مرزوق أرجوك.. افهمني!
يعلم العزيز الرئيس مرزوق الغانم مدى معزّته وغلاته عندي، وقد ساءني ما وردني من أنباء بأن بوعلي قد أخذ على خاطره مما أكتب، واعتبرها اهانة شخصية لإنجازاته التي لا يغطيها منخل، وتجريحا لـ «كريزمته» السياسية التي حار في تدوينها المؤرخون.
لذا واستجابة للتوجيهات الكريمة التي أطلقها معالي الشيخ محمد العبدالله للشعب الكويتي بـ «التناطح الفكري»، أو كما فسرها معاليه قائلا: «تنطحني بفكرة، وانطحك بفكرة ثانية.. ومن بعدها تنولد فكرة ثالثة». ومثل هذا التصريح «الفلتة» لم يسبق معالي الوزير اليه أحد من الانس والجان.. الا اثنان: ولد السلطان، وشيبوب يوم يغازل الجارية التي تشتغل عند عبلة قائلا: «تجي تقلعي لي عين وأقلع لك عين.. ونعيش عوران احنا الاثنين»!
لذا، واستجابة لتوجيهات معاليه، تعال معي دولة الرئيس مرزوق الغانم، نتناطح فكريا في هذا المقال.
أذكر في بداية رئاستك حرصك الشديد على ان ترسّخ في أذهان الناس فكرة ان «مرزوق غير».. على وزن «جدة غير»، وأن تؤكد للجميع بأنك رئيس مجلس أمة فريد من نوعه، ولا ينبغي مقارنتك بالسعدون أو علي الراشد أو حتى جاسم الخرافي بجلالة قدره.فابتدعت فكرة «الاستبيان» الشهير.. وأطلقت تصريحا ردا على منتقديك قلت فيه: «البعض يستهزئ بهذا الاستبيان، وبأن أولويات الشعب الكويتي معروفة ولا تحتاج استبيانا..وأنا أرد على هؤلاء بأن هذا الاستبيان ليس لتحديد الأولويات، وانما لترتيب هذه الأولويات ولمعرفة ما هي..أولى الأوليات»!
وفعلا، وبعد جهد مضن، خرجت علينا معاليك لتزف البشرى بأن الاستبيان قد اكتمل، وأن «أولى» الأولويات هي: الرعاية السكنية (بنسبة %21)، تليها الرعاية الصحية (بنسبة %17)، ومن ثم التعليم (بنسبة %13).
هلل الشعب الكويتي وكبّر، على نتائج هذا الاستبيان المبهرة..ونام ليلته قرير العين، مستبشراً بغد مشرق برعاية شركات الغانم والخرافي.
ولم يخيب مرزوق رجاءنا، فقد عمل واجتهد، وجد حتى وجد، وزرع ثم حصد..فخرج الينا بفكرة «مؤتمر الكويت للاسكان: فلسفة جديدة.. وخارطة طريق»!
وفكرة هذا المؤتمر باختصار هو ان تأتي بخبراء متخصصين من أنحاء العالم، على حساب الدولة، ثم تضعهم في فندق واحد مع بعض الخبراء المحليين، وتتركهم يتناطحون بأفكارهم كم يوم، وبعدها تفتح الغطاء عن «الحَلّة»، وتكون الطبخة قد استوت.
في ختام المؤتمر، ألقى مرزوق الغانم خطبة عصماء قال فيها: «لقد استطعنا تحديد القضية الاسكانية كأولى الأوليات، وتمكنّا من فرضها على الحكومة كأولوية، وهذا بحد ذاته إنجاز»!
اليوم ولله الحمد، انتهى مجلس الأمة من حل القضية الاسكانية تماما، ومسح هذا الملف من جدول الأولويات، بعد ان تمكن من توفير 12 ألف وحدة سكنية للمواطنين، وهو رقم حسب ما وصفه دولة الرئيس مرزوق الغانم، في كلمته أمام صاحب السمو وأمام الشعب الكويتي، بأنه «إنجاز شعبي غير مسبوق، حيث نجح مجلس الأمة، في دور انعقاده الثاني، بأن يتصدى لمشكلة الاسكان بكل أبعادها، وأن يصل لتوزيع أكثر من 12 ألف وحدة سكنية سنوياً، بعد ان كان معدل التوزيع في الخمس عشرة سنة الماضية لا يتجاوز 3 آلاف وحدة سكنية».. وزغرطي يا تفيدة!
ولولا أني أعلم أيها الغالي بوعلي، أنك انسان «زعولي»، لكنت مازحتك بالقول: «انت شلون واحد جمبازي؟!.. أليست معظم هذه الوحدات عبارة عن شقق سكنية، أو أراض فضاء على الخريطة ليس فيها بنية تحتية أو خدمات؟.. ألم يصرح وزير الإسكان قبل أيام بأن بدل الايجار سيستمر لأهالي مدينة صباح الاحمد، لحين تنفيذ الخدمات (علما بأن تلك الأراضي تم توزيعها قبل أكثر من سنتين.. وللحين ناطرين اكتمال الخدمات)!.. ألم تقل الحكومة قبل أسبوع بأنها تفكر جديا بالغاء السكن العمودي (الشقق السكنية) بعد ان تبين عدم اقبال المواطنين على هذا النوع من السكن؟.. أليست فكرة السكن العمودي الفاشل هي مقترح تمخض عن مؤتمرك، وتبنيته بحماس ودافعت عنه دفاع المستميت؟!».
الأخ الكريم مرزوق الغانم، كان في العراق نكتة يتداولها العامة عن صدام حسين، بأنه خرج ذات مرة مع حاشيته في رحلة صيد، وإذا بسرب من الطيور يمر فوقهم، فصوب صدام على السرب ورمى.. لكن لم يسقط أي طير! هنا أصاب الهلع حاشية الرئيس، فتدخل عزت الدوري لانقاذ الموقف قائلا: «سيدي.. أول مرة أشوف طير يموت وما يوقع»!.
.. ونحن نقول للرئيس مرزوق الغانم: «أول مرة نشوف مجلس يزعم أنه زاد المعروض من الوحدات السكنية بشكل غير مسبوق..وفي نفس الوقت تبقى أسعار العقار نار وشرار»!
وفي الختام، لا يسعنا الا ان نستحضر كلمة شخص لا يمكنك ان ترد شهادته.. شخص خبير في «الجمبزة والجمبازية».. شخص استطاع تشخيص الوضع الحالي بدقة حين قال: «.. وترى الكلام سهل والتنظير سهل، ولو شئنا كنا بعناكم الوهم، مثلما فعلت المجالس النيابية التي سبقتنا!.. ولو شئنا لأبرأنا ذمتنا أمام الناس بإقرار كم قانون، نعلم أنه غير قابل للتطبيق، ونلزم فيه الحكومة ببناء كذا وحدة سكنية خلال مدة زمنية محددة.. ثم نظهر أمام الناس ونقول: «بأننا حلّينا المشكلة، لكن الحكومة مقصرة ولم تطبق القانون»!
أتعرف يا دولة الرئيس من قائل هذا الكلام الخطير؟ انه.. بوعلي!
٭٭٭
سمردحة: قديما كانوا عيالنا إذا زعلوا من وافد قالوا له «والله لاسفرك».. اليوم عيالنا اذا زعلوا من أحد ينتقدهم قالوا «والله لاسحب جنسيتك»!
د.طارق العلوي