الكويت وخمسون عاما من التعاون البناء مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
يتزامن احتفال دولة الكويت بذكرى مرور خمسين عاما على انضمامها الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع قرب انعقاد الدورة ال58 السنوية للمؤتمر العام للوكالة وتزايد دورها ومساهماتها في انشطة الوكالة بما يدعم مشروعات التنمية في دول العالم الثالث.
وحرصت دولة الكويت منذ انضمامها الى عضوية الوكالة في 14 سبتمبر عام 1964 على تنمية وتوسيع علاقاتها مع هذه المنظمة الدولية الفنية التي تحظى بتقدير واسع على المستوى العالمي ولا سيما في مجال الابحاث والصحة والطاقة والزراعة والبيئة وبرامج التعاون التقني وبما يعود بالنفع على دول المنطقة والكويت.
ويأتي هذا التعاون بعد ان اثبتت الوكالة وعلى مدى عقود من الزمن حيادها ومهنيتها في التعامل مع الملفات النووية الحساسة ابتداء من مراقبة ورصد البرامج النووية العراقية ذات الابعاد العسكرية اثناء حكم النظام العراقي السابق ومرورا بملفات ايران النووية وكوريا الشمالية وسوريا فضلا عن مساعيها الرامية لجعل الشرق الاوسط منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل وفي مقدمتها الاسلحة النووية.
ودشنت الكويت مرحلة التعاون الفني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 1976 حيث ابدى المسؤولون في كلا الجانبين التزامهم بتكثيف الجهود خلال المرحلة المقبلة في مجال التعاون التقني ومتابعة برامج ومشروعات دولة الكويت وتسخير امكانات ادارة التعاون التقني بالوكالة في خدمة الدول الاعضاء ومنها دولة الكويت.
وفي الوقت الذي يسير فيه التعاون الكويتي مع الوكالة بخطى حثيثة تجلت في توقيع اتفاقات عدة على المستوى الثنائي بغية الاستفادة من خبرات الوكالة في تنفيذ برامج وخطط الكويت التنموية المستقبلية فان الكويت وفي ذات الوقت كانت من بين اوائل الدول من ناحية تسديد التزاماتها في ميزانية الوكالة السنوية ومساهمتها في صندوق التعاون الفني الذي يخدم تنفيذ مشروعات التنمية في دول العالم الثالث حيث احتلت الكويت عام 2009 المرتبة الاولى في مستوى التزامها مع برامج التعاون الفني مع الوكالة حيث بلغ التزامها مستويات مرتفعة تعادل 95 بالمئة.
ولم تقتصر مساهمات الكويت على هذه المجالات فحسب بل تعدتها من خلال تبرعها الطوعي بمبلغ عشرة ملايين دولار كمساهمة في بنك الوقود النووي المقترح انشاؤه والذي يسهل على الدول الحصول على الوقود لتنفيذ المشروعات المختلفة ذات الطبيعة المدنية السلمية والتي تخضع لرقابة الوكالة المباشرة.
وانطلاقا من ايمان الكويت الراسخ بالدور الذي تقوم به الوكالة في اعمال الرقابة والتفتيش على المنشآت النووية في العالم وبهدف تشجيع الاستخدامات السلمية للطاقة النووية والحد من التسلح واعتماد اساليب الحوار والدبلوماسية والتعاون لتسوية القضايا العالقة المتصلة بالأنشطة النووية فانها استجابت لنداء المدير العام للوكالة عندما قام سفير دولة الكويت لدى النمسا ومندوبها الدائم لدى الوكالة في فيينا صادق معرفي بتقديم مبلغ مالي قدره 250 ألف يورو كمساهمة في تغطية تكاليف انشطة الرصد والتحقق التي تقوم بها الوكالة في ايران بموجب خطة العمل المشتركة التي تم التوصل اليها في 24 نوفمبر الماضي بين مجموعة (5+1) وايران.
ولاقى هذا الالتزام الكويتي ترحيبا كبيرا من قبل المسؤولين في الوكالة وعلى راسهم مديرها العام يوكيا امانو الذي اكد في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) ان دولة الكويت شريك اساسي و”مهم جدا” بالنسبة للوكالة معربا عن امتنانه لدعمها المتواصل للوكالة عبر تبرعاتها الطوعية السخية اضافة الى دفع مساهماتها المالية في ميزانية الوكالة بشكل منتظم دون تأخير.
كما ابدى امانو ارتياحه الكبير ازاء مستوى التعاون القائم مع الكويت مثمنا بشكل خاص ما تبديه الكويت ومعهد الكويت للأبحاث العلمية من التزام قوي بتنفيذ المشروعات الوطنية مع الوكالة مشير الى ان مثل هذا الالتزام انعكس بشكل ايجابي على التعاون واثمر عن التوقيع على العديد من الاتفاقيات المهمة بين الجانبين.
واشار امانو الى اهمية اتفاقيات التعاون التقني بين الوكالة ودولة الكويت ومن بينها الاتفاقية المبرمة مؤخرا بين الجانبين للسنوات الممتدة من 2014 الى 2019 والتي سيتم في اطارها تنفيذ العديد من الانشطة والمشروعات المشتركة بين الطرفين.
ويتجلى حضور الكويت داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليس فقط في اطار الدعم المالي المتواصل بل في دعم خطط ومشروعات الوكالة في نقل التكنولوجيا السلمية للدول النامية وجعل الشرق الاوسط منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل.
ولابد من الاشارة هنا الى ان الكويت ومن خلال رئاستها للقمة العربية ورئاستها للمجموعة العربية في فيينا حاليا تضطلع بدور بارز في تعزيز التعاون بين الدول العربية والعمل العربي المشترك من خلال حشد الجهود الدولية لإقامة المنطقة الخالية من الاسلحة النووية وزيادة الاستفادة العربية من مشروعات الوكالة الفنية في مجالات الصحة والزراعة والري وحماية البيئة وغيرها.
كما تساهم الكويت بشكل بارز في اجتماعات الوكالة وخاصة دورات مجلس محافظيها ومؤتمرات الوكالة السنوية العامة ولاسيما من خلال وجودها داخل مجموعات عدم الانحياز ومجموعة ال77 والصين والمجموعة الاسيوية اضافة الى المجموعة العربية التي تخطط لتقديم مشروع قرار عربي خلال الدورة ال58 للمؤتمر العام للوكالة التي ستبدأ في فيينا في 22 سبتمبر الجاري يدعو الى تحقيق عالمية معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية ويحث الدول على اخضاع منشآتها النووية للرقابة الدولية.
ويأتي مشرع القرار في ظل استمرار إسرائيل في رفض الانضمام لهذه المعاهدة رغم امتلاكها ترسانة نووية غير خاضعة لأية رقابة دولية وبرغم كون الدول العربية أطرافا موقعة ومصادقة على هذه المعاهدة.