مقالات

حتى لا نصبح نادمين!

حسن الهداد

من الربيع الدموي بدأت الفتنة الكبرى، ورأينا ما حدث في ليبيا وسورية والعراق من قتل وتدمير وتهجير الآمنين من مساكنهم تحت شعار الحريات ونصرة الدين، وتلك الفوضى امتدت إلى لبنان وسقط بها قتلى وجرحى في صفوف الجيش اللبناني والمدنيين.
الأمر الأدهى أن هناك انتشارا غير مسبوق لجماعات تدعي نصرة الدين في دول الربيع العربي فضلا عن المتعاطفين مع أفكارهم المتطرفة بدول عربية وخليجية، كل هذه المؤشرات تدل على أن دول الخليج مستهدفة من قبل أطماع جماعات الترهيب، وحقيقتهم ما هم إلا «ريموت كنترول» بيد قوى تجتمع بها تحالفات صهيونية تهدف إلى تغيير الخارطة الجغرافية في منطقة الشرق الأوسط لغاية في نفس بني صهيون.

والأهم في مخططهم تشويه صورة الإسلام وتحويله إلى دين إجرامي أمام نظر العالم، لتحقيق مآرب خبيثة توسعية، تبدأ ملامحها أثناء تحطيم قواعد الدين الإسلامي السمح من خلال نشر داء الطائفية المذهبية في المحيط العربي والإسلامي ليعم القتال بين المسلمين، أي تعتبر حربا بالوكالة وهذا ما يحدث أمامنا اليوم للأسف.

ولكن السؤال: هل المخطط يسير وفق طموحهم؟ جميع القراءات تشير إلى أن المخطط قد ينجح مادام هناك دعاة فتنة مهمتهم الرئيسية نشر الكراهية بين الطوائف الاسلامية.

وللأسف هنا يكمن الخطر الحقيقي على دول الخليج وتحديدا أتحدث عن الكويت، لماذا الكويت؟ لأن الكويت تتمتع بجزء كبير من الحرية، ومن سلبيات الحرية أنها تمنح المتطرفين فكريا التحرك بساحات كبيرة لنشر سمومهم، وإن كانت تحركاتهم تسير بحذر إلا أن الحرية تمنحهم أكثر أمانا تحت مسمى «حرية الرأي» لنشر أفكارهم الهدامة وسط مجتمع للأسف نرى منهم من يتقبل هذه النوعية من دعاة الفتنة وهنا تقع الطامة الكبرى.

والأمر الأكثر عجبا.. أن هناك أسماء مشهورة في المجتمع من جميع المذاهب لا يملكون إلا اثارة الفتنة استنادا إلى شهرتهم ومكانتهم بين اتباعهم، وكأن الأمر مخطط له بعناية، والمصيبة تجد لديهم اتباعا يدافعون عن أفكارهم بحماس وتطرف وقد تتعرض إلى الأذى إذا هاجمت أفكارهم اللاإنسانية، إذن الأمر بحاجة إلى إنقاذ سريع من هذا الخطر قبل أن تقع الفأس في الرأس، ونصبح نادمين.

ما دام الخطر يحدق بنا وخطره من الداخل، فالأولى أن نحارب كل من يحمل فكر الكراهية الذي ينشر باسم الدين حتى نحد من تأثيرهم على المتعاطفين معهم خاصة أننا نعيش بمرحلة استثنائية تتطلب منا كشعب التكاتف لضرورة صد أي عدوان فكري خبيث يهدف إلى غزو عقول شبابنا البريء، والمسؤولة الكبرى تقع على عاتق الحكومة من خلال تفعيل قانون الوحدة الوطنية ومحاسبة كل من يسعى إلى شرخ وحدتنا بازدراء الأديان والمذاهب والاستهانة بأي مكون من مكونات الشعب دون تمييز ومحاباة لأحد.. وهنا أتذكر ما قاله رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون «لا تحدثني عن حقوق الإنسان حين يتعلق الأمر بالأمن القومي».

نعم «وصح لسانك» يا كاميرون.. إذا كان الأمر يتعلق بأمن واستقرار الوطن فعلينا ألا نتعاطف مع كل من يثير الفتن الطائفية لاسيما في تلك المرحلة الحرجة التي تعيشها المنطقة، فالأمر بات يتعلق بخطر يحوم حولنا وفكر ارهابي يهدد وطننا بالعلن.

فمن دواعي خوفنا على الكويت، ندعو وزير الداخلية الى أن يشد الأحزمة ويضرب بيد من حديد في تلك المرحلة تحديدا بمحاسبة مثيري الفتن الطائفية ورصد المتعاطفين مع الجماعات المتشددة، وكلنا رأينا في أكثر من مناسبة رايات التطرف ترفرف وسط التجمعات مستغلة الأحداث الأخيرة على الساحة المحلية ومع ذلك لم نر أي تحرك لمحاسبتهم.

التراخي يا سيدي لن يجني الأمن والأمان، فتطبيق القانون على كل من يثير الفتنة حتما سيجعلهم في حالة خوف وركود، والوضع اليوم يتطلب الحزم ضد من يسعى لهدم أركان المجتمع بقذارته الطائفية.. فالشاطر من يتعلم من دروس الجيران.

hassankuw@hotmail.com

“الانباء”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.