
أميركا و«داعش» والمسرحية!
باسل الجاسر
منذ بدأت أميركا عملياتها على ما يسمى بتنظيم داعش وحتى يوم الثلاثاء الماضي أعلنت أميركا عن أنها أغارت على جيش هذا التنظيم اكثر من 1800 غارة بطائرات إف 16 و15 وعبر صواريخ توماهوك وهذه الأسلحة لها قوة تدميرية رهيبة جدا فلو قصفت بها دولة كبرى لدمرتها وشلت حركتها تماما، بينما في حالة «داعش» ومنذ بداية عمليات الجيش الأميركي و«داعش» وعصاباته يتحرك بأريحية ويتوسع ويتمدد ويحتل المزيد من الاراضي ويهدد بغداد بل أنهم اعلنوا أنهم بصدد احتلال إيران للحصول على أسرار القنابل النووية.
وخلال هذه الفترة الزمنية حاصرت «داعش» مدينة كوباني «عين العرب» بآلاف المسلحين ويوم الثلاثاء الماضي تمكنت من اقتحامها واحتلال ثلاثة أحياء فيها بعد أن استقدم «داعش» المزيد من القوات والعتاد الذي تمثل في دبابات ومصفحات ومدافع متطورة.
والحقيقة أنني أعتقد أن الطيران الأميركي وطوال الأسابيع الثلاثة لم يقم بغارة واحدة على قوات «داعش» التي تقدمت في ارض مكشوفة وحاصرت كوباني وهي أيضا أرض مكشوفة وأعدادها بالآلاف وعتادها دبابات ومدرعات ومدافع ثقيلة ومن السهل كشفها وإبادتها، ولكن بعد أن تمكن «داعش» من اقتحامها قامت أميركا بالإعلان عن غارات قام بها الطيران السعودي والإماراتي بعد صمت تواصل على مدى اربعة اسابيع فتراجع «داعش» بعض الشيء.
بل إنني اعتقد جازما بأن أميركا لم تقم بغارات على «داعش» وإنما وجهت قوى التحالف في المائتي غارة المعلن عنها لبعض مراكز «داعش» التي تم إخلاؤها وبعض مراكز جبهة النصرة وأحرار الشام لزيادة الدعاية لـ«داعش» بأنها من تحارب الغرب وعملاءه وإبعاد شبهة عمالة «داعش» للغرب وحققت الخطة نجاحا باهرا تمثل في طلب النصرة والقوى المتطرفة الأخرى للتعاون معها هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى وجهت ضربات لوقف تمدد «داعش» باتجاه كركوك واربيل لحماية آبار النفط الكبيرة لمنع ارتفاع أسعار النفط، الذي رفع سعر البرميل 15 دولارا في يوم واحد عندما اقترب «داعش» منهما.
هذا بالإضافة لرغبتهم في منع «داعش» من السيطرة على آبار كبيرة للنفط لكي لا تحقق الثراء من باب «اجعل كلبك جائعا تسيطر عليه».
ومن هذه الوقائع التي تنقض اقوال أميركا عن ضرورة محاربة إرهاب «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى، تتجلى الحقيقة المرة التي يجب ان يدركها اطراف التحالف الذي تداعى للتصدي للإرهاب، وهي أن «داعش» مدعوم بشكل أو بأخر من أميركا وهي توفر له الدعم والحماية من اجل تنفيذ المخطط الماسوني الذي يريد اشاعة الفوضى والحروب بالشرق الأوسط وتدميره وتفكيكه والتمهيد لخروج المسيح الدجال.
ولا يخفى على أحد أن أميركا عضو أو الرئيس التنفيذي لمخطط الربيع العربي الخبيث الذي فشل، فأخرجوا الخطة «ب» المتمثلة في «داعش» وأخواتها لإشعال الحرب الطائفية بالشرق الأوسط، وهذا المخطط الاستراتيجي، أما الهدف الآني فهو جذب جميع القوى الإرهابية لسورية والعراق وهذا ما تحقق بالفعل فقد صدرت أميركا بل وأوروبا معظم متطرفيها لهذه المنطقة والبقية بالطريق إليها، بالإضافة لابتزاز الشرق وامتصاص فوائضه النفطية، فهذه الحرب تكلف أميركا 8 ملايين دولار يوميا في حرب ستستمر على الأقل لثلاث سنوات للقضاء على شرذمة كان من الممكن بمائة غارة ان تجعلها تتخفى وتحتمي في بيوت المدنين ولكن هذا لم يحدث ويبدو انه لن يحدث ابدا طالما كانت أميركا تقود هذا التحالف.
وعليه فإن أميركا أوباما لا يعتمد عليها أبدا في هذه المعركة ضد التطرف والإرهاب الداعشي فهي من ينفذ مخططاتها السرية، وما كلام أميركا عن محاربة «داعش» الا كلام يأتي في اطار مسرحية هابطة المستوى إنسانيا لأنها أسالت دماء الأبرياء انهارا وشردت ملايين البشر.. فهل من مدكر؟
baselaljaser@hotmail.com
baselaljaser@
“الانباء”



