ليبيا: الحرب الأهلية تحاصر البترول
منذ سبتمبر /كانون الأول تتواجه في ليبيا قوتان وتتصارعان من أجل السيطرة على النفط: من جهة “حكومة الانقاذ الوطني” ومقرها في طرابلس، مدعومة من مجموعة “الفجر الليبي” وحلفائها الإسلاميين والمتكونة من الثوار المتطرفين.
ومن الناحية الثانية الحكومة ومقرها في شرق البلاد، في مدينة طبرق، والواقعة تحت إشراف وحماية مجلس النواب ذي التوجه المعتدل. وقد أبطِلت هذه الأخيرة من قبل المحكمة العليا في 6 تشرين الثاني/نوفمبر، ولكن ما زال معترفا بها من قبل الأمم المتحدة.
هذه الأزمة السياسية، والمواجهات العسكرية، تشل ليبيا منذ الصيف الماضي، بما في ذلك سوق النفط الذي يمثل 90٪ من الدخل القومي، وفقا لتقرير مكتب المراجعة الليبي في يونيو/ حزيران عام 2013.
التنفيذيتان المتنافستان متفقتان على تقدير الإنتاج الحالي من الذهب الأسود بحوالي 800 ألف برميل يوميا (993 ألف برميل في عام 2013). وهو حجم بعيد جدا عن الـ 1.8 مليون برميل التي قدرها الخبراء بعد سقوط القذافي في عام 2011.
على أرض الواقع، يقول المراقبون يزداد سوء الانتاج هذا باستمرار القتال من أجل امتلاك حقول النفط. وهكذا فإن حقل الفيل النفطي، الذي تديره المؤسسة الوطنية للنفط بالتعاون مع شكرة وايني الإيطالية.
توقف عن الإنتاج في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر، بعد أن استولت عليه ألوية من مدينة مصراتة والطوارق – المتحالفة مع الحكومة في طرابلس – و سيطرت عليه على حساب قبائل التبو والزنتان، الداعمتين الأساسيين لحكومة طبرق. ومع إنتاجها لـ 130 ألف برميل يوميا يعتبر حقل الفيل أهم حوض في مرزوق الواقع في الجنوب الغربي من ليبيا.
المنصات النفطية البحرية، وحدها، هي التي لم تشهد حتى الآن مشاكل في الإنتاج في ليبيا. لكن إلى الشرق، في منطقة برقة، تقع حقول النفط الأكثر أهمية.
وليس من قبيل المصادفة إن لجأ مجلس النواب إلى هذا المكان تحديدا؛ فالبرلمان الذي انتخب في 25 يونيو يحتفظ بالسيطرة على البنية التحتية النفطية الرئيسية هناك.
ومن المتوقع أن يجتمع قريبا في راس لانوف حيث مصفاة النفط الرئيسية في البلاد. وهو معقل زعيم ميليشية إبراهيم جدران الذي كان سببا في عرقلة المنشآت النفطية في شرق ليبيا بين صيف 2013 وربيع عام 2014، والذي تبنى في النهاية قضية مجلس النواب.
إذ قال “خير لي أن أكون مسجونا مع عبد الله السنوسي (رئيس مخابرات القذافي السابق، المعتقل في طرابلس) من أن أوقع عقدا مع الفجر الليبي”.
وتفيد التقارير الصحافية أن سمير كمال، ممثل ليبيا في منظمة أوبك، طلب من الدول الأعضاء تحديد سقف إنتاج جديد بـ 29.5 مليون برميل يوميا.
ومع ذلك يصر هذا المسؤول الليبي على أنه لا يتكلم باسم أي حكومة. والحال أن ما من أحد يرغب في أن يلعب أوراقه على المكشوف قبل الآخرين.
وفي طبرق هناك التزام بالصمت الرسمي حول إرسال مبعوث إلى مقر أوبك في فيينا. ففي طرابلس تلعب الحكومة لعبة “لامبالاة مزيفة”: “أفضَل ما في الأمر أن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، ووزيرنا للنفط “ما شاء الله سعيد الزَّوي” موجودان هناك. والاجتماع بعد أسبوع، ولدينا الوقت.