الجزائر: التحقيقات تكشف “الخطأ الأكبر” الذي ارتكبه الفرنسي غورديل وأودى بحياته
متد التحقيق حول جريمة اختطاف واغتيال الفرنسي هيرفي غوردال إلى فرنسا، وقال مصدر أمني رفيع إن كل المؤشرات تؤكد أن حادثة الاختطاف لم تقع صدفة، وأن هناك نحو 30 إرهابياً على الأقل شاركوا، بشكل مباشر وغير مباشر، في الاختطاف، حسب ما أوردته صحيفة “الخبر” الجزائرية، اليوم الأربعاء.
وأكد مصدر مطلع أن عملية الاختطاف تم تنفيذها بناء على معلومات شديدة الدقة، حيث تحركت الجماعتان الإرهابيتان اللتان نفذتا العملية بناء على معلومات دقيقة، وفي مواعيد محددة، تؤكد كلها أمراً واحداً، وهو أن محيط الضحية غوردال كان مخترقاً، حيث حصل الإرهابيون في الجزائر على معلومة دقيقة حول وجهته وهدف زيارته للبلاد.
اختراق ومراقبة
وتأكد المحققون في الجزائر من أمر ثان مهم، وهو أن تغيير برنامج الرحلة في اليوم الأخير كان أكبر دليل على وجود عملية مراقبة لم ينتبه لها الضحية، حيث أشار مرافقو الضحية في التحقيق إلى أنهم اضطروا لتغيير برنامجهم بسبب الأحوال الجوية.
ويقترب المحققون من الوصول إلى “خلية الإسناد” التابعة لجند الخلافة أو لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب، وهي الخلية التي كان لها الدور الأبرز في عملية الاختطاف.
وكشف مصدر أمني أن “خلية إسناد وتموين”، وهو الاسم الذي يطلقه تنظيم القاعدة في بلاد المغرب على الخلايا النائمة التي تنتشر في المدن وتعمل على توفير المؤن والأدوية والمعلومات لصالح التنظيم، شكلت ما يسمى بـ “فرقة الرصد” أو “مجموعة الرصد”، وكانت تراقب الضحية منذ وصوله إلى الجزائر العاصمة، ثم قدمت المعلومات لمجموعة الاقتحام التي نفذت العملية بسرعة، وسلمت الضحية لمجموعة ثالثة هي مجموعة التأمين، التي نقلت الضحية إلى المكان الذي أعدم فيه.
لا علاقة للعملية بالصدفة
ويؤكد فريق التحقيق الجزائري فرضية أن التخطيط للاختطاف بدأ قبل ما لا يقل عن أسبوع أو أسبوعين من وقوع عملية الاختطاف، وربما شهر.
وقال مصدر إن العملية الإرهابية “لا علاقة لها بالصدفة”، والسبب هو أن عدد الإرهابيين الكبير في المجموعة لا يمكن أن يتواجد هنا صدفة، كما أن العمل الذي قامت به مجموعة الرفع والنشر والتنزيل، لنشر الفيديو بالسرعة التي نشر بها، دليل على أن ما لا يقل عن 50 إرهابياً شارك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في العملية.
السؤال الذي حدد مصير عملية الاختطاف
كان السؤال الأول الذي طرحه الخاطفون على مرافقي غورديل بعد اختطافه هو: “هل كانت مصالح الأمن الجزائرية على علم بتحرككم؟”، وكان الرد هو أن الأمن الجزائري لم يكن على علم بتفاصيل الرحلة الأخيرة للرهينة غورديل، وقد كان الإرهابيون بحاجة ماسة للإجابة عن هذا السؤال من أجل تعديل مخطط عملية الاختطاف، ورغم أن الفرنسي كان قد تنقل إلى موقع خطير من دون مواكبة أمنية، إلا أن الإرهابيين كانوا بحاجة لمعرفة رد فعل الأمن والجيش بعد عملية الاختطاف.
وقال مصدر أمني رفيع إن غورديل “ارتكب أكبر خطأ في حياته عندما تحرك من دون إخبار الأمن الجزائري”، وأضاف: “لو أن غورديل أخبر الأمن لمنع من الوصول إلى المكان الذي تم فيه اختطافه، أو لتحرك ضمن مرافقة أمنية”، ورفض المصدر تأكيد أو نفي معلومة على قدر كبير من الأهمية، تشير إلى أنه حتى لحظة اختطافه لم تكن مصالح الأمن في البويرة على علم بأنه موجود هناك.
ويتنقل الأجانب في الجزائر في إطار تنظيم أمني معروف، حيث يتم إعلام الجهة الأمنية المختصة بوصولهم إلى المنطقة عبر برقية أمنية سرية، وقد بدأ العمل بهذا النظام بعد اختطاف الرهائن الأوروبيين في الصحراء، إلا أن غورديل لم يكن متعاوناً مع المخطط الأمني الرسمي وهو السبب الرئيسي لوفاته، حسب تقرير أمني رفع إلى السلطات الامنية والسياسية الرسمية.
ولم يدم احتجاز الرهينة الفرنسي لدى الإرهابيين المنتمين لجماعة جند الخلافة طويلاً، وأدرك المحققون أن هيرفي سيعدم خلال ساعات، وأن أفضل ما يمكن أن تحصل عليه قوات الجيش في مواجهة الخاطفين هو تصفيتهـم أو محاولة تحريره بالقوة.