“بورصة الكويت” إحدى أهم أسواق المنطقة نحو الارتقاء الى الاسواق الناشئة
تعتبر سوق الكويت للأوراق المالية (البورصة) من أهم أسواق المال في المنطقة الخليجية لقوة شركاتها ال199 المدرجة وتناهز قيمتها السوقية ال 32 مليار دينار كويتي ما يجعلها في عين الاهتمام لتتخطى مستوى الأسواق المبتدئة نحو الارتقاء الى الاسواق الناشئة.
وعرف المستثمرون الكويتيون التداول في الأسهم مع انشاء بنك الكويت الوطني عام 1952 كأول شركة مساهمة كويتية من ثم أصدرت الحكومات الكويتية تباعا عددا من القوانين والقواعد لتنظيم أنشطة تداول الأوراق المالية.
وفي عودة الى ما قبل عام 1976 فقد كانت سوق الكويت قناة استثمارية مهمة الى درجة انها حلت في المرتبة ال12 عالميا من حيث حجم التداول وكانت المعلومات والتسويات المالية تتم غالبا عن طريق شيكات مؤجلة قابلة للتداول.
ومع ازدياد أعداد المتداولين أدت تلك التعاملات الى ارتفاع قيمة الاسهم الى أرقام قياسية غير مبررة مقارنة بقيمتها الدفترية وبدأت آثار هذا الارتفاع تظهر في سوق (المناخ) فقامت الحكومة بتحديد السعر الاسمي للاسهم بدينار كويتي ما أدى الى انخفاض أسعار الاسهم الفعلية وبدأت الاسعار تتراجع تدريجيا حتى انهار السوق.
إثر ذلك تدخلت الحكومة بشكل عاجل في محاولة لمعالجة وتدارك الوضع بدعم الشركات المتعثرة وصرفت نصف مليار دينار واتخذت عددا من التدابير السريعة للحيلولة دون تكرار مثل تلك الأزمة مرة اخرى منها ايقاف تأسيس أي شركة مساهمة جديدة ووضع شروط مشددة لادراج الشركات الجديدة.
وكان السبب الرئيسي لنشوء الازمة وانهيار سوق المناخ غياب الرقابة الرسمية الفعالة للدولة كما أدى نشاط بيوع الآجل الى ارتفاع كبير وغير منطقي لأسعار الاسهم مقارنة بقيمتها الدفترية.
ومع تحسن أوضاع السيولة في البلاد عام 1981أصبح التداول بالأسهم يستقطب كل أو عموم أفراد المجتمع وشهد الربع الاخير من العام نفسه ارتفاعا مهولا في قيمة الاسهم وحجم التداول في كل من السوق الرسمي وغير الرسمي (المناخ) حتى أصبح سوق الكويت ضمن التصنيف الآمن عالميا من حيث حجم التداول كما تعدى التداول في بعض الاسابيع بسوق الكويت حجم التداول في بورصة لندن.
وكانت ذروة القوانين المتعلقة بالبورصة قد تمثلت في شهر أغسطس عام 1983 بصدور مرسوم أميري بانشاء سوق الكويت للأوراق المالية (البورصة) الذي كلف رسميا بمهام تنظيم أنشطة التداول ووضع ضوابط لها.
وفي عام 1984 أغلق سوق المناخ نهائيا وأعلن مدير السوق وقتها عدم السماح للتداول بالأوراق المالية في غير السوق الرسمية ابتداء من الثالث من شهر نوفمبر من العام ذاته.
وواصلت السوق القيام بهذه المهام حتى موعد نقل مسؤولياتها التنظيمية الى هيئة أسواق المال التي أنشئت بموجب القانون الجديد ودخل حيز التنفيذ في 28 فبراير 2010.
ولطالما كانت الكويت على الدوام رائدة بين الدول العربية على صعيد أنشطة الأوراق المالية ففي نوفمبر 1995 طبقت البورصة أول نظام للتداول الالكتروني.
وفي أكتوبر 1998 تم إدخال السوق الآجل ليتم في أغسطس 2003 إدخال سوق البيوع المستقبلية وفي نوفمبر 2003 بدأ التداول الالكتروني من ثم في مارس 2005 تم تطبيق سوق الخيارات.
ومع مرور السنوات في سوق المناخ ومنذ ثمانينيات القرن الماضي الى الآن ادخلت ادارات البورصة المتعاقبة العديد من أنظمة التداول بداية من اليدوية الى أحدثها المعروف بنظام (اكستريم) أحد منتجات (ناسداك.او.ام.اكس) الذي يستخدم في اكثر من 15 دولة حول العالم.
ويوفر هذا النظام ذو الاداء المتطور وظائف متعددة ومرونة عالية ويلبي احتياجات السوق الكويتي وتم تصميمه لدعم حجم التداول المتزايد في البورصة اضافة الى القدرة على تداول عدة منتجات مختلفة بوقت متزامن بما في ذلك الاوراق المالية والديون والصناديق والعقود المستقبلية والآجلة والخيارات.
وامتدادا لتطوير الاداء فقد انشات البورصة مؤشر (كويت 15) لقياس أداء السوق والذي صمم ليكون المقياس الرائد للاقتصاد الكويتي وليتبع الاداء ككل ما يعكس اقصى حالة ممكنة لوضع التداول وبغرض تسهيل تداول المشتقات في السوق.
وتتم مراجعة مؤشر (كويت 15) دوريا بهدف تحقيق الاستقرار المطلوب للمؤشر وامكانية الاستثمار به وتخفيض كلفة المعاملات مع المحافظة على الارتباط الوثيق بالسوق.
ومن خصائص مؤشر (كويت 15) انه وزني للقيمة الرأسمالية وقابل للتداول ويتضمن أكبر 15 شركة في السوق من حيث السيولة والحجم وتتم مراجعته بشكل نصف سنوي واختيار الشركات ذات السيولة والقيمة الرأسمالية الأعلى.
ومن ضمن خصائص المؤشر أيضا انه يساهم كأساس للأدوات المرتبطة بالمؤشرات مثل مؤشر المشتقات ومؤشر الصناديق والصناديق القابلة للتداول وغيرها من الادوات كما له ارتباط وثيق بمؤشر السوق الوزني الكلي للقيمة الرأسمالية.
وفي اطار خطته التحديثية وسعيه الدؤوب الى بلوغ مصاف الاسواق العالمية تبنى سوق الكويت للأوراق المالية (البورصة) مبادرة إعادة تصنيف قطاعات السوق بما يراعي التوافق مع المعايير الدولية وطبيعة السوق الكويتية.
وتعتمد هذه المبادرة نظاما لتصنيف قطاعات السوق يستخدم على نطاق واسع عالميا يعرف بمعيار تصنيف الصناعة (أي.سي.بي) وصمم لتقديم تعريف دقيق وموحد للصناعة الى مجتمع الاستثمار العالمي.
ومن مزايا تصنيف القطاعات التوافق مع المعايير الدولية المعتمدة وزيادة الدقة عن طريق استخدام تعريفات الصناعة الموحدة والانعكاس الحقيقي والاساسي لنشاط الشركة وتمكين مقارنة وقياس الشركات على مستويين محلي وعالمي.
ومن ضمن المزايا كذلك اجتذاب المستثمرين من خلال تعزيز مبادئ الشفافية في السوق ما يؤدي الى زيادة مستوى السيولة فيه ومساعدة مديري الصناديق في قراراتهم الاستثمارية والقدرة على التكيف مع التغيرات المستقبلية والمساعدة على تطوير المنتجات المشتقة مثل المؤشرات والمحافظ وغيرها.
واستكمالا لتقديم الخدمات المتطورة جاء موقع السوق الالكتروني ليشكل احدى مفردات خطة التحديث الشاملة التي ينتهجها السوق وقفزة نوعية جديدة بخصائصه وميزاته وسماته وأساليب معالجته لسائر البيانات والمعلومات وآليات عرضها.
ويستمد الموقع الالكتروني معلوماته وبياناته مباشرة من مخزن معلوماتي الكتروني فائق الحداثة اضافة الى بيانات الشركات المالية الحالية والتاريخية وسائر اخبار الشركات المدرجة بالسوق واخرى خاصة بالتحليل المالي والاقتصادي واخبار السوق المختلفة.
ومن مزايا الموقع الالكتروني سهولة استرجاع المعلومات والبيانات وزيادة كفاءة أمن البيانات والمعلومات ودعم مختلف مستويات الخدمة وزيادة كفاءة وبث ونشر وتنوع وتصنيف المعلومات.
الى ذلك ينتظر الكثيرون من المهتمين بأمر السوق الكويتية قرار ضمها وترقيتها الى مصاف الاسواق الناشئة كما سبقها في ذلك سوقا قطر والامارات لكن لابد من تذليل بعض التحديات التي تقف حجر عثرة أمام تحقيق الحلم بجعل الكويت مركزا ماليا اقليميا.