مقالات

“قناة المجلس”!

صالح الغنام

لم أتصور أن المجلس الحالي, وهو يقتبس تباعا بنود الخطة الإعلامية التي اعتمدها الرئيس علي فهد الراشد, في المجلس المبطل الثاني. أن يصل إلى هذا الحد من المبالغة والإفراط في ما يتعلق بالجانب الإعلامي المرئي. فقد كانت بنود الخطة الإعلامية تقتضي الاتفاق مع وزارة الإعلام على تنفيذ برنامج تلفزيوني أسبوعي بنمط غير تقليدي, مدته 90 دقيقة لاستعراض أنشطة وفعاليات المجلس ولجانه. فقط, كان هذا هو مبلغ الطموح, رغم أنه – آنذاك – كان نحو 95 في المئة من وسائل الإعلام المرئي والمقروء, تحارب المجلس بشراسة, وتتعمد طمس إنجازاته, وتهميش أنشطته, والتعتيم على أخباره, في سلوك بعيد تماما عن المهنية وأدبيات العمل الإعلامي. حتى انني وقتها, وبسبب طبيعة عملي, اضطررت لمسايرة مسؤولين في وسائل إعلامية, وضعهم الملاك كواجهة, وكنت قبلها, أستنكف حتى رد التحية عليهم, ولكن ما العمل, وقد قيل في الأثر: “إش حادك يا المسمار, قال المطرقة”!

اليوم, ومع هذا المجلس, انقلبت الآية, فأكثر من 95 في المئة من وسائل الإعلام المرئي والمقروء, وحتى المسموع, متاحة ومفتوحة على مصراعيها للمجلس, بل إن بعض وسائل الإعلام هذه, هي ملك يمين أعضاء في المجلس, هذا عدا امتلاك عدد غير قليل من النواب لخدمات إخبارية إلكترونية, وشرائهم حسابات مؤثرة في برامج التواصل الاجتماعي, تمارس “التشبيح” والتطبيل ليل نهار. إذاً, لا المجلس ولا اعضاؤه يشكون مقاطعة إعلامية أو تهميشا يجبرهم على إنشاء قناة فضائية ترهق ميزانية المجلس, وتضيق على وزارة الإعلام بالاستحواذ على أهم وأكبر وأحدث استوديوهاتها, وهو الذي استنزف تجهيزه مبالغ طائلة من خزينة الدولة, وكانت الوزارة تعول الكثير على هذا الستوديو, وتحسب الأيام والأسابيع والاشهر لتسلمه, ليعوض بدخوله الخدمة نقص وقِدم معداتها واستوديوهاتها المتهالكة, فيأتي المجلس بعدها, ليأخذ الأستوديو, هكذا, “باردة مبردة”!

إنشاء قناة للمجلس, ليس الغرض منه, كما قال وزير الإعلام: “تعزيز لحمة المجتمع, وإبراز جهد الدولة وبرامجها التنموية, ودعم وحدة الكويت”, وإلا لقلنا لمعالي الوزير: “وش مهنة وزارتك وتلفزيونك?” وبالتأكيد, ليس الغرض من إنشائها كسر حصار التعتيم الإعلامي, بل إن المغزى الحقيقي, هو تلميع المجلس, أملا في تخفيف حدة السخط الشعبي غير المسبوق. وفنيا, فمتى تجاوزنا مرحلة فضول المشاهدين, فلا يمكن لهذه القناة أن تكون محل تنافس, لكونها قناة موجهة ومن طيف واحد, كما أن المعلومات المتواترة تشير إلى أن مدة العقود المبرمة مع المذيعين والفنيين, لا تتجاوز ثلاثة أشهر, وفي أحسن الأحوال ستة أشهر, وهذا يؤكد أن المجلس ليس مطمئنا على مستقبله, وأن السرعة القياسية في إنشاء القناة, الهدف منه تحسين صورة المجلس شعبيا, ومحاولة خلق انطباع إيجابي لدى “المعنيين” يخالف الحقيقة والواقع, علاوة على تسجيل إنشاء قناة فضائية كإنجاز يحسب لهذا المجلس!
salehpen@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.