تقشف على المواطن لا على الهدر
باسل الجاسر
قامت الحكومة بتعميم آليات التقشف أو ضبط المصروفات على الوزارات المؤسسات التابعة لها وذلك للعمل بها إلى ان تنتهي أزمة هبوط أسعار النفط، وقد تمثلت هذه الآليات في عدم إصدار أي كوادر وظيفة جديدة، تأجيل زيادة المكافآت ووقف الترقيات بالاختيار وعدم صرف بدل نقدي مقابل الإجازات وعدم طلب إصدار قوانين يترتب عليها أعباء مالية، والحد من المهمات الرسمية وخفض اعتمادات بنود الضيافة والرحلات، ووقف التوسع بالهياكل التنظيمية وقف تعيينات غير الكويتين (بما يعني أن الحكومة كانت تسمح بتعيين غير الكويتيين بالرغم من طابور الكويتيين الباحثين عن عمل).
والحقيقة اننا لو دققنا في هذه الإجراءات لوجدنا أن أكثر المتضررين من هذه الإجراءات هو المواطن الكويتي الذي يعمل بالقطاع العام، كما أنها ليست مجدية وغير منتجة لمواجهة هبوط أسعار النفط ولا أرى فيها إلا ذر الرماد بالعيون للقول إن الحكومة قامت بإجراءات لمواجهة هبوط أسعار النفط.
والحقيقة ان الإجراءات المطلوب من الحكومة اتخاذها بغض النظر عن هبوط أسعار النفط هي وقف الهدر وتبديد المال العام الذي أشار إليه تقرير ديوان المحاسبة وخصوصا فيما يتعلق ببدلات اجتماعات قياديي الدولة من وزراء ووكلاء ووكلاء مساعدين ومستشارين.. التي تصل للبعض منهم لأكثر من 100 ألف دينار، هذا بخلاف مرتباتهم وامتيازاتهم ومكافآتهم الباهظة.. هذا من جهة، ومن جهة اخرى التصدي للتلاعبات في مناقصات الدولة التي تتم ترسيتها بسعر وتزيد كلفتها بعد ذلك بسبب الأوامر التغييرية، وكذلك التلاعب في مواعيد تسليم المشاريع لدولة وتأجيل تسليمها من دون تطبيق لشروط الجزائية الواردة في عقود المناقصات، بل إن هناك مناقصات أرسيت وتم دفع معظم قيمة العقود من قبل الحكومة ولكن لم يتم تنفيذ المشاريع.
بإجراءات كهذه تكون الحكومة ضربت عصفورين أو ثلاثة بحجر واحد، فهي تكون أوقفت الفساد وأوقفت الهدر وأنجزت مشاريع الدولة المتعثرة والتي الوطن والمواطنون بأمس الحاجة اليها، ناهيك عن تخفيض المصروفات وضبطها ولكن بعيدا عن مواطن اجتهد وينتظر ترقية أو مكافأة وبما فيها من إحباط للموظفين المجتهدين بالدولة والذين يرون قيادييهم يتقاضون أموالا طائلة ولم تمسهم عصى التقشف بينما طالت الموظف البسيط ذا المكافأة البسيطة.
هذا بالإضافة الى تحصيل أموال الدولة الطائلة التي يتم التغاضي عن تحصيلها وأشار اليها تقرير ديوان المحاسبة في العقود التي تأخر المقاولون في تنفيذها أو تلك التي تعتبر رسوما وضرائب ولم يتم تحصيلها بسبب أنها لدى «تجار».
والواقع أن أكبر مشكلة تواجه الحكومة وتسبب لها الكثير من الإخفاقات هي تحالفها مع بعض قليل من تجار السياسة الذين يحققون غاياتهم السياسية ويزيدون أموالهم على حساب المال العام وعلى حساب التنمية والإصلاح في هذه الحكومة وبالتالي على حساب هذا الوطن.. فهل من مدكر؟
baselaljaser@hotmail.com
baselaljaser@