المحدود والبطيء في استئصال التنظيم.
ويقول مقداد، “من المستحيل استئصال داعش، ما لم تترافق الضربات الجوية مع تحركات على الأرض لمقاتلي الجيش الحر، الجيش الحر هو الذي يفترض أن يستعيد المدن”.
لذلك، يحتاج إلى الأسلحة المذكورة، ولكن أيضا إلى “منطقة حظر جوي في شمال سوريا وشرقها لحماية مواقع تجمع المقاتلين وتحركاتهم” من طيران النظام الذي قد يستغل الحرب على “الدولة الإسلامية” ليستهدف مقاتلي المعارضة بشكل أكبر.
ما تأثير العملية الأمريكية على المعركة ضد النظام السوري؟
بالنسبة إلى الغرب، يكمن الحل المثالي في تسليح المعارضة المعتدلة من أجل تمكينها أيضا من التفوق على قوات نظام الرئيس بشار الأسد الذي يعتبرونه “فاقدا للشرعية”، لكن خبراء يرون تحقيق ذلك أمرا صعبا.
ويرى الباحث في مركز “إيريس” للأبحاث في باريس كريم بيطار، أن العملية الأمريكية قد تكون لها نتيجة عكسية، إذ قد تقوي تنظيم “الدولة الإسلامية” في حال ازداد الشعور السني بالغبن في غياب أي حل سياسي يضمن إزاحة الأسد، أو تقوي الأخير بتحويل الأنظار عن المطالبة بإسقاطه، ويخشى، “في غياب استراتيجية حقيقية تعالج جذور المشكلة في سوريا” أن تساهم العملية في “تسريع تفتيت البلاد”.
كما أن مقاتلي المعارضة يحتاجون في قتالهم ضد النظام إلى سلاح مضاد للطيران لمواجهة الغارات الكثيفة التي يتعرضون لها، وهو مطلب قديم لم يتحقق.