د. بدر العيسى واستحقاقات الفرصة الذهبية
راكان بن حثلين
رغم التحفظات الكثيرة على تشكيلة الحكومة وعدم اجراء التغييرات التي كانت ولا تزال مطلوبة، الا ان د. بدر العيسى جاء كاضافة مهمة لهذه الحكومة، وفي توقيت وظروف حساسة جدا، تتطلب خطوات جريئة ومواقف شجاعة.
ربما اكون مندفعا قليلا في حماستي وتفاؤلي بهذا الوزير بالذات، ولكنه انطباع تركه هذا الوجه الجديد على الساحة السياسية، بشياكة خرجت من رحم المؤسسات التعليمية، وعقلية اكاديمية اجتماعية، وشخصية نعتقد انها مستقلة لا تتبع هذا التيار او ذاك، وبعيدة عن تصنيفات المحاصصة السائدة في تشكيل الحكومات.
كل هذه العوامل، وقبلها التصريحات التي اطلقها وزير التربية والتعليم العالي الجديد فور توليه الوزارة عن ان الوزارة تتطلب «نفضة»، تجعلنا نتفاءل بهذا الرجل في ان يصنع لنا الاصلاح المطلوب في القطاع التعليمي، ويعيد البيئة التربوية الى مسارها الصحيح بعد ان انحرفت بفعل التدخلات السياسية، وانعدام شجاعة المواجهة والثبات على المبدأ والقناعات وعدم الرضوخ للضغوطات.
ولا شك ان استحقاقات كثيرة وكبيرة تقع على عاتق الوزير، تتطلب منه عملا دؤوبا من اجل اصلاح حقيقي في هذه الوزارة، يتجاوز الشعارات والتصريحات والوعود الى التطبيق العملي للرؤى الاصلاحية التي يحملها الوزير، والكوادر المخلصة في القطاع التربوي.
قد تكون المسؤولية كبيرة والحمل ثقيلين ولكن في المقابل نجد ان الفرصة جاءت للوزير العيسى على طبق من ذهب لتحقيق كل ما يطمح له في هذه الوزارة، في ظل دعم القيادة السياسية والتوجيهات الواضحة لسمو الأمير في النطق السامي بضرورة تفعيل دور المدرسة في بناء الانسان الكويتي البناء السليم.
ملفات كثيرة وعد الوزير بفتحها في مختلف قطاعات الوزارة ودراستها دراسة مستفيضة، كما وعد ببحث سبل معالجة مشاكل التعليم مع المجلس والحكومة، وتقليص الدورة المستندية وانجاز كل القضايا العالقة في الميدان، فضلاً عن اجتماعه بالقطاعات المعنية في التربية لايجاد حلول جذرية لمشاكل المدارس، وكلنا بانتظار ان نرى وعود الوزير تتحقق على ارض الواقع.
نعم معالي الوزير «التربية» تحتاج الى «نفضة» بل تتطلب اعادة بناء وتقويم لكل الانحرافات التي تراكمت على مدى السنوات الماضية، وتصويب وتطوير المناهج التي تجاوز واقعها حالة القصور الى التخلف.
الأسر تتطلع ان ترى في عهدك اعادة لصياغة المناهج وتطويرها بما يواكب التطور الحاصل في الدول المتقدمة، وينزع كل بذور التخلف، ليغرس مفاهيم الانسانية والتآلف والتآخي، وينمي القيم والمبادئ الانسانية والوطنية.
نريد اعادة الثقة الى مؤسسات التعليم الحكومية، وكسر احتكار جودة التعليم المصطنعة من قبل التعليم الخاص التي اصبح الكثير منها يهمش ويحتقر اللغة العربية حتى اصبحت مهجورة، ويغرب ابناءنا ويزرع فيهم افكارا ومفاهيم بعيدة كل البعد عن عادات وتقاليد واخلاق المجتمع الكويتي.
انت نفسك يا معالي الوزير اعربت عن عدم اقتناعك بمخرجات التعليم الخاص، مستثنياً من ذلك عدداً محدوداً من المدارس «اما البقية فمخرجاتها دون الطموح».
لذلك فلتبدأ بالاصلاح معالي الوزير من القاعدة، من خلال وضع مناهج بمستوى الطموح، واختيار معلمين اكفاء يخلصون لهذه الرسالة التعليمية، ويكونون نماذج يقتدي بها ابناؤنا، ولا يكون باعة يتعاملون مع الطلبة كزبائن ومشترين للدروس الخصوصية.
نريد منك معالي الوزير اعادة رسم سياسة القبول في الجامعات والمعاهد والبعثات الدراسية بما يوائم ويتواكب مع متطلبات سوق العمل، وينتج لنا اجيالا تقود عملية تنموية حقيقية لهذا البلد وليس مجرد حملة شهادات بلا عمل.