العاقل من اتعظ بغيره
أثناء حكم الرئيس الراحل معمر القذافي، قام سيف الاسلام باستقطاب عبدالفتاح يونس، وجاء به من المحاكم لكي يتولى امانة العدل (وزارة العدل)، ولم يكن ذلك بسبب كفاءته، انما بسبب انتمائه للاسلامويين، وكان بذلك يريد توجيه رسالة تطمين لتلك الفئة عن طريق اشراكهم في السلطة مقابل تعهّدهم العدول عن نهج العنف الذي اشتهرت به منطقة الجبل الأخضر في ليبيا.
يضيف الكاتب علي شندب في كتابه )القذافي يتكلم)، ان الاسلامي مصطفى عبدالجليل نقض العهد مع سيف الاسلام، فعمل طوال سنين تولّيه أمانة العدل ومسؤوليتها على توظيف وظيفته في مشروعه الخاص، فكانت الأحكام أبان عهده تتميز بالشدة والمبالغة والقسوة من أجل تأليب الناس وتحريضهم على القذافي الذي يعتبر هو القاضي الأول، وأن دور الأمناء السياديين لا يتجاوز حدود تنفيذ التعليمات والأوامر العليا، وقد كانت هناك مساجلة عام 2008 في سرت بين مصطفى عبدالجليل المتمسك بحتمية ووجوبية ومشروعية اعدام القاتل، والعقيد القذافي المصرّ على التفريق بين بواعث القتل فهل يستوي وكما قال القذافي حينها، عقاب القاتل الذي قتل بدون وجه حق، مع عقاب القاتل الذي قتل دفاعا عن حق تقره الأديان والقوانين والأعراف.
في تلك المساجلة ظهر مصطفى عبدالجليل بمظهر الحريص على المجتمع والدولة والقانون متسلحا بجعبة الاصلاح، ومحاربة الفساد والمفسدين، أما في الواقع فقد كان في حالة توظيف للدين والفقه والاجتهاد لزرع التأفّف بين الليبيين من قضاء صارم وظالم، وقد أثبتت الأحداث صحّة ذلك، حيث كان هو أول المنقلبين على القذافي.
هذا الجزء اقتطعته من ذلك الكتاب للاستدلال منه على خطورة ذلك التمسك الشديد من قبل الادارات العليا في الكويت بمستشارين ينتمون للاخوان المسلمين، لم تر الكويت وأهلها فائدة منهم، بل وكانوا هم المستفيدون، فقد جعلوا من وظائفهم وسيلة يخدمون فيها تنظيمهم وجماعتهم بكل طريقة ممكنة، وبنكا يمدّهم ويمدّ تنظيمهم العالمي بالثروات.
هذا التقريب الحكومي لأعضاء التنظيم، وتكريمهم بالمراكز العالية ذات المزايا الكبيرة لم يمنع هؤلاء من التكشير عن أنيابهم عند أول فرصة لاحت لهم للوصول..، والحاق الكويت بدولتهم التي ظنوا أنها صارت قاب قوسين أو أدنى، وليسجل التاريخ جملة القيادي الاخواني الكويتي طارق السويدان الشهيرة «ما هي الا أسابيع قليلة وتسقط دولة الفساد»، ولتثبت لنا الأيام ان السويدان ان كان يريد، وتنظيمه ان كان هو أيضا يريد، فهناك عزيز جبار هو الفعال لما يريد، حمى الكويت وشعبها الطيب وبحكمة أميرها مما كانوا يخططون له، واخلاص أهلها مدنيين وعسكريين.
خلاصة القول، هؤلاء الناس لو كان لديهم اخلاص لما خانوا حتى من أكرمهم من الرؤساء كمحمد أنور السادات، مثلا، الذي أخرجهم من السجون وقربهم اليه، فاحذروا هؤلاء، ولا تعتقدوا لأنهم كويتيون لا يخونون، فهذا الكلام كان ماضياً وانتهى، فالكويتي التكفيري الذي هان عليه ان ينحر انسانا لا يعرفه لأنه مختلف معه، لن يصعب عليه ان يفعل المثل بكم، لأنه، والحق ينقال، مختلف معكم وأيضا عنكم.
عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw
“الوطن”