جبل وراه.. رسالة إلى سعادة رئيس مجلس الأمة الشرعي
جبل وراه..
رسالة إلى سعادة رئيس مجلس الأمة الشرعي السيد/ أحمد عبدالعزيز السعدون المحترم
سعادة الرئيس، أود بدايةً أن أقول إن تاريخ أي إنسان مهما علا شأنه يبقى تاريخاً من الماضي، والتاريخ مهما عظم فلا يمكن أن يكون عذراً لسوء الفعال او سبباً لها، وتاريخك السياسي يا سيدي الرئيس امتد لعقود تخللتها إنجازات كثيرة وكبيرة ولكنه لا يخلو من الهفوات والإخفاقات أيضاً، فمن تلك الهفوات بدعة إعادة التصويت على قانون المديونيات الصعبة تحت ذريعة أن المجلس سيد قراراته وكأن أعضاء المجلس ملائكة منزهين غير خاضعين للقوانين واللوائح المنظمة لعملهم. ومن تلك الهفوات يا سيدي الرئيس مساهمتك بإسقاط استجواب النائب حسين القلاف لوزير الداخلية محمد الخالد بإحالته للجنة التشريعية وهو ما جر علينا الويلات في مجلس 2009 وكذلك بدعتك في تأجيل الاستجوابات. وعلى رأس هفواتك سيدي الرئيس رعايتك لقانون محاكمة الوزراء وهو قانون مخالف صراحةً للدستور، هذا القانون ومنذ إقراره أصبح ملاذاً لسراق المال العام وحصنهم الحصين الذي يحميهم من المساءلة القانونية وقد احتمى بهذا القانون وقبل الجميع علي الخليفة عن سرقته للناقلات واحتمى به أيضاً ناصر المحمد من قضايا الإيداعات والتحويلات وكذلك أحمد الفهد وعلى الجراح وآخرون، فيا سيدي من هم الحماة الحقيقيون لسراق المال العام؟
سأكتفي بهذا القدر من الهفوات وأقول إن كنت قد كرست هذه الممارسات السيئة عن سوء نية فتلك مصيبة وإن كانت عن حسن نية فالمصيبة أعظم. أما إخفاقك الأعظم فقد تجسد بإغفالك عن قصدٍ أو دونه تكليف محامي مجلس الأمة للدفاع عن المجلس وبيان وجهة نظر مجلس الأمة بصفتك رئيسه او محاميك ليدافع عنك وعن المجلس وبيان وجهة نظرك كخصم بصفتك نائب عن الدائرة الثالثة بالطعن الذي أبطل مجلس 2012 الأول.
وحتى لا نضيع في دهاليز الماضي دعنا نركز في الحاضر سيدي الرئيس، فحاضرنا اليوم مثير للشفقة، فقد خسرنا الكثير من مكتسباتنا والأسباب كثيرة ولن ألقي باللوم عليك سيدي الرئيس، ليس وحدك على الأقل، ولكن حراكنا الشعبي الجاد الطامح للإصلاح بعيداً عن حسابات الانتخابات ولعبة الكراسي بدأ في 2009 فما الذي أضفته أنت للحراك منذ ذلك اليوم وحتى الآن؟
ما أراه ويراه غيري من الشباب أنك حرصت خلال تلك الفترة على محاربة كل صوت برز ينادي بما لم تستطع أنت بحساباتك المعقدة أن تنادي به، فقد حاربت الشباب والكتّاب بل وحتى النواب الذين فاق سقف طموحهم وخطابهم سقف شجاعتك، لم تساير الشباب يا سيدي الرئيس إلا لمراحل محدودة دعتك فطنتك السياسية خلالها أن ترتدي وشاح المعارض الصلب، واستغليت حاجة الحراك لتسمية قائد صوري يكون بمواجهة السلطة ورحت توزع صكوك الولاء على من تريد ووصفت كل من يختلف معك بالمندس والعميل والمخرب والسمسار.
كيف تجرأت أن تصف حساب كرامة وطن بالمخربين؟ وهم الذين تعرفهم جيدا واجتمعت معهم بديوانك قبل انطلاق اول مسيرة، كيف أصبحت ترى أن مسلم البراك أخطأ عندما قال “لن نسمح لك” وتخليت عنه وزملاءه الصواغ والداهوم والطاحوس؟ كيف أصبح أعظم خطاب في تاريخ الكويت السياسي الذي خلا من مجاملات المعارضة التقليدية خطأً استراتيجياً؟ ثم عن أي استراتيجية تتحدث؟ وهل يمكن أن نسمي انتظار القضاء والقدر استراتيجية؟
يا سيدي كانت ومازالت قضيتنا قضية وطن ومستقبل أمة، خصمنا الوحيد هو السلطة وحلفاؤها، فأخبرنا من هو خصمك؟ فبالآونة الأخيرة أصبحنا نرى قنابلك – وإن كانت صوتية فقط – موجهة نحو محمد الجاسم وخالد الفضالة وأياد الخترش وناصر عايد المطيري وحساب كرامة وطن وائتلاف المعارضة ومعهم حنقك على مرزوق الغانم ودندنتك على أوتار سراق المال العام الذين برأتهم “هفواتك”. والأسوأ من هذا وذاك طعنك لسعد العجمي زميلك في الحركة الشعبية (حشد) على أثر سحب جنسيته من السلطة الغاشمة فرحت تلمز عن شروط العضوية في حشد وحالات سقوطها تلقائياً وليتك امتلكت الشجاعة لقولها صراحةً أو طلبت اجتماع لمناقشتها كما يليق بمقامك.
وعلى ذكر اللمز يجب أن تكون لنا وقفة، ففي ظل سلطة جائرة وقضاء مسيس جميعنا نفهم ضرورة “الدفان” عند انتقاد أفعال (السلطة) أو بعض (السلق الي حدر التلفون)، ولكن ما هو مسوغك للمز شباب ومكونات المعارضة؟ ولم استمرأت الهمز برموز سخيفة من قَدَّم في السنوات الأخيرة تضحيات تُقزّم تاريخك الطويل؟ هل السبب أنك تحتاج لخط رجعة والهروب من أقوالك إذا ما سُألت؟ ألم تلحظ يا سيدي الرئيس أن أحداً ممن تلمزهم وتلمزهم لم يرد عليك إساءتك بمثلها؟ ألم تتأمل في ردود خالد الفضالة وعبدالوهاب الرسام عليك؟ ألم تستح من رئاستك لكتلة الأغلبية التي جمعت المصلح بالمفسد واحتوت على المندسين والسماسرة إلى جانب من دفع ثمن وقوفه بوجه الفساد وكشف مكامنه؟
سيدي الرئيس يجب أن تعي أننا نعيش بزمن لم يعد فيه أسرار وأن البعض يعلم عن المعلومات التي يمدك بها المقربين من السلطة مثل جاسم، والكثير منا لاحظ أنك بعد زيارة المقربين من احمد الفهد ومنهم ناجي توقفت عن كتابة “الإسطبل والصليبية” بتغريداتك، سيدي لقد وَلى زَمن “إني أعلم ما لا تعلمون” والتلويح بأظرف فارغة وحقائب لا تحوي إلا الهواء، لم تعد هذه الحيل تنضوي على شباب وقف يردد بساحة الإرادة بعلو الصوت “لن نسمح لك”، شباب قال لناصر المحمد ارحل حتى جعلها حقيقة.
ختاماً هناك كلمة حق يجب قولها، لقد فوّت فرصة اعتزال العمل البرلماني والتحول إلى أباً روحياً لمسيرة الإصلاح بعد إبطال مجلس 2012 الأول، سيدي الرئيس نحن نبحث عن بداية جديدة وأنت تبحث عن نهاية مشرفة، وإذا كان أعضاء الأغلبية بكل ما أوتوا من جرأة وصراحة وبمن قال للأمير لن نسمح لك وبمن كشف رشاوى ناصر المحمد وبمن جعل لحدس موقف إذا كان كل هؤلاء لم يتجرؤوا على قولها بوجهك فسأقولها أنا: سعادة الرئيس كفيت ووفيت.