عليكم بالتدريب والتهذيب معاً
من الطبيعي لأي خريج جديد ان يكون فاقدا للخبرة، ومن الطبيعي ان تمر عليه سنوات قبل ان يصبح ملما تماما بخفايا ومتطلبات ومهارات وظيفته، ومن الطبيعي ان يعاني هو ومراجعوه من بعض المشكلات نتيجة لنقص الخبرة تلك، ولكن يمكن للدولة ان تسهّل ذلك كله، وتقصّر مدة الحصول على الخبرة والمعلومات، وتوفر على المواطنين ما يعترضهم من مشاكل، وتعطيل، وتغنيهم عن الدخول في مشاجرات وخناقات بسبب عدم كفاءة الموظفين الجدد الناتج عن نقص الخبرة لديهم، ان هي اتخذت الاجراءات المناسبة.
احدى قصص نقص الخبرة تلك جرت في أحد المخافر في منطقة جنوب السرة منذ فترة، وبطلتها احدى المحققات الجديدات، التي تمرّ في حالة من الحيص بيص اذا أتاها مراجع يطلب مساعدتها، بسبب عدم معرفتها كتابة وترتيب ورقة تحقيق قانوني سليم لحادث تصادم أو غيره، الأمر الذي يتسبب في تبرم وضيق المراجعين ممن يريدون تسجيل شكوى، أو تخطيط حادث سيارة. ان حلّ نقص الخبرة عند الخريجين الجدد، وعلاج المشاكل الناجمة عن ذلك ليس صعبا، ويمكن للحكومة ان تعالجه بأهون وأسهل الطرق، وما عليها الا ان تعزم أمرها، وتتوكل على الله. الحل ببساطة هو في التدريب المبكر للخرّيجين الجدد، قبل استلامهم مهام الوظيفة التي يتم تعيينهم فيها، وأن يقوم بتلك المهمة الموظفون الأسبقون على هؤلاء الموظفين الصغار.
ان مشكلة التعامل مع موظف لا خبرة لديه أحد أسبابها الخطأ الذي ترتكبه الدولة منذ فترة، وهو قيامها بالتخلص من جميع الموظفين الكويتيين من أهل الخبرة، ممن تخطّوا الثلاثين عاما في الوظيفة، واحالتهم للتقاعد القسري، الأمر الذي يتسبب في نوع من الخلخلة والفراغ في قطاعات العمل المختلفة، والمفروض ألا يخرج أحد للتقاعد الا بعد ضمان كون خليفته في المكان على نفس المستوى من القدرة والكفاءة والمعرفة. من ناحية أخرى، تستطيع الدولة ان تستفيد من خبرات موظفيها القدامى بتكليفهم بنقل تلك الخبرات للموظفين الجدد عن طريق دورات وظيفية مدفوعة التكاليف، تقام بعد الظهر في نفس أماكن وقاعات العمل، ويكون حضور تلك الدورات اجباريا، وأحد شروط الترقي لوظيفة أعلى أو للحصول على الدرجات والمكافآت.
يبقى القول ان الوضع يزداد سوءا اذا تزامن مع نقص الخبرة سوء التعامل مع المراجعين، فالقدرة على التعامل الجيد مع المراجع مهارة اذا لم تكن موجودة بالفطرة عند الموظف، فلابد من تدريبه عليها لضمان حسن سير العمل، وللحد من أية مشكلات قد تنشب بين الموظف والمراجع، وفي الأخير، كل واحد في وظيفته خادم لغيره، وبالتأكيد ستكون أحوالنا أفضل لو أحسن كل موظف أداء عمله، وتعامل بشكل جيد مع الآخرين.
عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw
“الوطن”