هكذا دولة.. تستحق هكذا رجال!!
القضية مفتوحة ولم تغلق!!.
قضية «الايداعات المليونية» مثل الجرح النازف اذا لم يتم تضميده بعد تطهيره فلن يندمل أبداً!!.
وسوف يفتح ويخرج العفن من حين لآخر كما حدث أمس وسيحدث اليوم وغداً.. الا بتشريع وهذا صعب المنال للأسف!!.
في مقال سابق لي تحت عنوان «من وراء كرة النار» عام 2011، الذي كشف فيه تفاصيل هذا الجرح والهدف منه.. وقلت فيه ان الهدف كان تغيير المشهد السياسي برمته آنذاك.. وقد حدث ذلك بالفعل.. فالقضية أفزعت الكويت وأدمت الكويتيين وصدمتهم.. وأسقطت حكومة ناصر المحمد كلها.. وتم حل مجلس الأمة.. كانت القضية – ولا تزال – تعبر عن فساد تشريعي وتنفيذي ومصرفي بامتياز، وكان أبطال عملية تغيير المشهد السياسي كتلة العمل «اللاوطني» كما اسميهم دائماً!!.
٭٭٭
وكانت تسميتي لهم في محلها منذ ان أطلقتها.. وكل ما كتبته بحقهم في تلك الأيام التي تعود الى العام 2011، تحققت وترجمت واقعياً أمام الشعب الكويتي.. والذي تأكد له ان شعاراتهم عكس مواقفهم وأفعالهم تماماً.. كل شعاراتهم للاستهلاك.. وكل مواقفهم مدفوعة الثمن.. واليوم هم مطية للحكومة الحالية.. ولم لا.. فالمصلحة العامة آخر سلم أولوياتهم.. ومصالحهم الخاصة هي ديدنهم!!.
لقد تغير المشهد السياسي، وأصبح أبطال هذا المشهد اليوم هم هؤلاء.. الذين لعبوا على كل الحبال.. وهم وإن كانوا قد حققوا مرادهم وأهدافهم ونجحوا، فانه كان نجاحاً باهظ الثمن.. فكلفته سمعتهم.. مصداقيتهم.. احترام الشعب لهم.. والمؤكد انهم حازوا على سخط شعبي غير مسبوق لأنه كشف انتهازيتهم.. وكشف ان المشهد الحالي لا يقل فساداً ولا انقساماً ولا تفككاً عن المشهد السابق الذي أرادوا تغييره!.
٭٭٭
الفساد مستشرٍ نعم.. والتلاحم الوطني غائب تماماً.. والانقسام موجود.. والأسوأ من هذا هو ان الدستور يداس بالأقدام دون ان تهتز شعرة واحدة في نفوس هؤلاء المدافعين عن الفساد والفاسدين!!.
القضية لا تزال جرحاً نازفاً.. وتداعياتها التي حملت الكتلة أياها الى الواجهة كانت كاشفة عن فساد عميق ورجال أكثر فساداً!!.
لقد عادت القضية تطل برأسها خلال الأيام القليلة الماضية.. خاصة بعد ان تابعها نفس الرجل الذي كان يتابعها منذ البداية.. وهو النائب المستقيل رياض العدساني!!.
٭٭٭
«رياض العدساني» نوع من الرجال الصلب، استقال من مجلس 2014، عندما شعر بأنه لا يستطيع ان يحافظ على قسمه أمام الله والشعب، ولكن لأن القضية (الايداعات – الفضائحية) قضية لكل الكويت فانه استمر في متابعتها والاهتمام بها.. وقال بشفافية ووضوح اذا كانوا يريدون ان يمارسوا الرقابة الحقة عن طريق ديوان المحاسبة.. لأجل الحقيقة.. فلماذا لا نكتشف حقيقة الأمر؟!.
٭٭٭
وذهب الى ديوان المحاسبة – وهو غير ذي صفة فيها.. وغير مختص بالتحقيق فيها – ولكن هذا ما أراد رئيس مجلس «السنن اللاحميدة».. الذي أعلن على الملأ ان من لديه أي مستندات ووثائق أو أوراق تتعلق بمعرفته بأي تحويلات مالية مشبوهة او قضايا فساد فليقدمها الى الديوان!!.
وكم كان من المضحكات التي تضمنها الاعلان الذي خرج به بأن الديوان سيستعين بمؤسسة مالية عالمية متخصصة، يختارها رئيس الديوان أو يقترحها أي مواطن.. والغريب في الأمر ان هذا ليس من اختصاص الديوان.. بل أنه مخالف تماماً لقانون انشاء الديوان.. ومخالف أيضاً للاحكام والقوانين المعمول بها في الدولة.. ولكن ماذا نحن فاعلون؟!.
٭٭٭
هذا الحل الذي تفتق عن ذهن رئيس المجلس، كان بمثابة «حفرة» أراد ان يوقع فيها خصومه.. من أصحاب «بلاغ الكويت» لكي يستخدمها في تصريحاته وبياناته التي يلقيها أمام القيادة السياسية، أو في مؤتمراته الصحافية كما فعل.. والمعروف طبقاً للمثل الشائع ان من حفر لأخيه حفرة «سقط» فيها.. وهذا ما حدث بالفعل!!
فقد أعلن «صانع الحفرة» بالأمس أنه استناداً الى اعلان ديوان المحاسبة، فان من تقدموا اليه هم 5 مواطنين، قدموا 7 بلاغات.. وهذه البلاغات التي تسلمها الديوان لم تتضمن أي اتهام فيه مساس بالسلطة القضائية أو اهانة للقضاء الكويتي، كما ان البلاغات لم تتضمن أي اقتراح عن الاستعانة بإحدى المؤسسات المالية الدولية لفحص ودراسة الأوراق والوثائق المرفقة!!
٭٭٭
على من تبيع بضاعتك هذه؟ هذه بضاعة لا سوق لها وسط الشعب الذي يئن من ممارساتكم ومن الفساد المستشري في البلد.. كيف يمكن ان تسمحوا لأنفسكم بتسخير الدولة كلها بمجلس أمتها، وديوان محاسبتها من أجل التصدي لكل من ذهب الى النيابة في ما بات معروفاً بـ«بلاغ الكويت»!!.
لقد كتبت مراراً أيها السادة أؤكد ان ديوان المحاسبة ليس مختصاً بالتحقيق في مثل هذه الوقائع.. مستندة في ذلك الى نص المادة 25 من القانون رقم (30) لسنة 1964 في شأن انشاء ديوان المحاسبة والتي «أكدت عدم اختصاص الديوان بأعمال التحقيق ذلك أن مهامه تنحصر في التفتيش والفحص والمراجعة، في حين ان «التحقيق» هو اختصاص أصيل للنيابة العامة دون غيرها، فهي وحدها من تقوم بأعمال التحقيق وفقاً لنص المادة رقم (9) من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية رقم (17) لسنة 1960 والمادة رقم (50) من قانون حماية الأموال العامة رقم (1) لسنة 93، ومن ثم فإنه لا يجوز للديوان مباشرة هذا الاختصاص لمخالفة ذلك لقانون انشائه وكذا للأحكام والقوانين المعمول بها في الدولة»!!
أما ما يخص «بلاغ الكويت» فثقتنا دائمة في القضاء، وقضاؤنا نزيه ونحن نثق به، والقضية بين يديه، ونحن بانتظار ما تسفر عنه التحقيقات.. ولم نشكك ولم نطالب بإنهاء القضية كما طالبت أنت، ونحن نثق بأن «البينة على من ادعى واليمين على من أنكر»!!
٭٭٭
وكنا دوماً نعتقد ان من يرى ان لديه ما يستحق من مستندات ووثائق سيذهب من تلقاء نفسه من أجل اظهار الحقيقة، سيذهب لأجل الحقيقة ولكن ليس الى «جهاز» انت طرف فيه.. ومع هذا «الحفرة» التي حفرتها لغيرك وقعت انت فيها!!
لقد ذهب النائب «العدساني» الى ديوان المحاسبة، وهناك تكشفت الفضيحة الكبرى التي أوقعتك يا رئيس «السنن اللاحميدة» أنت وزميلك في كتلة العمل «اللاوطني» في الديوان في مأزق! وتساقطت كل أوراق التوت التي كانت متمثلة (بالرصاصات الخمس) فالقرار بشأن بلاغ النائب «العدساني» الذي صدر ونشر أمس عن ديوان المحاسبة يعتبر تعرية كاملة لكتلة العمل «اللاوطني» وفضحا لموقفها من قضية «الايداعات المليونية»، وها هي الحفرة التي حفرها دولة الرئيس للآخرين اذا به يقع هو بها وأمام جميع التيارات السياسية، لقد انكشفتم تماماً.. وسقطت أوراق التوت عنه، وحقاً هكذا دولة تستحق هكذا رجال!!
٭٭٭
الفرص التي سنحت للرئيس..
أثرت في مقال سابق الى لقاء رئيس المجلس مع وزير الاعلام، للترتيب لإصدار تشريع لتضييق الخناق على المغردين.. وعندما انكشف المستور تراجع الوزير عما كان يدبر له بليل.. لكن الفرصة الآن أصبحت سانحة أمامهم مجدداً.. بعد التغريدة التي أطلقها أحد عناصر المعارضة السابقة، والتي أساءت اليه قبل ان يسيء الى غيره، وهكذا وجد الرئيس وبعض المحسوبين عليه ضالتهما.. وأخرجا القرار الخاص بملاحقة «المغردين» لمن يسيئون لـ«المقام السامي لمجلس الأمة».. «والله هذه فضيحة أخرى»!!
٭٭٭
واحدة فقط خارج السرب..
تغرد الآن صحيفة كويتية واحدة خارج السرب.. الكل الآن يشيدون بدولة الرئيس.. ومع هذا فالرئيس «زعلان».. وغاضب لأن «الوطن» الصحيفة والقناة تعارضانه.. وتختلفان معه!
كيف يضيق صدرك بالمعارضة ولو من صحيفة واحدة؟ وأنت رئيس مجلس الأمة.. بيت الديموقراطية، ألا تتقبل الرأي الآخر؟!
أي عهد هذا الذي تختلف فيه صحيفة وقناتها مع سياسي.. فيلجأ دوماً الى التشهير بها وبملاكها!
دولة الرئيس.. بدل ما تدعو الأجيال الجديدة الى الاقتداء بنضال المؤسسين الأوائل «ياريتك» أنت بالأول تقتدي!!
.. والعبرة لمن يتعظ!!
منى العياف
alayyaf63@yahoo.com
twitter@munaalayyaf