ما يعدلها إلا رجالها
تخربطت السالفة بزيادة، ودخلت في مجال الخرطي شديد الدسم، ومن أول توقيع موافقة على ورقة تحمل مخالفة لشروط البناء، واحنا مو بخير.انفرط العقد منذ ذلك الحين، وكرت خرزات السبحة، وتناثرت على الأرض خرزة بعد أختها، ولم يمض طويل وقت حتى انتشرت المخالفات في جميع المناطق السكنية، حتى من كانت منها ملتزمة بالقانون، وتنعم بمسمى مناطق نموذجية.توقيع واحد فقط من مسؤول، فاسد الضمير، وجد في عمله في البلدية معينا لا ينضب للكسب غير الحلال، والخلل حولنا يتكاثر كما الفيروسات.
مسؤول واحد خائن للأمانة بدأ في التلاعب بقوانين البلدية لصالح جيبه، ومسؤول أكبر منه غض الطرف عن ذلك لسبب أو لآخر، والنتيجة كل ما نعانيه من تخلف واهمال ومخالفات بدءا من بنايات متهالكة وآيلة للسقوط تنتشر في عاصمتنا، الى بيوت تؤجر للعزاب في مناطق سكن الكويتيين، الى الظاهرة التي بدأت تنتشر، وهي تحوّل منازل السكن الخاص الى عمارات في المناطق الداخلية لتصبح تدريجيا سالمية وجابرية وفروانية أخرى، وللأسف أنه لا يلوح في الأفق سبيل لعلاج ذلك.
لم يعد هناك التزام من المواطنين بنسب البناء وارتفاعاتها، وكلما كان المواطن من الموظفين في البلدية أو من المقربين لموظفين في البلدية، أو من القادرين على تحلية أفواه الموظفين الفاسدين في البلدية، تزداد المخالفات، وها هي البيوت تبنى فوقها بيوت أخرى بنفس حجمها، وها هي الطوابق المحددة باثنين تصبح ثلاثة وأربعة وخمسة بالاضافة الى السرداب، والحكومة غائبة عن المشهد، صامتة صمت القبور.القوانين التي وضعت لتنظيم السكن في مناطقنا النموذجية، وكانت مطبقة بصرامة وبحزم سنوات طويلة، جاء من بيننا من وضعها تحت نعليه، شجعه على ذلك تراخي قبضة الرقابة والمساءلة،
وتبع ذلك ان تزايدت القوانين المنتهكة، وارتفعت أعداد المواطنين المخالفين، وصارت الكويت مثل بلاد غيرها سياسة العمل فيها، ادفع وشيل.قد يقول قائل ان تأخر الحكومة في حل مشكلة السكن لمئات الأسر الكويتية هو ما جعل الأهل يبنون شققا اضافية في منازلهم لاسكان أبنائهم، وليت الأمر كذلك، فما نراه ليس توسعة لاسكان الأبناء المتزوجين انما شقق وطوابق بنيت على عجل للاستفادة من فورة الارتفاع الجشع في الايجارات التي وصلت الى مستويات لا رحمة ولا انسانية فيها، والا فهل يعقل ان يصل ايجار غرفة وصالة وحمام الى 350 دينارا، بدون ان تتدخل الدولة وتضبط الأسعار.أحد هؤلاء المخالفين حول بيت الدخل المحدود الذي يملكه في منطقة الدسمة، أبو 3 غرف أساسا، الى عمارة سكنية بشقق لا يقل عددها عن الثمانية بالاضافة للسرداب كتب في أعلى عمارته عبارة ما شاء الله، خوفا من الحسد، فلله در هذا الكويتي المسلم الذي يغش، ويذكر اسم الله على غشه!
عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw
“الوطن”