سمو الرئيس.. الكويت تباع «بتحالفاتك»!! (4)
أستكمل اليوم سلسلة مقالاتي عن بيع الكويت قطعة قطعة.. بالقانون، وما يتبع ذلك هذه الأيام من تآمر على المال العام.. حيث فاجأتنا الهيئة العامة للاستثمار بقرارها بيع أولى شركات الاستثمار في الكويت وهي (الكويتية للاستثمار)، كما انها ايضاً بصدد بيع «بيت التمويل الكويتي» و«شركة زين».. الأمر الذي يؤكد لدينا أنه لا يوجد حنكة اقتصادية تدار بها الدولة، هذا القرار أيضا الذي أقدمت الهيئة عليه يعني ذلك، وهو يحمل في طياته الكثير من علامات التشكيك والريبة ويطرح المزيد من علامات الاستفهام!
كيف يا سمو رئيس الوزراء يصدر هكذا قرار من دون دراسة مع الخبراء والمتخصصين على أوسع نطاق؟ كيف تعطي الدجاجة التي تبيض للبلد كله ذهباً للقطاع الخاص مجاناً، وتعلم أنه وان كان فيه الصالح ففيه الكثير من الطالح.. ومن أصحاب الذمم الخربة؟
٭٭٭
وأسألك أيضاً عن الأسباب وعن التوقيت، وعن التداعيات، فالذي نراه حاليا هو ان الأسواق العالمية تتعرض لهزات اقتصادية خطيرة، الأمر الذي قد يعرض شركات القطاع الخاص.. والعام ايضاً الى مخاطر جسيمة!!
وما حدث في 2008 خلال الأزمة المالية العالمية ليس ببعيد.. ويعد أكبر دليل على المخاطر التي تتعرض لها الشركات دوماً والمعروف انه لم ينقذ هذه الشركات سوى تدخل الدولة.. وذلك على الرغم من ان الأكثر تضرراً كانوا هم المواطنين العاملين بهذه الشركات، ذلك أنه وبسبب هذه الأزمة تم الاستغناء عن كثير من المواطنين، وكان تدخل الدولة لانقاذهم أمراً واجباً وتم ذلك عن طريق قيام الحكومة بدفع رواتبهم!! وهناك مازال البعض منهم يتسلم رواتب بسبب تسريحهم من العمل!!
٭٭٭
ألا يجعلك هذا تتردد وتفكر مرتين يا سمو الرئيس قبل الاقدام على قرار خطير مثل هذا بأن تبيع حصص الدولة في الشركات المدرة أساساً للأرباح والتي تلتزم أيضاً بتشغيل عمالة وطنية؟ كيف تبيعها الى القطاع الخاص خاصة انه قطاع لا يمكن ان ينقذ نفسه بنفسه في أي أزمات مالية قد تحدث!
ثم ما السبب؟ هل هذه الشركات خاسرة مثلاً؟! هل هي عبء على الدولة، هل هي تؤثر في ميزانية الدولة؟ قولوا لنا لماذا؟
كذلك الاعلان عن ان بيع حصص دولة الكويت في «الشركات» الرابحة هذه، لكي تتفرغ الهيئة لدراسة مشاريع استثمارية أخرى، فهل هذه الشركات عبء على الهيئة؟ وفي أي مجال هي عبء عليها؟ وكيف لا يمكن للهيئة ان تضيف ما يلزم من خبرات اليها من أجل اجراء الدراسات المزعومة للمشاريع الاستثمارية؟ وما علاقة بيع الشركات بدراسة مشاريع أخرى؟ هل الهدف هو ان تبيع حصصاً في شركات ناجحة معلومة من أجل شراء حصص أخرى غير معلومة المصير، تحت لافتة تشجيع المواطنين على الاستثمار في الأسهم القيادية!! هل هذا كلام عاقل؟ ألا يثير الريبة ويؤكد ان هناك مؤامرة بالفعل تجري وعلى قدم وساق لبيع الكويت ومقدراتها!
٭٭٭
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا أيضاً هل الهيئة بحاجة الى أموال مثلاً؟! بحيث تبيع هذه الاستثمارات لتشتري أخرى؟! وهل من الصعب على الهيئة الاستثمار في شركات أخرى بينما تحتفظ بهذه الشركات دون التفريط بها؟!
ما ينبغي التوقف والتفكير فيه طويلاً ومرات عديدة هو ان «الهيئة» تساهم في حوالي 102 شركة تقريباً، ولنا ان نتخيل ما الذي سيحدث اذا تم بيع كل حصص الهيئة؟ وما تأثير ذلك على الاقتصاد الكويتي، وعلى العمالة الوطنية، في المقابل كم سيدخل ويتكدس ويدخل جيوب أصحاب «الكروش»!!
ليكن واضحاً يا سمو رئيس الوزراء ان قراراً كهذا هو من الخطورة بمكان بحيث انه يجب التأني فيه، فهو بمثابة هدم للاقتصاد الكويتي برمته.. وسوف يتسبب في حدوث «ارباك» واضطراب حقيقي داخل الشركات، لأن الملاك الجدد سيحتاجون الى وقت للتنظيم والنمو، ذلك انهم سيستحوذون على النسبة الأكبر في هذه الشركات بعد بيعها من جانب الهيئة.. وهو ما يجعل التوقعات لا سقف لها.. خسائر فادحة ومزيداً من القرارات غير المدروسة في انتظارنا، فقد يكون الدور القادم على بيع مساهمات الدولة في البنوك!!
٭٭٭
والأخطر من هذا كله ان التوجه نحو البيع تم من دون ان نعلم شيئاً عن الشركات التي سبق للدولة ان قامت بدعمها – وقت الأزمة المالية 2008 – حيث تحمل المال العام خسائرها الى ان استطاعت تجاوز أزمتها وعادت تحقق من جديد مكاسب وأرباحاً، ثم بدأت في عملية تعويض المال العام الذي تم صرفه، فكيف بالهيئة تأتي اليوم لتبيع حصتها بعد ذلك؟!
معنى هذا ان المال العام رسمياً لم يعد له حرمة!! وأن ما يحدث هو تخلٍ رسمي من الهيئة عن دعم الاقتصاد الكويتي المحلي للذهاب الى الخارج لدعم اقتصادات أخرى وشركات أجنبية فهل هذا يعقل؟! هل هذا يدل على ان خبراء ومتخصصين هم من يديرون هذه المؤسسة.. أم ان وراء الأكمة ما وراءها، وأن بالفعل أوضاع وتنقلات شخصيات محددة من مواقع لأخرى، وهي وثيقة الصلة والعلاقة بتجار السياسة، هدفه تحقيق «أجندات خاصة» على رأس أهدافها والاستحواذ على أكبر قدر من «الفرص» الاستثمارية طالما ان الظروف سانحة بعيداً عن الرقابة الشعبية!!
٭٭٭
من هنا أعود وأكرر سؤالي يا سمو الرئيس: هل مؤامرة بيع الكويت «قطعة» «قطعة» تتضح لك؟ هل تتحسس أخبارها؟ هل تعلم بتفاصيلها كلياً أو جزئياً؟ هل تفكر في امكانية حدوثها ام ان التحالف مع بعض تجار السياسة بحيث تحاول تلجيمه وتحجيمه.. أم ان المسألة لا تمثل أهمية بالنسبة اليك.. لأن التحالف مع بعض تجار السياسة أهم.. وبالتالي فانه سيبقى ولو على حساب بيع مقدرات الكويت في ظل غياب الرقابة الشعبية الحقيقية على المال العام.
٭٭٭
واذا انتقلنا بحديثنا عن البورصة فسنجد ان الصراع على خصخصتها لم ينته.. ويبدو انه لن ينتهي، فهذا فاصل جديد من الصراع على خصخصة البورصة رأيناه ومنذ مدة بين (مرزوق والصقر)، أقصد بين الوزير «المدعج» وبين النائب «الطريجي»، بينما البورصة تخسر، وبالأمس فقط خسرت 243 مليون دينار، والحبل على الجرار، فمن الذي سيتضرر سوى صغار المستثمرين الذين يخسرون كل ما لديهم من أموال.. حرام.. اضاعة أموال البسطاء!
أتذكر ان هذا القانون الذي قدمت النائبة (المستقيلة) صفاء الهاشم، 3 تعديلات عليه في اللجنة المالية وهو ان تمنح الحماية لصغار المستثمرين ولكن للأسف تم الغاء هذه البنود، في تواطؤ فاضح حدث وقت اقرار القانون من جانب بعض النواب ورئاسة المجلس، مما ساهم في تعجيل تقدمها بالاستقالة، ذلك ان هذه الاضافات كانت مدرجة في الجدول المقارن وتم الغاؤها!!
سمو الرئيس.. البلد يباع رسمياً بسبب تحالفاتك مع تجار السياسة وأنت تتفرج فقط!! أما محاولة «مكيجة» صورتك من خلال نشر لقاء مُعد مسبقاً لك فلن تخفي المحنة التي وقع فيها الشعب جراء عقدك لمثل هذه التحالفات.. وللحديث بقية!!
.. والعبرة لمن يتعظ!!
منى العياف
alayyaf63@yahoo.com
twitter@munaalayyaf