
حكومة الجو
ريم الميع
في أغنية للفنانة لطيفة، صاغ كلماتها زياد الرحباني، تقول “في نص الجو بيغير جو بيطفي الضو بيرعبني”، هذه الأغنية التي تتحدث عن الجو كـ atmosphere تذكرني بالجو كـ weather إذ لا منافس له سوى أمزجة البشر، ولأن الحكومات يشكلها وينفذ عملها بشر فهي منافس قوي للطقس بعيدا عن جو زياد ولطيفة!
***
ومثلما طقسنا ينتقل من العج إلى الرطوبة في رمشة عين ودون مقدمات، ومثلما يأتي الصيف بعد الشتاء مباشرة دون إفساح مجال لربيع أو خريف، تتعامل الحكومة معنا بنهج المفاجأة “كل حاجة بتحصل فجأة”، من الإنجاز إلى الإلغاء ومن إلغاء الإنجاز إلى إنجاز الإلغاء!
***
يتعامل الشعب مع الحكومة كظاهرة طبيعية، ويرى تقلباتها مثل تقلبات الطقس، أو هي انعكاس لأمزجة البشر التي تتأثر بالطقس وتؤثر بالحكومة، التي تجد في كل إنجاز معارضين ومؤيدين، ومثلهم في كل إلغاء على غرار نظرية نيوتن: يساويه في المقدار ويعاكسه في الاتجاه، فتبقى في محلها راوح، لأن المحصلة صفرية وفقا لكلام نيوتن نفسه!
***
نرجع للشعب الذي يتعامل مع ثلاثي الطقس والحكومة والمزاج، فنجده يتعامل مع الثلاثة حسب المزاج بمزاجية احتارت المزاجية منها، و”التحلطم” (أي التذمر) سيد الموقف، وأشك لو كان ديكارت كويتيا لاستبدل مقولته الشهيرة: أنا أشك إذن أنا موجود.. إلى أنا أتحلطم إذن أنا كويتي!
***
وأكثر أمرين يتحلطم عليهما ومنهما كل كويتي: الجو (الطقس) والحكومة وجوها، بسبب ومن دون سبب، فتخيل لو كان الطقس جميلا والأداء الحكومي أجمل منها، فهل سيتوقف الكويتي عن “الحلطمة” ويستمتع بالموجود؟ إطلاقا بل سيتذمر من المفقود ولو كان قد حجز رحلة إلى دبي.
***
عودة على بدء، تقول لطيفة في باقي كلمات أغنيتها: “مهوي لو بيخلي الضو بيصير الجو بيعجبني”، ونحن هنا لا نعرف في الأساس في عج التحلطم على عج عابر في مطلع ستة شهور من الجو البديع “مين اللي طفى النور؟”.
“الكويتية”



