مقالات

شكرا سمو الأمير ولكن،

نهنيء أنفسنا أولا وأميرنا وووطنا الغالي بتسميته مركزا إنسانيا، وبتكريم صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح –حفظه الله ورعاه- كقائد إنساني من قبل اعلى منظمة دولية هي الأمم المتحدة، فمما لا شك فيه بأن مثل هذا الشرف الدولي واللقب الإنساني يعزز من مكانة الكويت الدولية، ويحصن من أمنها الاستراتيجي ويثبّت دورها الاقليمي، وما كان ذلك ليتحقق لولا حكمة صاحب السمو الأمير وجهوده الإنسانية لإغاثة المنكوبين في كل مكان بالعالم دون قيود السياسة وأثمانها في أسواق المصالح.
إن مثل هذا التكريم لائق بسمو الأمير وبسياسة الكويت الخارجية التي هندسها سموه على مدى خمسة عقود أو يزيد، ولكنه تكريم يتطلب استحقاقات وتعزيز سياسات وتصحيح أخرى، فتسمية الكويت مركزا إنسانيا تتطلب تعزيز الدور الإنساني الذي تلعبه الكويت على الصعيد الخارجي، والتمعن في السياسة الداخلية وإعادة النظر في بعض ركائزها، فصحيح أن الدور الخارجي للكويت يعزز من أمنها الاستراتيجي، ولكن الأصح هو أن تصحيح السياسات الداخلية وتعزيز الجبهة الداخلية هو الدعامة الأولى التي تقوم عليها استراتيجيات الدول لتدعيم أمنها واستقرارها ومكانتها.
يحاول البعض –مع الأسف الشديد-استغلال هذا التكريم الرفيع للتغطية على كل الأخطاء والنواقص في الجبهة الداخلية، بل اعتبره بعضهم -نفاقا وتعمدا- نوعا من الشرعنة الدولية لكل السياسات الحكومية المحلية، وبمثابة صك براءة لكل خطايا الحكومة وقضايا الفساد التي تعج بها مؤسسات الدولة المترهلة، والتي قال سمو الأمير بحق عن إحداها فقط ‘بأن فسادها ما تشيله البعارين’، لا بل ذهب أحدهم بأن اعتبر التكريم شهادة وفاة لأي نوع من أنواع المعارضة بالبلاد، وهو موقف يشكل قمة النفاق والدجل، فليس هناك سياسات كاملة، وليس هناك حكومات فوق المعارضة وخصوصا بدولة مثل الكويت التي يحكمها الدستور ويضمن فيها حرية الرأي.
إن لمثل هذا التكريم الكبير استحقاقات على الكويت وحكومتها على الصعيد الداخلي، ولعل أبرزها:
1. وقف سياسات الملاحقة الحكومية وسجنها لمعارضيها وفصلهم من وظائفهم ووقف نهج الانتقام وسيف سحب الجنسية الانتقائي والتي تضرر منها عشرات الأسر وأطفالهم وذويهم.
2. حل مشكلة البدون والتعامل مع قضاياهم الإنسانية التي يعانون منها بيننا، فحري بنا أن نعالج ما هو بيننا من قضايا إنسانية كما نتعامل مع قضايا المجتمع الدولي واحتياجاته.
3. التصدي لقضايا الفساد وخصوصا تلك التي تورط بها كبار المتنفذين والمستفيدين من مشاريع مليارية لم تر النور أو أنه اعتراها النقص والقصور المعيب.
4. العمل على تلاشي شعور قطاعات عريضة بالمجتمع الكويتي بأن القانون انتقائي أعور، وبأن العقوبات القانونية اختيارية وليست سواسية كأسنان المشط على الجميع.
إن الكويت بحاجة إلى فتح حوار وطني ‘إنساني’ لتجاوز القصور والأخطاء نتيجة لسياسات حكومية تضعف الجبهة الداخلية، وهي الجبهة الأولى التي يجب أن نعمل على تعزيزها تحسبا لهيجان منطقة متلاطمة بدماء الحروب الطائفية المدمرة من حولنا، وهي الضمانة الأكيدة لاستقرارنا الداخلي وأمننا المحلي.
إن التعامل مع قضايا الجبهة الداخلية بالكويت، مسألة ملحة، وأولوية يمكن أن تتحقق بمبادرة من صاحب السمو الأمير- القائد الإنساني الكبير- حفظه الله ورعاه، فصباح الأحمد مبادر دوما لما يمكن أن يخدم الكويت بالدرجة الأولى، ويعزز من مكانتها واستقرارها داخليا وقبل كل شيء. وليس ذلك على سموه بعسير…
فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، وتأتي على قدر الكرام المكارم

سعد بن طفلة العجمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.