
ألن هننغ، عساك للجنّة يا طيّب
نحن في محنة عظيمة بغض النظر عمن أطلق ذلك الوحش الهمجي ليطغى في البلاد، ويهلك الحرث والنسل، وحين تدفع مشاعر الرحمة والانسانية رجلا غربيا ان يبذل وقته وماله وجهده من أجل عمل الخير، وحين يترك ذلك الرجل بيته وأسرته وأحبته وأصدقاءه من أجل مساعدة الناس في سورية، والتخفيف من معاناتهم، وحين يجمع الأموال من المحسنين في بريطانيا، ويشتري بها سيارة اسعاف يأخذها لذلك البلد المنكوب، ثم لا يوضع أدنى اعتبار لذلك كله، ويتم اختطافه وذبحه مثل النعاج،
وتسجيل لحظة قطع رأسه الوحشية، وعرضها على العالم كما حدث مع أبرياء آخرين غيره، فهذا لا يدلّ الا على مدى السقوط في الحضيض الموحل الذي تعانيه تلك الجماعة الارهابية الشنيعة، التي بلغت فيها الجرأة الوقحة ان تدعي انتماءها للاسلام، وهو منها براء.لسنا واثقين حتى الآن من الحظيرة التي تربت فيها تلك الحيوانات الشرسة، ولا نعرف البوابة التي خرجت منها لتمارس فسادها، واجرامها، وتعدّيها على خلق الله الآمنين،
فقائل يدّعي أنها جاءت من رحم القاعدة التي جاءت بدورها من جماعة الاخوان المسلمين التي لا تعترف بالأنظمة الحاكمة وتريد اقامة دولة الخلافة، وآخر يقول إنها صنيعة أمريكية خالصة، يتم استخدامها لتحقيق الأهداف المطلوبة ولكنها انقلبت عليها، وأخذت تقتل أبناءها وتهدد حلفاءها، وقائل يرى أنها صنيعة فارسية بحتة لتشويه صورة المذهب السني وحشد العالم ضده من أجل تمهيد الطريق لايران للسيطرة على دول الخليج وبلعها بسهولة، من غير ان يلومها أحد، وقائل يرى أنها نتيجة التعليم الديني المنغلق والفكر المعادي للآخر المختلف، وفي جميع الأحوال، وأيا كان الراعي فهي جماعة ابليسية شيطانية لا تعرف الدين لأن دينها الحقيقي هو القتل، واستحلال الدماء، ولا تؤمن باله لأن الله هو الحب والرحمة والشفقة والتسامح،
وهي لا علاقة لها بكل ذلك، فالهها الكراهية والحقد والقسوة والانتقام.عالمنا العربي في محنة حقيقية، فداعش- وان قل عددهم- جرثومة خطيرة استطاعت ان تنشر في البدن العربي المريض أساسا، ومن يعلم، ربما كان مقصودا ترك المجال لها لتنتشر فيه براحتها، فأصابته بالوهن والتعب، وأجهدته بأكثر مما كان يعانيه، وانطلقت تتجول بين المدن والقرى الآمنة تقتل، وتسبي، وتسرق، وتحرق البيوت والمتاجر، وتروّع النساء والشيوخ والأطفال، فبئس الجرثومة هم.البريطاني الانسان ألن هننغ مات، وأصبح بين يدي خالق رحيم سينتقم له ولو بعد حين، ومن أعماق قلبي أتمنى ان يلاقي قاتله أبشع مصير، وأن يموت في اليوم ألف مرة من غير ان تخرج روحه من جسده العفن، لعله يعرف ان الله لا يرضى بوضع اسمه الكريم على حفلات اعدام الأبرياء.
عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw
“الوطن”



