الفساد «يلعلع» وما بالحمض أحد
باسل الجاسر
من يطلع على تقرير ديوان المحاسبة عن حال الفساد والتجاوزات بالدولة يجد العجب العجاب، فالتقرير قبل أربع أو خمس سنوات كان عبارة عن كتابين والسنة الماضية صار في خمس كتب ولا أدري كم بلغ حجمه هذه السنة، ولكن بلغني من أحد الإخوة انه تضخم عن العام الماضي، وهذا دليل قاطع ومانع على تفشي الفساد في جسد الدولة وتوسع نطاقاته ومساحاته عاما بعد عام وبسرعة مذهلة وغريبة، فكلما زادت ملاحظات ديوان المحاسبة فهذا يعني ويؤشر على زيادة المخالفات والتجاوزات لدرجة أنها تعبئ خمسة كتب بما يعني أن الفساد في ظل حكومتنا الرشيدة اليوم يعيش في عصره الذهبي ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وإن الحكومة لا تحرك ساكنا لمكافحته والسيطرة على مساحاته.
فلو قامت الحكومة بمعاقبة ومحاسبة المخالفين والمتجاوزين في وزارات ومؤسسات الدولة لما وصلنا لهذا الحال من التفشي للفساد، خصوصا ان تقرير ديوان المحاسبة يحدد المخالفة والوزارة أو المؤسسة ومكان المخالفة.. بيد أن المؤسف والمحزن بل والمخزي أن تتكرر ملاحظات ديوان المحاسبة على بعض الجهات لسنتين وثلاث، بل وست وسبع سنوات ومجلس الوزراء لا ينبس ببنت شفه، بل إننا نجد بعض القياديين يتم التجديد لهم رغم وجود مخالفاتهم.
والأخطر بل المخجل أكثر أن مجلس الأمة وهو جهة الرقابة على الحكومة لانزال في حالة وئام وحب وهيام في الحكومة رغم تقرير ديوان المحاسبة وهي الجهة التي صنعها المشرع الدستوري ومنحها الاستقلالية وفق ما جاء في نص المادة 151 ليكون عونا لأعضاء مجلس الأمة ليحافظوا على أموال وقوانين الأمة من خلال الرقابة على أعمال الحكومة، ولكن المجلس وللأسف الشديد في سبات عميق.
وإذا ما أضفنا لتقرير ديوان المحاسبة ما ورد في تقرير منظمة النزاهة العالمية بأن الكويت تخسر بمعدل 2.5 مليار دولار سنويا بسبب الاحتيال على الدولة والرشاوي والعمولات والتنفيع، وهذا ما رصدته المنظمة والخافي قد يكون أعظم كما إذا أضفنا ما نراه بأم أعيننا من مشاريع الدولة التي حان موعد تسلمها من المقاولين وفق العقود ولكن لم تتسلمها الحكومة.
ومشاريع أخرى تم التعاقد لإنشائها وتم تسلم الكثير من الأموال المخصصة لها، ولكن لم يقم المقاول بدق مسمار واحد بالمشروع.. كل هذا والحكومة مازالت صامتة.. ونوابنا مازالوا في حب الحكومة يعمهون
وأمام هذا الوضع المأساوي لحال المال العام ووزارات ومؤسسات الدولة وعبث الفساد والفاسدين فيهم، فإننا نكون كدولة وشعب بالفعل في عين الخطر.. ولا حول ولا قوة إلا بالله، والنتيجة أن الفساد يلعلع بأعلى الصوت، ولكن وللأسف الشديد لا أحد يتصدى لا الحكومة ولا المجلس ما حقق المقولة الكويتية القديمة «ما بالحمض أحد».. فهل من مدكر؟
baselaljaser@yahoo.com
baselaljaser@