تخدير العقل و تغييب الوعي
منذ فجر التاريخ و البشرية في مجموعها تحركها مجموعة نوازع ، تشكل جزء صميميا من حياتها بالعقل أحيانا و بالوعي أحايين كثيرة . و في الغالب يتداخل الاثنان معا في وضعية جدلية ، فلا عقل بدون وعي ولا وعي بدون عقل.
لقد ظل هذان العاملان اللذان يميزان الانسان عن بقية المخلوقات ، يحركانه في تماهي جدلي ، صعودا بالحضارة الإنسانية و ارتقاء بإنسانية الإنسان و سموا به عن كوامن الحيوانية الدفينة في تركيبه البيولوجي ، إلى أن أتى العصر الثاني للرأس مالية الانبريالية بقيادة الحركة الصهيونية العالمية التي اتخذت من الولايات المتحدة قاعدة لها لغزو العالم ، فبادرت هذه الحركة اللعينة من أول يوم لظهورها بالعمل الحثيث إلى تعطيل العقل و تغييب الوعي . فبدأت بمن هم في حيزها السياسي و الثقافي و ذلك من خلال ثقافة الأساطير التوراتية و حشد وتجييش مرضى هذه الأساطير الذين ظلوا عبر التاريخ.
يعيشون في عزلة تامة على هوامش الحضارة الإنسانية. لقد أعادت الحركة الصهيونية حقن هؤلاء بروح التميز العنصري و أتخمتهم بثقافة التعالي العدواني اتجاه بقية أبناء الجنس البشري . و من خلال التواطؤ و التماهي مع الرأسمالية الامبريالية الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، استطاعت هذه الحركة أن تؤسس لها كيانا وظيفيا يكون نموذجا لها في فلسطين العربية التي تشكل نقطة التقاء بين إفريقيا العربية و آسيا العربية لمنع الالتقاء بين هذين الشطرين الموحدين لأمة العرب حضاريا و جغرافيا . و في الوقت الذي كانت تخوض فيه الرأسمالية حرب وجود مع المنظومة الاشتراكية و مع حركة التحرر العالمية في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، كانت حليفتها الحركة الصهيونية العالمية منغمسة في التآمر مع القوتين معا ، تسعى لإسقاط الرأسمالية بالمطلق في أحضانها من خلال التسلل للسيطرة على رأس المال العالمي من خلال السيطرة على شبكة البنوك و على تجارة العقارات و على وسائل الإعلام التي تتحكم في صناعة القرار السياسي و الاقتصادي من خلال تحكمها في صناعة الرأي العام الغربي و توجيهه و في الوقت ذاته كانت الحركة الصهيونية العالمية تتآمر على المعسكر الاشتراكي من خلال التسلل إلى داخل بنية القرار في هذه المنظومة و السعي إلى إنهاكها من الداخل من خلال خلق بنية أوتوقراطية في هذه الدول تتعالى على الجماهير و لا تشعر بما يجري في نسيجها البنيوي من تآكل و عدم انسجام بين النظري و التطبيقي و من خلال هذا العمل التآمري الدؤوب ، استطاعت الحركة الصهيونية تطبيق نظرية الاحتواء المزدوج ، حيث أسقطت المنظومة الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفييني و سيطرت على المنظومة الرأسمالية الامبريالية الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية و بدأت تتجه
بالبشرية نحو انحراف كلي مطلق فبدأت تغيب الصراع الطبقي عن واجهة الصراع السياسي . هذا الصراع الذي يعود له كبير الفضل في رقي الحضارة البشرية المعاصرة و عقلنة بنيانها الاجتماعي و السير بقوانينها نحو مزيد من المساواة و العدل الاجتماعي . لقد جندت الحركة الصهيونية العالمية في مشروعها الكوني التدميري كل وسائل الإعلام المرئية و المسموعة و المقروءة للترويج لبديلها الديمقراطي المغشوش (ديمقراطية الفساد و الاستبداد) و أوهمت العالم أن كل معاناة البشرية و اختلالاتها البنيوية سيتم حلها بالوصفة السحرية للديمقراطية التي هي الفردوس الموعود و أقنعت الجميع أن خصخصة المؤسسات ذات النفع العام و تسليمها لأفراد فاسدين و غير مؤهلين علميا و إداريا و إلغاء العبء الاجتماعي عن كاهل هذه المؤسسات هو الذي سيلحق هذه البلدان بركب البلدان المتقدمة صناعيا . و بعد ثلاثة عقود من التطبيق و الترويج لهذه الحلول التلفيقية الموبوءة التي تشبه في أسطوريتها أساطير التللمود الصهيونية ، أطلت علينا الحركة الصهيونية و نظامها الامبريالي العالمي بأسطورة جديدة من أساطير تخدير العقل و تغييب الوعي . إنها أسطورة “ثورة الربيع العربي” الذي روجوا لها على أنها ستقلب حياة البائسين إلى فردوس من الرخاء و الازدهار المادي و المعنوي و لم تلبث بضاعة ربيعهم المغشوشة هذه أن ظهرت و في لمح البصر على حقيقتها المقرفة العفنة التي تفوح منها رائحة الأشلاء و الدماء و الجثث و ظهر لمن له قلب، أن هذا الربيع لا يعدو كونه حلقة جديدة من تخدير العقل و تغييب الوعي ، ضمن حلقات المشروع الصهيوني الامبريالي الغربي المعد للمنطقة العربية و العالم . لقد اكتشف هذا المشروع في آخر ابتكاراته.
الإجرامية بحق العرب و المسلمين و العالم أنه بإمكانه أن يحارب في أية منطقة من العالم بأبناء تلك المنطقة و أن يكون أبناء تلك المنطقة هم وقود تلك الحرب و أدواتها من خلال منظمومة قيمية من تراكمات حضارتنا العربية تم إنتاجها من تراث تلك الشعوب ومعتقداتها . لقد إستطاعت الحركة الصهيونية ونظامها الرأس مالي الإنبريالي إنتاج محرك جهنمي من تراكمات حضارتنا العربية الإسلامية إنه المحرك المذهبي و الطائفي الظلامي البغيض وذهبوا أبعد من ذالك في توظيف تراثنا الإسلامي للإساءة إلينا وتنفيذ مشروعهم الإجرامي بأيدي جهلتنا إنها ثقافة الغنيمة و السبايا وحور العين و الولدان المخلدون و لم ينتبه جهلة نصوصنا من بني جلدتنا أن الولدان المخلدين و حور العين و غيرها من صنوف النعيم كلها جوائز أعدت للمتقين لله في عباده في إستقرارهم و وئامهم وسلمهم الأهلي في دمائهم وأموالهم في توادهم و تراحمهم في سكينتهم و وقارهم في وحدتهم و تلاحمهم. لقد تم تحويل كل هذه المنظومة القيمية الرائعة التي أتت لخدمة الإنسان و تنمية روحه وإيقاظ عقله بالمودة و الخير إلي منظومة هدم لكل ما هو إنساني و خير في منظومتنا الإجتماعية و الدينية لقد إستطاعت الصهيونيىة العالمية و نظامها الرأس مالي الإنبريالي أن تحرف جميع شعوب العالم عن معاناتها الحقيقية التي هي نهب ثرواتها من قبل دول المركز الصناعي في أوروبا الغربية و الولايات المتحدة الأمريكية المسيطر عليهما من قبل الحركة الصهيونية و أن توجه هذه الشعوب إلي أعداء وهميين تارة.
أن هذا النظام أسباب تخلفه أنه لا يحكم بالديمقراطية و لا يحترم حقوق الإنسان و تارة إذا كان هذا النظام في دولة إسلامية أن علته أنه لا يحكم بشرع الله و أن فشله في علمانيته و من خلال الطرحين معا يتم توجيه الغضب الشعبي الذي أنتجه النظام الرأس مالي الغربي المتوحش إلي حمل شعارات لا علاقة لها بالواقع الموضوعي المعاش علي الأرض ,عندها نبقي نحن في تخلفنا نتقاتل علي أوهامنا و يبقي الغرب المتصهن ينهب ثرواتنا و يحقق المزيد من السيطرة والتحكم في مصائرنا . إنهم مجرمون بحقنا و بحق البشرية جمعا و إننا نحن جهلة رعاء غيبوا عندنا العقل و خدرو الوعي فتحكمت فينا الغرائز الدنيوية فأسقطناها علي معتقداتنا الدينية و مبتغياتنا الأخروية إنها الأسطورة الهمجية في تفكير بني صهيون ألتي أنتجت لنا ثورة البوعزيزي في تونس و ثورة هانري بيرنار ليفي و حلف الشمال الأطلسي في ليبيا و ثورة العرعور في سوريا و ثورة داعش في العراق و ثورة بوكو حرام في نيجيريا و أنتجت لنا فتاوي جهاد النكاح و فتاوي تدمير أضرحة صحابة نبيينا و أوليائنا الصالحين , إنه بحق تخدير العقل و تغيب الوعي , إنها الهمجية البدائية في أبشع تجلياتها فيا أبناء البشرية إنتبهوا و أعيدو بوصلة الصراع إلي سكتها- حرروا عقولكم وأنهضوا بمستوي وعيكم عندها ستجدون أنه تحت كل كومة من ركام جثثكم و معانتاكم جريمة صهيو إنبريالية يندي لها جبين البشرية فهم من أثاروا الحروب و النزاعات وغذو الفتن و المشاحنات لينفردوا بمكونات بلدانكم و خيراتها الإقتصادية نهبا و سلبا و تحكما في مصائركم.