اهو ظل فيها قضاء شامخ؟!
شاءت الأقدار، لحكمة لا يعلمها الا الله، ان يكون مرزوق الغانم رئيسا لمجلس الأمة، وأن تكون كلمته هي التالية لخطاب صاحب السمو أمير البلاد، في جلسة افتتاح دور انعقاد جديد لمجلس الأمة يوم أمس.
ولا ندري إن كان بال الغانم حينئذ منغمسا في كلمته التي سيلقيها، فلم يعِ ما دعا اليه صاحب السمو حين قال: «.. ونحن في «دولة القانون» والمؤسسات والحرية ينبغي ان تتسع الصدور لكل رأي بناء أو نقد ايجابي يستهدف المصلحة العامة.. واحذروا ان تجركم «تبعات الماضي» وأن تشغلكم عن مهامكم ومسؤولياتكم وتستهلك وقتكم وجهدكم».
بعد الخطاب السامي لصاحب السمو، الذي دعا فيه الى اللحمة الوطنية وتناسي خلافات الماضي، جاءت كلمة الرئيس مرزوق الغانم، الذي وضعت احدى الخدمات الاخبارية لقب «سمو» أمام اسمه يوم أمس.. بالخطأ طبعا. فشرّق وغرّب، وأخذ يضرب في مكونات المجتمع ممن يعارضونه الرأي والمواقف. وبينما كان صاحب السمو أمير البلاد يسجل «الشكر والتقدير لأهل الكويت «جميعا» الذين بحكمتهم وبصيرتهم وصدق ولائهم لوطنهم وحرصهم على مصلحة الكويت، كان لهم – بعد الله – الفضل فيما شهدته البلاد وتشهده من استقرار وامن وامان».. بينما كان صاحب السمو يشيد بالكويتيين جميعا، كان الغانم يشير الى سوء أداء المجالس السابقة، بما فيها مجلس خاله، قائلا: «كان أمام هذا المجلس خياران: الأول.. أن يمضي في العمل البرلماني والسياسي كما مضت عليه بعض المجالس السابقة، التي كنت أنا شخصيا جزءا منها، ان يستخدم الخطاب عالي النبرة.. المثير للغبار السياسي.. الذي يسجل الموقف ويرفع الشعار.. الخطاب الذي يشير الى المشكلة ولا يدخل في خضمها… الخطاب الذي يحاول ان يشخّص بشكل سطحي ومبسط مشاكلنا المعقدة والمليئة بالتفاصيل»!.. والحمدلله أن الغانم توقف عند هذا الحد ولم يكمل قائلا: «مجالس الحَوش وحثالة المجتمع»!
٭٭٭
وبعد ان «برّد» ما بخاطره، كشف دولة الرئيس مرزوق الغانم، بالدليل والبرهان، عن ان مجلسه الحالي هو مجلس فاخر من النوع الذي «مش هتقدر تغمض عينك معاه.. من كثر انجازاته»، مشددا على ان المجلس الحالي برئاسته ليس بالمجلس «الذي يقول ان المواطن لا يجد بيتا يسكنه ولكن لا يقول للمواطن كيف يمكن ان يمتلك هذا البيت!.. ولا هو بالمجلس الذي يتحدث عن الهدر المالي، ويتبنى في ذات الوقت كل القوانين والافكار الشعبوية التي من شأنها ان تهدر مزيدا من الموارد المالية»!
وليت الغانم توقف عند الاشادة بإنجازات مجلسه، بل وليته ختم كلمته بالقول: «وفي الختام لا يسعني الا ان أقول لكم: مبروك عليكم أنا»!
ليته اكتفى.. لكن قلب مرزوق الغانم لم يطاوعه ان يترك الأمور عند هذا الحد، فأكمل خطابه الجماهيري الملتهب قائلا: «يصعب علي ان أختم هذا الشق من كلمتي دون ان أعرج على حادثة الفتنة اللئيمة، التي حيكت في ليل بخيوط الحقد وألوان الكراهية.. وتزامنت مع غبار أسود كثيف، أثارته اتهامات استيلاء على المال العام وتحويلات مليارية.. ان ملف الفتنة يجب ان يحسم، وان حقيقة المؤامرة يجب ان تكشف، ولن يكون هذا أو يكون ذاك الا بمساءلة ومعاقبة المتآمرين والمفترين.. حتى لو كانوا من أفراد الأسرة الحاكمة»!!
بقيت مشدوها وأنا أستمع لدولة الرئيس مرزوق الغانم يخوض خوضا في قضية يفترض أنها معروضة أمام القضاء!.. لدرجة أنه حين قال سمو الشيخ جابر المبارك لاحقا: «وسيبقى قضاؤنا الشامخ هو صوت العدالة، والملاذ الأخير لكل ذي حق»، لم أتمالك نفسي من التعليق:.«. اهو ظل فيها قضاء شامخ بعد كلمة بوعلي؟!.. طاح له تشمّخ في القضاء، وعين نفسه رئيسا للسلطة القضائية.. وأصدر أحكامه غير القابلة للاستئناف أو التمييز.. ولم يبق الا ان ينادي على حرس المجلس ان ينفذوا أوامره بضبط واحضار ابن الأسرة الحاكمة.. ليقيم عليه الحد»!
٭٭٭
سمردحة: نصيحة لكل أب وأم.. لا تربوا أبناءكم منذ الصغر على «الدلال الزايد».. فالكويت قد تكون الضحية!
د.طارق العلوي
“الوطن”