حل الاتحاد يدفعنا لطلب حل المجلس.. فكلاهما فشل!!
ست وحدي الحزينة.. أو المقهورة.. أو الغاضبة أو المتألمة!
كلنا كذلك.. مصدومون مما جرى ومما حدث.. لكننا لم نطرح السؤال الصعب على أنفسنا.. وهو: لماذا اعتقدنا اننا سننتصر؟ لماذا تخيلنا اننا سنحرز كأس البطولة.. ونعود بها مظفرين الى الكويت؟ وما الذي يجعلنا نبالغ بأحلامنا وتصوراتنا بهذا الشكل، ونحن في تدهور شامل ومستمر.. تدهور في كل المجالات من الاقتصاد الى الرياضة.. ومن السياسة الى الفنون ومن التعليم والصحة الى الإسكان والهجرة والجنسية.. فنحن نعيش حالة تعطيل تام لكل قضايا التنمية؟!
لماذا اعتقدنا ان الرياضة استثناء من كل هذا التدهور؟ لماذا حلمنا بما هو أكبر حتى من قدرتنا على الأحلام؟ هل لأن الرياضة وبطولة الخليجي تحديداً كانت دوماً متنفساً وسط كل أجواء الشحن والغضب والتدهور الذي يجتاح كل المجالات؟!
٭٭٭
نعم أعلم ان منتخبنا الوطني (الأزرق) كان دوماً المتنفس الوحيد لنا في كل المشاركات.. وبصفة خاصة «بطولة كأس الخليج» التي تحمل لنا الكثير من الخصوصية، لأن الأزرق له تاريخ مجيد في البطولات الخليجية بالذات وله مذاق وتاريخ خاص ومشرف، ودوماً كنا نفتخر باننا في هذه البطولة بالذات كنا متفوقين خليجياً.. ولعله تفوقنا الوحيد.. فبعد ان كانت الكويت درة الخليج فاننا تخلفنا، وأصبحنا في آخر الركب وسبقونا هم في كل شيء!! لماذا لم نستوعب ان التدهور شامل في الدولة، وأن هذا التدهور لابد أن يشمل الرياضة؟! لماذا صّدمنا بهذه الطريقة؟! هل لأن الأزرق خسر خسارة ثقيلة وبخمسة أهداف أمام منتخب عمان؟!
٭٭٭
هل لأن مبعث هذه الصدمة هو اننا كنا واثقين اننا استعددنا استعداداً رائعاً، وأنفقنا عشرات الملايين على المنتخب وتأهيله وعلى المنشآت الرياضية، ولذلك فوجئنا بالنتيجة، بأن ما زرعناه حصدناه هزيمة!!
هل مبعث هذا الاعتقاد (الحالم) هو ان المنتخب الوطني حقق خلال الثلاث سنوات الأخيرة قفزات رائعة، في عدد من البطولات السابقة، لذلك كانت صدمتنا شديدة عندما خرج من بطولته – وبطولتنا – المفضلة؟.
أم أننا حزنا لأن الشيخ «طلال» تجاهل كل النصائح التي كانت تنهال عليه يميناً ويساراً محذرة من كارثة؟!
في الحقيقة لا هذا ولا ذاك فهذا حصاد الوضع العام، وضع في مجمله سيئ وفاسد ومتدهور!!
٭٭٭
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل رئيس اتحاد الكرة الشيخ طلال الفهد، قصر في واجبه، ولم يتحمل مسؤولياته في معالجة ملف الرياضة طوال الفترة الماضية، بينما كان رئيس الوزراء وحكومته يقومون بواجبهم الوطني والسياسي، واجمالاً دورهم الوطني الصحيح المطلوب منهم، بحيث انهم قفزوا بالكويت خلال فترة حكمهم، في ظل تمتعهم بكل شيء.. كل شيء.. من الوفورات في الفوائض النفطية، الى التنعم بأجواء سياسية مريحة جداً ومتعاونة تماماً.. مدعومة باعلام «تجاري» غير مسبوق، هل قام كل هؤلاء بواجبهم وبدورهم وبمسؤولياتهم وحققوا نتائجهم الطيبة.. في حين فشل طلال الفهد في ذلك؟ هل حققوا تنمية مستدامة؟ تنمية «عادية حتى» داخل الكويت ولا نقول ولا نطمح الى السؤال عن التفوق في مجلس التعاون مثلاً! وهل من حقنا في ظل مثل هذه الحكومة ان نحلم هكذا حلم؟.
٭٭٭
لم يقهرنا منتخبنا الوطني فقط في الحقيقة، لكنه فجر دموعنا.. وكشف عن عمق ما نحن فيه من مأساة.. أو ملهاة معاً.. فما يضحك الى حد البكاء، اننا نرى الكويت تضيع، وتباع قطعة قطعة وبالقانون، بسبب زواج تجار السياسة ورجال المال والأعمال بالسلطة التنفيذية.. ومن دون ان ينتفض «نواب» أو نجد صحيفة واحدة موالية للرئيس تطرق بموضوعية وتجرد وطني ناقوس الخطر، وكأن ما يحدث لا يعنيهم!
وأما عندما خسر أزرقنا أمام المنتخب العماني الرائع فان «السكاكين» شحذت وتم سنها، وانتفض نواب الأمة وشنت الصحف في أفتتاحياتها هجوماً عاتياً مطالبة باقالة الاتحاد، ورأينا بعض المحسوبين على معسكر (الناصر والخرافي) يطالبون بالتجمع الشعبي.. غير عابئين ان ضم هذا التجمع آلافاً مؤلفة.. في ظل ظروف محيطة بنا غاية في الخطورة؟ مع انهم لو عادوا الى الوراء قليلاً كما يحدث، وقرأوا بتصريحات المسؤولين في الاتحاد واللجنة الأولمبية، ومدرب الأزرق، سيجدون ان أحداً لم يغرق في التفاؤل.. أو يخدع الناس حتى الشيخ أحمد الفهد قال بوضوح عندما سئل عن امكانية ان يحصد الأزرق البطولة: «احنا مو جاهزين»!!
٭٭٭
من المؤسف ان يحدث عندنا خلط للأوراق على هذا النحو.. وان يحاول البعض ان يستغل المصيبة الحالية لجني الفوائد، فقد كان غريباً، وبلا خُلق ان يخرج علينا «محسوبون» على رئيس المجلس مطالبين (بنصب المشانق) لرئيس الاتحاد، وأن تشن الصحف المحسوبة عليه حملة بمطالبة انزال أقصى العقوبة به وبالرياضيين، والذين كانوا «يطبلون» معه وله!!
لم يترفع هؤلاء الخصوم عن انتهاز اللحظة.. وتوهموا في أنفسهم فروسية أو نخوة عندما سعوا لتوظيف غضب الشارع وتألم الشباب العائد للوطن مع آلامه وخيباته، حزيناً لخذلان فريقهم الذين يحملون له كل الحب، والذين لا ألوم أحداً منهم على غضبه، لكني ألوم كل من تشفوا وحاولوا توظيف الغضب لصالحهم!
٭٭٭
جاء كل هؤلاء وكل منهم يحمل أجندته الخاصة، فهم لم ينتفضوا لضياع وبيع البلد، وخسارته الفادحة في عقد «الداو»، ولم يتألموا لمليارات الدولارات التي دفعناها «بليل أظلم» وبدم بارد.. تماماً، كما لم ينتفضوا من قبل عندما توقفت كل المشاريع الرياضية – واستاد جابر في قلب هذه المشاريع – فقد دفعت الملايين وتسلمنا – نحن شعب الكويت – مشروعاً آيلاً للسقوط!!
لم ينتفضوا عندما أقرت الحكومة فشل خطتها للتنمية؟!
لم ينتفضوا عندما أعلنت الدولة بيع حصصها في الشركات الرابحة!
لم ينتفضوا عندما شطبت الاستجوابات وأصبحت الأداة الرقابية (حبر على ورق)، لم ينتفضوا عندما تم تقويض الحريات وأغلقت صحف وقنوات ومنعت برامج تلفزيونية من دون وجه حق!
لم ينتفضوا عندما أقدمت الحكومة ودون وازع من الضمير على «سحب الجناسي»، في عملية انتقائية انتقامية تسببت في تفكيك وتشريد أسر!
لكنهم انتفضوا فقط بعد خسارة «الأزرق»، لكي يخلطوا كل الأوراق.. حيث يراها رئيس المجلس فرصة ذهبية لإلهاء الناس عن مصايب مجلسه والحكومة.
يبقى سؤال يطرح نفسه بقوة وهو كيف ستقيلون (رئيس الاتحاد) يا حكومتنا، التي تفتقر للدراية والرشاد معاً؟.
٭٭٭
فرئيس الاتحاد تم اختياره في منصبه هذا عن طريق تزكية رؤساء الأندية الرياضية (المنتخبون) له، فهم الذين قاموا باختياره، فكيف ستقيلونه؟! هل سيتم اقالته عبر انتهاج أساليب مؤسسية أم (بالقوترة)! كما فعلتم مع الصحف و«الجناسي»!!
هل سيتم اتباع الطريق السليم عن طريق الدعوة الى جمعية عمومية لرؤساء الأندية الأربعة عشر أم وفقاً لقاعدة (كيفنا هذا بلدنا وهذا وقتنا لا رقيب ولا حسيب ونسوي اللي نبيه)؟!
اذا حدث هذا كما تبشر بذلك صحفكم الموالية فاننا نطالب أيضاً بحل هذا المجلس التعيس (المنتخب)، لأنه اذا كان الشيء بالشيء يذكر، فان هذا المجلس لم يحقق لنا الا الفشل والتعاسة والاحباط، ونحن نعتبره «مجلسا صوريا» لا يمثل الشعب الكويتي ومن ثم فانه يحق لنا المطالبة بـ(حلّه)!
الحل بطريقتكم سوس ينخر في عظام البلد.. وسوابق تتراكم على مدى الأيام والأزمنة واستمرارها يفتح باب الفوضى فلا يسد أبداً، وهذا ما نتوقعه للأسف، الا اذا لم يكن يعني لكم شيئاً وأن تتوقف الرياضة الكويتية عن المشاركة الدولية فهذا موضوع آخر!
أقول في الختام لرئيس مجلس الأمة: «تذكر دوماً ان الدنيا يوم لك ويوم عليك، وأن الدوائر تدور على الجميع ولن ترحم أحدا.. تذكر هذا وأنك من «جيرت» البلد كلها من أجل ان تقتص من خصومك وتنتقم منهم.. وسجلت بهذا سوابق لم يسجلها تاريخنا الحديث.. لذا تذكر ان الدوائر تدور»!!
٭٭٭
كلمة أخيرة..
أوجهها الى رئيس الاتحاد الرياضي وطاقمه، أتمنى عليكم ان تتحملوا مسؤولياتكم بالفعل، عن كل الخسائر التي منيت بها لعبة كرة القدم خلال السنوات الماضية، وأن تقدموا بأنفسكم استقالاتكم لأنكم اخفقتم في الاضطلاع بأعباء مهمتكم ولم تكونوا على قدر المسؤولية التي أوكلت اليكم!!
.. والعبرة لمن يتعظ!!
منى العياف
alayyaf63@yahoo.com
twitter@munaalayyaf