صناع الحياة

محمد جمعة الياسين
الإنسان يتأثر بأناس ويقتدي بهم وخاصاً المقربين منه ويؤثر في آخرين، وكلما علت همة المرء سمت قدوته قولا وعملا.. خلقا وسلوكا، فما بالكم إذا كان الوالدان هما القدوة؟!
ها نحن نرجع لمباشرة عملنا بعد عطلة العيد الأضحى “تقبل الله طاعتكم” بكل طاقة وحماس من بعد عطلة طويلة.
قبل بداية هذه العطلة حصل لي موقف جعلني أتوقف عنده وأفكر طويلاً، وكذلك أخذت وقتا هل ما حصل أمامي من الواقع أم أنه شواذ (قلة) من المجتمع؟!
عند زيارة المستشفى قبل عطلة عيد الأضحى كانت جالسا أنتظر دوري للدخول للطبيب، وكان بجانبي امرأة (أم) ومعها ابنها ينتظران للدخول على الطبيب المعالج، فحصل موقف جعلني مصدوما بصراحة.

عند جلوسي سمعت حديثا دار بين الأم والابن، كانت تقول له نحن الآن سوف ندخل على الطبيب وسوف أقول له إنك مريض، كي يعطيك إجازة لتغيب يومين عن المدرسة! “عادي كلهم يومين”، تغيب كي نسافر، وحين نرجع نكلم المدرسين!
بصراحة صعقت من الحوار! هل هذه الأم التي يقولون عنها “الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق‏”، هذي الأم كسرت كل الأعراف.. شيء محزن أن تقول لابنها إنها “كذبة بيضة”! وتساعده على الغلط، كل هذا من أجل رغبتها بالسفر والوناسة على حساب مستقبل الولد، وعلى حساب التربية والقدوة والأخلاق، ونحن دائماً نضرب المثل في الوالدين.

طبعاً هذا الأمر لا يقتصر على الأم، ولكن هل هذه هي القدوة الحسنة! كيف يبنى جسر الثقة بين الطرفين؟ كيف لنا أن نقتدي بمن يأمرنا بالتمرد على مصنع حياتنا (المدرسة)، وزيادة على ذلك الادعاء بالمرض بكل رحابة صدر.
“يا مغير الأحوال ثبت عقولنا”.

ينبغي أن نحسِن الاستفادة من المواقف لكي نتمكن من تقديم سند لأبنائنا يعينهم في مستقبلهم عندما يكبرون ويصبحون قدوة لأجيالهم.
لابد من توصيل المفاهيم الأخلاقية والقيم النابعة من تصرفاتنا، وأن نكون نحن القدوة الحسنة، ولكن القيام بدور القدوة لا يعني فرض تصورات أخلاقية مفبركة (متصنعون)، بل لابد أن نكون كما نحن على طبيعتنا.

أنا أعلم أن كل ما نريده هو أن يرى أبناؤنا طرقاً تجعل منهم أناساً أسوياء وسعداء.
هناك مقولة قديمة جميلة جداً فلنتمعن بها: “القدوة الحسنه وسهولة التواصل مع الخالق جعلتنا مسلمين”.
ظنكم لكم.. وحسن نيتي لي.. ورب البيت كريم.

“الكويتية”