مقالات

جزيرتنا عربية

حين يفر السّوريون والعراقيون والليبيّون من بلدانهم بحثا عن الأمن والأمان بعد ان شاهدوا أحبتهم يقتلون، ودماء الضحايا الأبرياء تسيل في الشوارع مدرارا، وحين يهرب المصريون والجزائريون واللبنانيون والتونسيون واليمنيون والأفارقة من دولهم من أجل البحث عن فرصة عمل توفر لهم ولأهلهم لقمة عيش كريم، وحين يترك آخرون أوطانهم وأهلهم بسبب ما يلاقونه من اضطهاد وتنكيل وتعسف واحباط، ننعم نحن بكل ما حرم منه هؤلاء المساكين البؤساء،

ومع ذلك يخرج من بيننا من ذهبت به طائفيته، وكراهيته للمعسكر الآخر الى أقصى الحدود، الى درجة أنها تغلبت على مشاعره واحساسه بالولاء للوطن، ان كان بالأساس يملك منها شيئا ذا بال، فبات ينعق عبر حسابه في تويتر بكلمات نتائجها لن تكون أقل من كارثية ووخيمة ومدمرة.لا تؤثر في هذا ومن هم على شاكلته مناظر جثث الغرقى الذين فشلوا في الوصول الى بلدان المهجر، وابتلعهم اليم ثم لفظهم موتى، منهيا مغامرتهم في البحث عن حياة آمنة، ولا يلمس شغاف قلوبهم مشاهد الجثث المحترقة والمقطعة، والسابحة بدمائها بسبب المفخخات والمتفجرات المتربصة بالناس في المطاعم والأسواق وكل مكان، ولا تصل لأحاسيسهم أخبار خطف البنات وبيعهن والاعتداء على شرفهن، وخطف الأطفال والرجال والمطالبة بفدية كبيرة من أجل عودتهم والا فالقتل هو المصير. لا تهمهم حكايات العائلات والأسر من أمهات وآباء واخوة وأخوات ممن تفرقوا في البلاد، وأصبحت رؤيتهم لبعضهم البعض من الأمور النادرة أو الصعبة، ولا يعنيهم فقدان الهوية لمئات الآلاف من المهاجرين العرب الذين حرموا من مسقط رؤوسهم ومراتع طفولتهم، فكل تلك القصص المؤلمة،

وهم في الطراوة، ولذلك لا يعنيهم ان يدسّوا الفتن في المجتمع، ولا يخافون ان يهدموا الوطن بمعاول عنصريتهم النتنة، ولا يشغل بالهم ان يكتبوا كلمات قاتلة مثل تلك التي كتبها ذلك الشخص بنفس طائفي بامتياز: «الشيعة هم جزء لا يتجزأ من الجمهورية الاسلامية الايرانية، من ينكر انتماءه لها كمن ينكر انتماءه للاسلام».هذا الكلام خطير جدا، ولو خرج شخص من الطرف الآخر ورد عليه بكلام أقوى من ذلك، ثم توالى السجال الذي يشعل الكراهية والأحقاد بين الفئتين، فلن يتطلب الأمر بعدها كثير جهد من أجل اشعال حريق في البلد يأكل الأخضر واليابس، فالأرضية جاهزة مشبعة بالكيروسين ولا تحتاج الا الى شعلة ثقاب، وVoooooo، وسترك يا ستار.لهذا السبب على أمن الدولة وهو المسؤول عن استتباب السلام والاستقرار في الديرة، ان يستدعي هذا الانسان راعي الطلايب،

ويحقق معه، ويحاسبه على كلامه الخطير هذا أشد الحساب، أما الحكومة الرشيدة فمطلوب منها أمر آخر مبني على كلامه هذا، فهذا الشخص وحسب ما غرد على تويتر (يقرن عدم الانتماء لايران بالكفر، وهو مثابة اعتراف خطي منه بانتمائه لدولة أخرى يعشقها الى حد ربط علاقته فيها بالايمان، بالتالي لا نراه أفضل من أولئك الذين سحبت جنسياتهم، خاصة أننا نلمس تململا كبيرا منه منذ أمد، ونراه لا يوفر فرصة يعبر فيها عن النفس الطائفي، وعدم تقبله للآخر.يبقى القول إننا لا نملك بلدا آخر غير الكويت، ولن نرضى ان يخرج من بيننا من يهدد أمنها من المتطرفين، سنيا كان أو شيعيا، ولن نسكت على ذلك، فاما ان يكونوا كمواطنين (خوش أوادم) ولا يثيرون الفتن، أو يخرجوا من الكويت ويذهبوا للمكان الذي يرتاحون فيه ويفكونا من شرهم، ودفعة مردي!

عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw

“الوطن”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.