فلتكن فنلندا قدوتنا تعليمياً يا معالي الوزير
تعليمياً أثبتت كل الدراسات فشلنا وتواجدنا بالدرك الأسفل عالمياً وإقليمياً.. وهي العملية التعليمية التي يشتكي منها الكل من مدرسي الابتدائي إلى مدرسي الجامعة والعلوم التطبيقية، إلى سوق العمل، فالكل يشتكي من تردي مخرجات التعليم الحكومي الرسمي، الذي تقهقر إلى الصفوف الخلفية على مستوى العالم منذ عقود في الكويت، خصوصاً بعد أن استولى التحالف الأصولي ــ القبلي ـ المحافظ ـ على مقاليد كثير من الأمور في هذا البلد، وعلى رأسها العملية التعليمية!
للوزير الجديد د. بدر العيسى وزير التربية والتعليم العالي في الكويت، الذي يواجه انتقادات عنيفة هذه الأيام، خصوصاً من التجمع الثلاثي سالف الذكر، لعزم وزارته تدريس اللغة الفرنسية بالمدارس الابتدائية على سبيل التجربة.. ونحن نعرف أن من هاجم الوزير الجديد، يريد بذلك إفزاع الوزير ووضعه تحت سطوته، التكتيك الذي نجح مع بعض الوزراء ـ إلا من رحم ربي ـ ذلك أن الوزير العيسى بالقطع ليس مسؤولا، ولا هو صاحب فكرة تدريس اللغة الفرنسية بالمرحلة الابتدائية، لسبب بسيط أنه لم يمضِ عليه إلا عدة أيام بالوزارة، فالمؤكد أنها فكرة قديمة تمت دراستها في السابق وإقرارها الآن في عهد الوزير الجديد، وأظنها مجرد صدفة بحتة.
***
للوزير الجديد، الذي لا نشكك لا في تفانيه ولا في إخلاصه ولا في نيته، تطهير وزارته من الفساد والمفسدين، وتحسين مستوى أدائها لينعكس على مستوى التعليم المتدني في الكويت، نهدي له هذا الخبر، فلا حاجة لإعادة اختراع العجلة، هناك عدة دول وأمم سبقتنا، وأثبتت نجاحات بارزة في مجال التعليم، لنبدأ الآن فيما انتهت إليه من مناهجهم الباهرة.
الخبر هو من الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، التي زارتها هذا الأسبوع كريستا كيورو وزيرة التعليم والاتصالات الفنلندية، لوضع استراتيجية تعاون متكاملة لمنظومة التعليم مع السعودية.. وقد اختارت السعودية نعم الشريك المناسب، ذلك أن فنلندا تتصدر قائمة أفضل بلد في العالم في استطلاع نيويورك لعام 2010 من حيث التعليم والبيئة السياسية والصحة والديناميكية الاقتصادية ونوعية الحياة، كما تقول الوزيرة الفنلندية، كما أن فنلندا تعتبر ثاني أكبر بلد استقراراً في العالم، وفي عام 2010 كانت فنلندا البلد السابع الأكثر تنافسية في العالم وفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي.
الوزيرة كيورو أجابت عن سؤال فحواه: «ماذا سيضيف تعاونكم مع السعودية فيما يتعلق بالبيئة التعليمية تحديداً؟ بالقول: أعتقد أن أهم مقومات تصحيح البيئة التعليمية هي الجودة، وفي فنلندا نهتم كثيراً بالجودة، ونحن حريصون للتعاون معاً لإحداث نقلة نوعية في جودة المنتج التعليمي ذي القيمة الإضافية.
مخرجات تعليم فنلندا، تعتبر نموذجاً للجودة، يجب علينا نحن، المتأخرين في ميدان التعليم، الاقتداء به من دون خجل أو وجل أو تردد.. فمخرجات التعليم الفنلندية ساهمت بشكل أساسي في صناعة البيئة التحتية لمقومات الدولة، بما فيها القطاع الاقتصادي، ويعد الباحثون الفنلنديون في طليعة المساهمين في مجالات مثل تحسين الغابات والمواد الجديدة والبيئة والشبكات العصبية وفيزياء الحرارة المنخفضة، وأبحاث الدماغ والتكنولوجيا الجينية والاتصالات.. وتمتلك فنلندا إنتاجية عالية في مجال البحث العلمي، فقد حلت عام 2005 في المرتبة الرابعة من حيث نصيب الفرد من المنشورات العلمية في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وفي عام 2007 سجلت فنلندا 1801 براءة اختراع، وكان قطاع تصنيع التكنولوجيا العالية والخدمات المعلوماتية في فنلندا في المرتبة الثانية بعد ايرلندا، ونمو الناتج المحلي الإجمالي سبق الكثير من دول الاتحاد الأوروبي نتيجة لمساهمة التعليم في ذلك البلد المتقدم تعليمياً واقتصادياً وتنموياً.
فما المانع من أن تكون فنلندا، وليس أي بلد أو فكر آخر، قدوتنا تعليمياً يا معالي الوزير؟!
..ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
علي أحمد البغلي
Ali-albaghli@hotmail.com