خادمات الزمن الخربان
أحلى هدوء أعصاب، وأحلى كووول، وأحلى يا أرض اتهدي ما عليكي أدّي هي دفعة خدامات 2014/2013، يا سلام عليهن وعلى الثقة الكبيرة عندهن. يا سلام على كبرياء البارونات، وغرور سيدات المجتمع الثريات، التي تمنحك شعورا طاغيا بأنك أنت- الكفيل الكويتي- من تقدم بطلب العمل، وليست هي التي تركت أهلها وبيتها وبلدها وجاءت تعمل في بلدنا من أجل كسب لقمة عيش شريف تطعم منه أهلها من جوع، وتكسيهم من عري، وتبني لهم بيتا بدل العشة التي يسكنونها.واحدة من هؤلاء، وبعد ان اطمأنت الى ان المنزل لا يوجد فيه أطفال يزعجون بصراخهم أعصاب حضرة جنابها، ويقلقون بضجيجهم راحة سعادة معاليها،
ويضطرونها للتنظيف خلفهم في كل وقت، وضعت شرطا للعمل لدى معازيبها الجدد يتعلق بالمعيشة: افطارا يوميا مكونا من العصير الطازج، والأندومي، والجباتي، أما الغداء والعشاء فحسب التساهيل، وحسب ما تشتهي نفسها ذيك الظهيرة، أو ذاك المساء.خادمة أخرى – وهي مسترجعة – لم يعجبها ان تتشارك في غرفة واحدة مع الخادمة الثانية للأسرة،
وهي غرفة تقع في الدور العلوي، وطلبت غرفة خاصة بها على شرط ان تكون في الحوش، خارج المبنى الرئيسي، وهو استحمار واضح للأسرة التي جاءت لكي تعمل عندهم، وكأن هؤلاء من الغباء والحماقة بحيث لا يفهمون الدافع الحقيقي وراء شرطها هذا المتمثل في تسهيل درب الحبيب لكي لا يتوه، أو يتعب حين يأتي لزيارتها في غرفة نومها، لكي يلعبا مع بعض كوت بو اثنين.المهم أنها بعد ان عبّرت عن رغبتها تلك معتقدة ان صاحبة البيت ستوافق حالا،
وسترضخ لطلبها على أساس أنها عملة صعبة لا يمكن التفريط فيها، قالت لها إنها مضطرة ان تأخذ راحة مدة ساعتين لأنها متعبة، وطلبت ارسال الغداء لها في الغرفة.المعزبة المقهورة منها ومن الوضع المائل لسوق الخدم برمته طلبت منها ان تقضب الباب، وتطسّ للمكان الذي جاءت منه قبل ان ترتكب فيها جريمة.الخادمة الثالثة،
وقد قدمت للتو من بلدها، تعتقد ان الأمور في الكويت سهود ومهود، وكل شيء سهل وميسر، ويبدو ان جماعتها أبلغوها ألا مشاكل في الكويت بعد الوصول اليها، وكل مشكلة يمكن حلّها.هذه الخادمة طلبت من المعزبة ان تتنازل عنها، وتقوم بتحويل اقامتها للكفيل الذي يعمل عنده زوجها، على ان يقوم هذا الكفيل بالتنازل عن خادمة عنده لتنتقل كفالتها اليها بدلا منها، وهكذا يخرج الجميع راضين، فتبقى هي من زوجها، وتحصل المعزبة على شغالة تخدمها بدلا منها، ولم تقل ما هو موقف الخادمة الأخرى التي تريد ان تنقلها نقلا إداريا من البيت الذي تعمل فيه.هذه حكايات ثلاث تبين مدى الانحدار في مجال الخدمة الذي كان بلا تلك المشاكل في الماضي، وما لم تقم الدولة بفرض قوانين صارمة تنظم هذا السوق فأبشروا بمزيد من الانحدار والتدهور فيه.
عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw