الشرف الأممي.. له أسباب أخرى!!
مازالت الكويت تعيش أجواء من البهجة والفرحة بالتكريم الأممي لصاحب السمو أمير البلاد حفظه الله، وبالشهادة التقديرية التي سلمها بان كي مون، أمين عام الأمم المتحدة لسموه، عرفاناً وتقديراً لدوره كقائد للعمل الانساني.
كثير من الكتاب والمحللين تباروا في وصف وتحليل وابراز أسباب هذا التكريم المستحق، واتفقوا جميعاً على ان السبب الرئيسي في هذا هو دور الكويت في دعم جهود التنمية في شتى انحاء العالم.
لدي رؤية متواضعة، وأسباب أخرى أراها موضوعية تماماً، أبني عليها رؤيتي المختلفة لهذا التكريم الأممي.. أولها ان الكويت جبلت على العطاء، ومنذ اكثر من 50 عاماً وهي تساهم في دعم الدول النامية، من خلال الصندوق الكويتي، الذي أسسته قبل أكثر من نصف قرن، ليكون بمثابة ذراعها التنموي الذي يساعد الآخرين على مساعدة أنفسهم.. من دون قيود أو شروط كالتي تشترطها الصناديق الأخرى المعروفة في العالم، والتي تتراوح ما بين شروط سياسية او اقتصادية، بل وعرقية وربما دينية أيضاً!!.
٭٭٭
وقد أرست الكويت دعائم حقيقية لها في مضمار دعم جهود التنمية في العالم، ومع هذا.. فانها ليست وحدها التي تنفرد بهذا الدعم او بهذا الصندوق.. فهناك صناديق تنتمي الى دول أخرى عربية وغير عربية عديدة مثل الصندوق الكويتي.. لذا فإنني أنظر الى هذا التقدير من جانب آخر تماماً، فلطالما كانت حكمة سمو الأمير تسبق قراراته، واستطاع ان يعبر بالكويت من عنق الأحداث الملتهبة الرهيبة التي مرت بها المنطقة خلال ثلاث السنوات السابقة.. وذلك بهدوئه وبحكمته وبنزعته الى السلم والأمن والعمل على تحقيقهما، لذلك فإنني لن أتحدث عن مبادراته السابقة في دعم الاقتصاد في الدول النامية أو الفقيرة، وانما سأتحدث عن اهتمامه وتفاعله مع طروحات الأمم المتحدة واحتياجاتها الملحة للمساهمة في دعم السلم والأمن وسط طرق ملبدة بالمخاوف من غيوم الحرب!!.
٭٭٭
ذلك أنه لا يخفى على أحد ان دول مجلس التعاون على الرغم من انها تحتمي بمظلة واحدة هي مظلة «اتحاد دول مجلس التعاون الخليجي» الا ان السياسات الخارجية لهذه الدول تختلف من دولة الى اخرى وفقاً لمصالحها التي تراها.. فمثلاً موقف السعودية وقطر في لبنان يختلف عن موقف الكويت، فمازالت الكويت تمد يد العون والمساعدة في التنمية من دون الدخول كطرف في الصراع الدائر هناك، وكذلك الحال في سورية والعراق وليبيا وتونس ومصر، كل ذلك نتاج حكمه وحصافة سمو الأمير التي انعكست على قراراته وسياسات دولة الكويت، مما جنبها الانزلاق في دهاليز السياسة والاكتواء بنير خلافتها وصراعها والوقوف مع طرف ضد طرف آخر، وذلك في أحلك الظروف التي مرت على المنطقة. كل هذا في تقديري هو الدور الذي استحق سمو الأمير ان يكرم عليه وأن تتوج حكمته وحنكته وسياساته بمنحه لقب القائد الانساني من المنظمة الدولية.
٭٭٭
اننا وعلى حين نرى دولاً في المنطقة تتعارك في العراق نجد ان صاحب السمو ذهب الى منحى آخر.. حيث دعا الى عقد مؤتمر دول جوار العراق، تلبيةً لمطالب الأمم المتحدة، وقد أثمر هذا المؤتمر وثيقة مهمة عرفت بـ«وثيقة العهد الدولي إزاء العراق»، التي وضعت الأساس لتقديم الدعم الدولي للعراق، ثم جاءت مبادرته الانسانية الأخرى، وفي ظل ظروف مشابهة.. حيث راحت دول المنطقة تتنازع فيما بينها على «سورية» وانزلقت كل منها في دعم فصيل ضد فصيل، ومرة أخرى تتجلى حكمته، حيث دعا سموه الى عقد مؤتمر الدول المانحة لدعم سورية، الذي جاء أيضاً استجابة لطلب الأمم المتحدة، ليكون شمعة وسط الظلام السائد، فقد تكفلت الكويت بهذا المؤتمر الذي حقق نجاحاً كبيراً واستطاع ان يتعهد بجمع 1.5 مليار دولار لدعم النازحين والمنكوبين من أشقائنا السوريين في الداخل والخارج، في الأردن ولبنان وغيرها من الدول.
٭٭٭
لذلك فانه في تقديري ان النظرة الى ما يقوم به سمو الأمير يجب ان تكون أعمق وأشمل مما يبرز على السطح، فعلى حين يغوص الجميع في المغامرات السياسية ويغرقون في الأحقاد والصراعات التي تكتوي بها شعوب دول المنطقة وفي قلبها الخليج، جراء قرارات وسياسات غير موفقة، نجد ان الأمير بحنكته وحكمته وخبرته يأخذ العالم نحو مسارات أخرى.. فعند اشتداد الظلام يأخذنا صاحب السمو ليشعل المصابيح في هذه الظلمة القاتمة التي تمر بها المنطقة، لذلك أستحق هذا الشرف الأممي والذي نفخر به جميعاً.. بحق.. وبجدارة، فسلمت لنا يا صاحب السمو.. ولكن أكرر ما ذكرته في مقالاتي السابقة، هي ان في الوقت الذي يحلق صاحب السمو بالكويت في العلياء، فان هناك من لا يعمل بصدق ولا ينجز وانما يهوي بنا ويفشلنا من الداخل!!.
حفظك الله يا سمو الأمير..
.. والعبرة لمن يتعظ!!.
منى العياف
alayyaf63@yahoo.com
twitter@munaalayyaf
“الوطن”