لا ترفعوا رماحكم في وجه المواطن
راكان بن حثلين
قليلا ما نرى الوزراء يتحدثون بحماس كالذي تحدث به وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله، لدى إعلانه «البيان رقم1» لمرحلة اللا رفاه، وكأنها ساعة الصفر التي تنتظرها الحكومة لرفع المسؤولية عن كاهلها، وإلقاء كل المسؤولية في هدر وتبديد المال العام على المواطن.
الوزير العبدالله بدلا من أن يلعن كل ساعة أضاعتها الحكومة في التسويف وتسطيح العلة الحقيقية لاقتصاد البلد وهي الاعتماد على النفط كمصدر شبه وحيد للدخل، وعدم استغلال الفوائض المالية الكبيرة التي حققتها المبيعات العالية للبترول في السنوات الماضية، راح يلوح بسيف القصاص من المواطنين وكأنه يقول «أنتم السبب».
ربما يكون السكين فعلا اقترب من العظم بعد انخفاض أسعار البترول، واقترابها من خط التماس للسعر التقديري للميزانية العامة للدولة، ولكن لا يعني ذلك أن تشهر الحكومة في أول ردة فعل لها على انتكاس أسواق النفط العالمية السكين في وجه المواطن، وتطلب منه في المقابل أن يبتسم ويطير من الفرح وهو يرى سياسة الترشيد التي تزمع الحكومة تطبيقها تقسم وسطه.
ما هكذا تورد الإبل يا معالي الوزير، ولا هكذا يخاطب شعب تحمل الحكومة بكل علاتها من أجل عيون البلد واستقراره، وهو ينتظر من حكومته التي عللت انتكاساتها المتتالية بعدم الاستقرار السياسي، وعدم تعاون السلطة التشريعية التي أصبحت اليوم «اكثر من متعاونة» مع الحكومة، ينتظر منها ان تكفر عن اخفاقاتها بإجراءات وقرارات ترتقي بمعيشة المواطن، لا أن تخسف بها.
لا ترفعوا حرابكم يا معالي الوزير في وجه المواطن، ولا تعتقدوا أنه الحلقة الأضعف، بل ارفعوا الحراب في وجه «اللوبي» الذي يؤثر في بعض قراراتكم، واستمراركم في مقاعدكم من عدمه، ويستحوذ على كل وجبة دسمة في مشاريع الدولة، تلك المشاريع التي لايزال عدد منها مجرد بناء خاو بلا مردود على الدولة ولا على المواطن.
كنا نتوقع يا معالي الوزير ان تبادر الحكومة بإعلان تقليص مصاريفها، والمكافآت والمزايا التي تصرف للوزراء، وللقيادات وأسماء تحتل مواقع شرفية واستشارية بلا انتاج ولا عمل، أو أن تعلن إلغاء المشاريع المليارية التي تحوم حولها الشبهات، أو على الأقل أن تلغي وصاية بعض المتنفذين على تعاقدات الدولة.
ليس الحل بالهرولة نحو جيب المواطن يا معالي الوزير، ولا بالترشيد فقط، بل إن الحل يتطلب مشواراً طويلاً لاعادة بناء الاقتصاد الوطني على أسس متينة من الكفاءة والتنوع والجودة، والانفتاح على كل الدول التي يمكن ان تشكل رافدا إضافيا للاقتصاد الوطني، واستبدال المنح المليارية التي توزع على بعض الدول بمشاريع واستثمارات تعود بالفائدة على تلك البلدان وشعوبها وتحقق لنا عوائد مالية أيضا، أو تؤمن لنا الغذاء بأسعار تخفف أعباء المعيشة عن المواطنين، ويجب أن يصاحبه تدريب كوادر وطنية قادرة على إدارة استثماراتنا ومشاريعنا في الداخل والخارج، بدلا من البقاء تحت رحمة العمالة الأجنبية.