مثلث.. شعب وحكومة وبرلمان
حسن الهداد
صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله ورعاه، تحدث في أكثر من مناسبة، وكان دائما يوجه كلمة للوزراء والمسؤولين.. قائلا «طبقوا القانون على الكل واللي يزعل.. يزعل».
دعونا نقف عند كلمة سموه التي كانت تحمل معاني جوهرية جلها يكمن في حماية وتنظيم وطن من خلال تطبيق القانون، حتى نكون أكثر مصداقية مع أنفسنا علينا أولا أن نكشف حقيقتنا كمجتمع كويتي من دون زعل، مجتمعنا دائما يصدع بصوته بشأن تطبيق القانون، وهذا التوجه بحد ذاته يدعو للتفاؤل لبدء صفحة جديدة مع وطن عانى فساد أهله، رغم ان هذا التوجه يحمل جملة تناقضات، وأنا الآن بصدد قول كلمة الحق «واللي يبي يزعل مني.. فليزعل»، كما نطقها سموه بمشاعر أب خاطب أبناءه، وأنا أقولها بعفوية مواطن لا يدعي المثالية، علينا أن نثور على مجاملاتنا في تلك الظروف الاستثنائية من أجل انقاذ سفينة الكويت من الغرق.
لو بدأنا بتحليل المشكلة فحتما سنجدها مشتركة بمثلث فساد أركانه «شعب وحكومة وبرلمان» أي ان المشكلة أساسا مجتمعية بحتة، لو أتينا أولا لمشكلة «الشعب» فأعتقد معظم اختيارتنا للنواب تعد أكبر مصيبة لأنها أساسا تخلو من مبادئ الديموقراطية التي تدعو الناخبين إلى اختيار برنامج انتخابي حقيقي يساهم في تطوير البلد اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وهذا الأمر بحد ذاته مفقود في ديموقراطيتنا، والاختيار كما يعلمه الجميع أنه مبني على أساس المصالح الضيقة والعلاقات الاجتماعية المحصورة بالتعصب القبلي والطائفي والفئوي.
وهنا لا ارفض اختياركم القبلي أو اختيار شخص يعتنق مذهبا معينا، لان حقيقة المجتمع هكذا لا يمكن تغييرها على الأقل في الوقت الراهن، ولكنني أقصد أن الاختيار يجب أن يركز على من يحمل أفكارا تشريعية ورقابية من شأنها أن تطور البلد وتجعله في مصاف الدولة المتقدمة خاصة أننا نملك كل مقومات ذلك، وغير ذلك سيبقي بلدنا مكانك راوح.
ولو أتينا الى «الحكومة» فمعظم الحكومات السابقة بعض وزرائها همهم الأول والأخير هو البقاء على الكرسي الوزاري ومنهم من يطمح فقط الى مسمى وزير سابق مع جواز سفر خاص لـ«الكشخة»، أما الإنجاز فهو بعيد عن أولوياتهم ولا نسمع به إلا في تصريحاتهم الإعلامية المذيلة بأرقام خيالية من الملايين وعلى أرض الواقع «مفيش حاجة» يا باشا.
كنت أتمنى لو ينتهي الأمر عند ذلك فحسب بل تجدهم يفتحون أبواب التجاوزات من تعيينات قيادية مرورا بالموافقة على طلبات النواب والمتنفذين، خاصة عندما يعلن أحد النواب عن استجوابهم، وكأن الاستجواب بوابة نار جهنم عليهم.
يعني باختصار.. المنصب أصبح يستغل لحماية الكراسي لا أكثر، ونتج عن ذلك الأمر ثقافة خراب أي ان ولاء كثير من الناخبين تحول إلى النواب، متجاهلين أهمية تطوير وبناء وطنهم، فتخيلوا معي بعد عدة سنوات لو تحول هؤلاء النواب إلى معارضة وإن كانت مصطنعة حتما فستجد المؤيدين لها بالآلاف يسيرون خلفهم في مظاهرات الشوارع، وهذا جزء مما حصل مع نواب المعارضة في الأحداث الأخيرة نتيجة تراكمات سابقة تسببت فيها حكومات سابقة.
أما «البرلمان» وهنا أعني به نواب الأمة فمعظمهم ومنهم السابقون، تسببوا في آلامنا وهمومنا ومشاكلنا، وهم كالشعراء يقولون ما لا يفعلون، أثناء حملاتهم الانتخابية نسمع أصواتهم التي تغرد بالأحلام التنموية الوردية مثل حل مشاكلنا الإسكانية والصحية والتعليمية، وداخل قبة عبدالله السالم ما هم إلا أجندات لمصالح وصراعات القوى، منها تسعى للسلطة وأخرى تسعى إلى القبضة على ثروات البلد، أقرب وصفا عما يحدث، أن المجلس أصبح مسرحا كبيرا والبعض ما يملك إلا تشجيع البطولات الوهمية التي يفضل المخرج في نهاية المسرحية بأن يكون البطل صديقا للحرامي والكل يخرج مستفيدا، هكذا يفسر المشهد، بأن مشاكلنا ستبقى عالقة نتيجة «تناقضات مجتمع، وأعضاء سلطتين همهم الكراسي، واللي يبي يزعل فليزعل، لأن الكويت أهم منكم».